الأربعاء 02 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة ستار

"عمر".. أغنية الحب والخيانة

ينتصر للمقاومة.. ويقاوم التخلف

الفيلم الفلسطيني
الفيلم الفلسطيني «عمر»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تخصصت قاعة عرض «زاوية»، بسينما أوديون، في عرض الأفلام المظلومة تجاريًا، أو تلك التي لا تجد فرصة حقيقية في العرض بشكل واسع، لتتحول «زاوية» منذ انطلاقتها في ٢٠١٤ بمبادرة من المنتجة ماريان خورى إلى قبلة لعشاق الأفلام المستقلة، والأفلام التي يصعب العثور عليها في دور العرض الأخرى، سواء كانت روائية أو وثائقية طويلة أو قصيرة.
ومن بين نشاطاتها الأخيرة، عرضت «زاوية» الفيلم الفلسطينى «عمر»، الفيلم من إنتاج ٢٠١٣، بطولة آدم بكرى، وليد زعيتر، ليم لوبانى، إياد حورانى، وسامر بشارات، وسيناريو وإخراج هانى أبو أسعد، صاحب فيلم «الجنة الآن»، أول فيلم عربى يصل للترشيحات الرئيسية لأوسكار أفضل فيلم أجنبي.
«عمر»، مثل «الجنة الآن»، حصد مجموعة كبيرة من الجوائز الدولية وتوجها بالترشح للأوسكار. وهو يدور حول قصة حب مستحيلة بين عمر (آدم بكري) ونادية (ليم لوباني)، على خلفية الاحتلال الإسرائيلى والجدار العازل. قصة حب قوامها الرسائل واللقاءات المختلسة، فالخبّاز الشاب عمر يعمل نهارًا، ويتمرن ضمن فصائل المقاومة ليلًا، بل وينفذ عمليات لاغتيال الجنود الإسرائيليين، وبذلك لا يخفى الفيلم رسالته وانحيازه الأيديولوجى، والذي يصل حد القتل، وهو يقدم لذلك كل المبررات الدرامية، وينتقى من بين ممارسات الاحتلال ما يشكّل ذريعة منطقية لتبادل العنف، فالسجون الإسرائيلية تعج بالمعتقلين الفلسطينيين، ومنهم عمر الذي سقط في قبضة ميليشيات «المستعربية». وفى السجون الإسرائيلية يورطه الضابط الإسرائيلى رامى (وليد زعيتر) ويصنع منه عميلًا مزدوجًا، بعد أن يبتزه بفضح علاقته بحبيبته نادية التي هي شقيقة قائده في المقاومة (إياد حوراني).
فيلم «عمر» يناقش قضايا: الحب، الاحتلال، الولاء، الخيانة، والحياة السرية لأفراد المقاومة. ولا يخلو من مشاهد المطاردات والاشتباكات المسلحة والقتل، وقد تفوق أبو أسعد وفريقه في تجسيد مشاهد الإثارة والحركة تلك، والمفاجئ في الأمر أن التصوير كاملًا تم داخل الأراضى الفلسطينية، وخرج بشكل ملفت ومميز، ومؤخرًا حصد مدير التصوير إيهاب عسل جائزة الضفدع الفضى في مهرجان (كامير إيمدج الدولى للتصوير السينمائى في بولندا).
الرسائل.. المسافات
الرسائل التي يتم تبادلها خلسة أيضًا، هي وسيلة تواصل بين عمر ونادية. الرسائل بكل ما تحمله من ميراث وعمق ودلالات، الرسائل تجسّد سطوة المسافات، سواء كانت حقيقية أو مجازية. وهى رسائل تعكس الواقع الفلسطينى المغترب عن نفسه. هي إشارة للمسافة بين الفلسطينى ونفسه (قطاع غزة - الضفة الغربية)، الفلسطينى والعرب المحيطين به، الفلسطينى والإسرائيلى، وهذا الأخير تم تقديمه مجردًا من بعده الإنسانى، فهو مجرد آلة قتل أو سلب أو اعتقال، قيد أو طوق يكبّل الوجود الفلسطينى ويشطره ويسحقه. جاءت معظم الكادرات ضيقة: أزقة، وشوارع جانبية وجدار عازل يكسر مشهد الأفق، الحب مختلس في غفلة من الزمن، يحدث ذلك في الممرات المعتمة، والكادرات المتسعة لا تأتى إلا في سياق نزهات الأصدقاء في البرية، حيث السهول المنبسطة حول المدينة، أو في مشاهد تدريبات فريق المقاومة، حيث الغابات والمعسكرات في سفوح الجبال المحيطة. لا أفق إذن إلا في الصداقة، والمقاومة، أما الحب فمختنق بقيد الاحتلال والعادات الاجتماعية المحافظة، والحياة والعمل كذلك مقيدان بشروط السوق والظرف الاقتصادي. ربما كانت قدرة هانى أبو أسعد على استخدام أدواته بهذا الإحكام، وتوظيفها بالضبط في الموضع الأمثل لها، هي العامل الأبرز في خروج فيلم «عمر» بهذا الإحكام، بلا ترهلات، بلا مشاهد فائضة عن الحاجة. لذلك، ورغم انحيازه الأيديولوجى الواضح، وانتصاره للمقاومة المسلحة بشكل صريح، حصد الفيلم مجموعة كبيرة من الجوائز مثل ترشحه ضمن القائمة النهائية للأوسكار بخلاف حصده لجوائز: (المهر العربى لأفضل فيلم روائى من مهرجان دبى السينمائى الدولي)، (النقاد بقسم «نظرة ما» في مهرجان كان السينمائي)، جائزة (أفضل فيلم ضمن جوائز آسيا الباسيفكى السينمائية)، جائزة (لجنة تحكيم الشباب في مهرجان جنت السينمائى الدولى ببلجيكا)، وجائزة (الجمهور لأفضل فيلم في مهرجان ليالى أفلام حقوق الإنسان بإيطاليا)، وجائزة (التانيت الذهبى لأفضل فيلم روائى طويل). كما نال مخرج الفيلم هانى أبو أسعد جائزة أفضل مخرج ضمن جوائز جمعية نقاد السينما الآسيوية، وجائزة المهر العربى لأفضل مخرج فيلم روائي.

النسخة الورقية