الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ثقوب في جلباب المرشد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انقلاب داخل جماعة الإخوان الإرهابية.. شباب الجماعة يختارون طريق داعش وجبهة النصرة.. والقادة يريدون طريق العودة للسياسة على غرار ما حدث عقب إخراج السادات لهم من السجون.. تلك هي العناوين الرئيسية للصراع الجديد الدائر بين جناحين داخل الجماعة أحدهما تمرس على العنف ولا يرى له بديلا، وآخر يريد العودة للحياة ولا يزال يحلم بالسلطة.
ثقوب جديدة في جلباب المرشد محمد بديع القطبي الذى جر الجماعة إلى العنف الظاهر بعد عزل مرسى، بعدما ظل العنف محفوظا في قلوب جماعة البنا خوفا من تصنيفهم كإرهابيين ليحافظوا على انتشارهم حول العالم.. وتواصلهم مع مؤسسات صنع القرار في أوروبا وأمريكا باعتبارهم "اللايت فيرجين" الإسلامي.
نحن أمام تطور مهم في جماعة تتصدع منذ سنوات طويلة، وجاءت أحداث يناير لتؤجل صراع الأجيال داخلها.. إضافة إلى انضمام العديد من الكوادر السلفية التكفيرية وشباب ينتمون للجماعات الإسلامية إلى الجسم التنظيمي للجماعة عقب 30 يونيو ليشاركوا في العمليات الإرهابية، وقتل رجال الجيش والشرطة، وتهديد القضاة، ولا علاقة لهم بالسياسة أو فن التعامل مع الدولة التي تمرس عليها القادة عبر سنوات التفاهم التي امتدت منذ ظهور البنا.
كان الكاتب الراحل عبدالله كمال أول من أشار صراحه إلى صراع الأجيال داخل الجماعة حين كتب في أغسطس 2011 عن تأثيرات الفعل الثوري في 25 يناير على الجماعة، وقال إن لهذا التأثير وجهين.. الأول داخل الإخوان أنفسهم.. والثاني من حولهم.. فيما يخص داخل الجماعة، فإن جيلا جديدا بدأ المناداة بالإصلاح الداخلي، ما يعرف باسم شباب الإخوان.. ثم حاولت قيادة الجماعة تكتيكيا أن تبدي قدرتها على التفهم لمطالب أولئك الشباب الإخواني.. لكنه تفهم إعلامي وليس موضوعيا، مضيفا لقد هبت عاصفة الفعل الثوري على الجماعة بدورها.. وهذا في حد ذاته ليس حسبما ما يعتقد البعض أنه مناورة.. إذ إن له جذورا واضحة خلال السنوات الخمس الماضية، وبدأ بمدونات عربية وإنجليزية كتبها الشباب الإخواني.. وهو الآن يعكس أمورا مختلفة.. منها: صراعات جيلية على المستوى المفاهيمي والتنظيمي، هذا كسر علني لقاعدة السمع والطاعة التي بني عليها التنظيم.. وهو في حد ذاته مؤثر جدا، ويؤكد أن المستجدات لا يمكن لها أن تعود إلي الخلف.. في نهاية الأمر بدأ المرشد الذي يقبِّل الكبار يده تبجيلا يستمع إلى انتقادات لم تكن معروفة أبدا.. على الأقل علنا من قبل.. ويواجه جيلاً ليس مستعدا لأن ينحني لتقبيل اليد. 
هذا التنبؤ هو الذى يتحقق على الأرض الآن، فبمجرد كتابة محمود غزلان عن الالتزام بالسلمية صدر بيان "نداء الكنانة " الذي أصدره 120 شخصًا من أنصار التنظيم، والذى حرض على العنف ضد الدولة، واحتفى به شباب الجماعة وتزامنت مع فتوى إهدار دم القضاة، وسبقها إهدار دم الرئيس السيسي نفسه.. فيما تحولت خلايا الإخوان الإلكترونية إلى الدفاع المستميت عن الإرهابيين المتورطين فى القتل مثل قاتل أطفال الإسكندرية وخلية عرب شركس، وتعدت نسب الكتابات ما كان يكتب لتمجيد رئيسهم المعزول وقياداتهم فى السجون.
ولم يكتف شباب الجماعة الذى سيطر وانتصر فى معركته مع غزلان والحرس القديم بالرد على رسالته بل نشروا خبر استبعاده عن منصب المتحدث باسم الجماعة على أوسع نطاق، حتى لا يفهم أنه لا يزال يعبر عن خط الجماعة، وأن التغيير الذى أطاح بكل القيادات التاريخية للجماعة أصبح أمرًا واقعًا، وأن الشباب ذا التوجه "الداعشى" هو الذى يسيطر على الوضع، وقرر أن يختار الحل السوري في مصر!
هناك خطان للتحرك تنبئ بهما الأحداث.. الأول الاستمرار في " تثوير" الشارع والشباب عبر نشر أخبار الأزمة الاقتصادية والبطالة والتشكيك في قدرة الدولة على حلها.. والثاني التركيز على تضخيم أعمال العنف الذى يفتح الطريق أمام التدخل الدولي، وهو الخيار التركي للأزمة في مصر.. أردوغان يركز على تشويه السيسي والدولة المصرية.. ويعمل التنظيم الدولي على ملاحقه القادة الغربيين الذين يتعاملون مع النظام بغرض قطع الطريق أمام أي استثمارات أو مساعدات قادمة لمصر لتمديد الأزمة.. لتستعيد مصر مرة أخرى ذاكرة الفوضى، وتعود إلى حظيرة الخلافة العثمانية الجديدة بعد قتل التمرد على سلطانها.