الإثنين 30 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

اقتصاد

الاقتصاد المصري ينتظر 20 مليار دولار مساعدات خليجية إضافية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تلقت مصر حزمة من المساعدات المالية في يوليو 2013، عقب عزل الجيش الرئيس محمد مرسي يوم 3 يوليو الماضي، وقدرت هذه الحزمة بنحو 12 مليار دولار، وتعد هذه المساعدات واحدة من حزم المساعدات الكبيرة التي تلقتها مصر أكثر من مرة للخروج من أزماتها الاقتصادية .
فعقب هزيمة 1967 تلقى الاقتصاد المصري مساعدات عربية من الدول الخليجية وليبيا والجزائر بلغت قيمتها نحو 25 مليار دولار، وذلك منذ عام 1968 وحتى عام 1976، ثم توقفت المساعدات العربية للاقتصاد المصري بصورة كبيرة عقب توقيع مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل في عام 1979 .

وكانت حزمة المساعدات الكبيرة التي تلقتها مصر من دول عربية للمرة الثانية في عام 1991، بعد أزمة الخليج الثانية، حيث قدمت مصر دعمها لتحرير الكويت، فتم إسقاط ديون عربية مستحقة على مصر قدرت بنحو 7 مليارات دولار، كما حصلت مصر على مساعدات عربية في عام 1992 بعد أن ضربها زلزال.
وقدرت هذه المساعدات في ذلك الوقت بنحو 9.2 مليار دولار، وهو المبلغ الذي يحقق بشأنه مع الرئيس المخلوع حسني مبارك دون أن تسفر التحقيقات عن نتائج محددة .
إلا أن الجديد في ملف المساعدات الخليجية لمصر هو تصريح السفير السعودي بالقاهرة أحمد القطان، والذي تناقلته وسائل إعلام محلية في مصر قبل أيام، جاء فيه “,”إن بلاده تدرس تقريرًا قدمته مصر بشأن تفاصيل احتياجاتها المالية لدعم الاقتصاد المتداعي خلال العام المقبل“,”.

وأضاف القطان: “,”ما حدث الآن أن حازم الببلاوي رئيس حكومة مصر المؤقتة أبلغ الجهات المعنية الثلاث، المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات والكويت باحتياجات مصر للعام المقبل“,”.
عمق الأزمة
من الدلالات المهمة التي تعكسها تصريحات “,”القطان“,” أن الأزمة الاقتصادية في مصر من العمق، بحيث لا يصلح معها حزمة المساعدات الخليجية الأولى التي تم إرسالها عقب عزل الجيش محمد مرسي، والتي لم يمض عليها أكثر من شهرين، حيث تنوعت تلك المساعدات ما بين 6 مليارات دولار كودائع بالبنك المركزي المصري، و3 مليارات دولار كمنح لا ترد، و3 مليارات أخرى في شكل النفط ومشتقاته، فاستمرار سياسات الدعم الحالية من قبل حكومة حازم الببلاوي، سوف يكلف الموازنة العامة للدولة مبالغ طائلة، وكانت الموازنة العامة للعام المالي 2013/2014 قد قدرت قيمة الدعم بنحو 152 مليار جنيه مصري، تشمل دعم الطاقة والمواد الغذائية الأساسية التي يستفيد منها الفقراء عبر ما يسمى ببطاقات التموين .
ولا تملك حكومة الببلاوي ترف الإعلان عن إلغاء هذا الدعم أو التخفيف من أعبائه، حيث لا تسمح الظروف السياسية حاليًا بالمساس بهذه القضية، فضلًا عن أن النشاط الاقتصادي الذي يعاني من الركود وتراجع العديد من الأنشطة الاقتصادية بسبب عدم الاستقرار السياسي والأمني، وحظر التجوال، يغُل من يد الحكومة في التفكير في فرض ضرائب جديدة .

ومن جانب آخر، فإن التوجه للاقتراض من الخارج عبر المؤسسات الدولية، بات صعبًا حيث أغلقت أبوابه في وجه مصر بعد إعلان رئيسة صندوق النقد الدولي “,”كريستان لاجارد“,” بأن الصندوق لا يمكنه التوصل لاتفاق مع مصر في ظل وجود حكومة انتقالية، ويعد التوقيع على اتفاق مع صندوق النقد الدولي البوابة لحصول مصر على قروض خارجية من المؤسسات الإقليمية والدولية .
وأدى موقف صندوق النقد الدولي تجاه مصر عقب عزل الجيش محمد مرسي يوم 3 يوليو، إلى تغير في طبيعة تصريحات وزراء بالحكومة المصرية، مثل وزير المالية أحمد جلال، الخبير السابق بالبنك الدولي، والمعروف بليبراليته، والتي أعلن مؤخرًا فيها عن عدم حاجة مصر لقرض صندوق النقد الدولي الآن، لأن المخرج للاقتصاد المصري هو سياسات توسعية وليس السياسات التقشفية التي يفرضها الصندوق .
تصريحات “,”جلال“,” تتنافى تمامًا ما صرح به الوزير في بداية توليه حقيبة وزارة المالية في حكومة الببلاوي، والتي اعترف فيها بأهمية حصول مصر على قرض الصندوق، ثم خفف منها وقال إن قرض صندوق النقد الدولي هو أحد الحلول .
مارشال وأخواتها
نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولي د. زياد بهاء الدين، صرّح بأن الاقتصاد المصري بحاجة إلى خطة مارشال تمولها استثمارات خليجية، غير أن تصريحات السفير السعودي أحمد القطان، تتحدث عن حزمة مساعدات، قد تكون الاستثمارات الخليجية جزءًا منها، ولكن هل الحزمة الثانية من المساعدات الخليجية المنتظرة، سوف يكون مصيرها نفس التوظيف الاقتصادي لحزمة المساعدات الأولى؟ .
إن هذه السياسات التي تتبعها حكومة حازم الببلاوي، تعكس مجموعة من السلبيات التي سوف تنعكس على أداء الاقتصاد المصري ومستوى المعيشة للمجتمع المصري، ومن هذه السلبيات ما يلي :
1- أن جزءًا من هذه المساعدات يأتي في شكل قروض سوف تسدد إن عاجلًا أو آجلًا، وإن أخذت شكل ودائع بالبنك المركزي المصري، وهو ما يعني زيادة حجم الدين العام الخارجي لمصر، والذي تجاوز حاجز الـ 44 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي وفقًا لمحافظ البنك المركزي المصري هشام رامز، ثم إلى 50 مليار دولار عقب إضافة القروض الخليجية الأخيرة البالغ قيمتها 6 مليارات دولار، وعلى ما يبدو فإن توجه حكومة الببلاوي للاقتراض خليجيًا بعد أن وصل الاقتراض من الجهاز المصرفي المصري ومؤسسات التمويل المحلية الأخرى حدًا يمثل مزاحمة حقيقية من قبل الحكومة للقطاع الخاص، وهو ما يؤدي إلى انخفاض الاستثمارات، وزيادة البطالة .
2- من جانب آخر، فإن التوجه بزيادة حجم احتياطي النقد الأجنبي البالغ 18.8 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي عبر ودائع خليجية أو غيرها، وليس من موارد حقيقية، أظهر أن الحكومة مازالت تمارس سياسة حماية سعر الصرف، من خلال إظهار الاحتياطي الأجنبي من خلال الودائع وليس من خلال الموارد الذاتية مثل عوائد الصادرات أو السياحة، أو المصادر الأخرى، فالبنك المركزي يمارس آلية المزاد على سعر الدولار للبنوك العاملة في مصر، سواء في المزاد الدوري الأسبوعي الذي تتراوح قيمة طرحه ما بين 40 مليون دولار و50 مليون دولار، أو المزادات غير الدورية لتمويل السلع الأساسية من غذاء ودواء ومستلزمات إنتاج .
3- ثمة إجماع على أن مصر تعاني أزمة تمويلية منذ ثورة 25 يناير، ولكن الجديد هو حالة الركود التي يعاني منها الاقتصاد المصري الآن، من خلال حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني، وقد أصيب الاقتصاد المصري في مقتل بفرض حظر التجوال، حيث إن قطاع الخدمات يمثل جزءًا كبيرًا من قيم وحجم الناتج المحلي الإجمالي لمصر .
وتقدر نسبة مساهمة قطاع الخدمات في الناتج المحلي بنحو 52 %، أو أقل من ذلك بقليل، كما أن تعطيل وسائل النقل الخاصة والعامة، أو المقاهي والمطاعم، وبخاصة السياحية منها أثر بشكل كبير على أداء الاقتصاد المصري، منذ فرض حظر التجوال، فضلًا عن انخفاض معدلات أداء قطاع السياحة بشكل عام، منذ بدء حالة التوتر السياسي عقب الخطوات التي أقدم عليها الجيش في 3 يوليو 2013 .
إن التفكير في خروج حقيقي للاقتصاد المصري من أزماته، لن يكون عبر المساعدات، أيًا كان مصدرها خليجيًا أو غربيًا، ولكن في فك أسر الاقتصاد المصري من المعضلات التي تلم به منذ فترة، وسوف تكون هناك فاتورة كبيرة سيتحملها المجتمع، ولابد أن تكون الحكومة التي تقوم على هذا الأمر في مقدمة دافعي قيمة هذه الفاتورة .
ولن يكون هناك حل حقيقي لمشكلات الاقتصاد المصري دون الوصول إلى حالة من التوافق السياسي، وهو الأمر الذي طرحه منذ أيام وزير المالية بحكومة الببلاوي أحمد جلال .
إمكانية استمرار الدعم الخليجي
في ظل وجود نوع من الخلل وسوء التقدير لما ستكون عليه الأمور في مصر عقب عزل الجيش الرئيس محمد مرسي، أسرعت السعودية والكويت والإمارات بالتعهد بتقديم حزمة المساعدات، والتي سوف تستغرق عامًا كاملًا لتستفيد منها البلاد من خلال دفعات بقيمة 12 مليار دولار، ولكن التداعيات السياسية التي أعقبت الخطوات التي أقدم عليها الجيش من عزل الرئيس وحل مجلس الشورى وفرض حالة الطوارئ وحظر التجوال، جعلت هذه الحزمة من المساعدات، ذات مردود ضعيف، إذ أن عجلة النشاط الاقتصادي شهدت المزيد من التراجع والتعطيل، فضلًا عن التقييمات التي يشوبها الحذر والترقب لقرارات الاستثمار في مصر .
إن المراهنة على استمرار الدعم الخليجي تواجهه مجموعة من الاحتمالات، خاصة أن تصريحات السفير السعودي بالقاهرة لم تكن قاطعة بالموافقة على تقديم الحزمة الثانية من المساعدات، ولكنها كانت واضحة أن الأمر قيد الدراسة، وهو ما يعني الموافقة أو الرفض أو الموافقة بنسبة قد تكون صغيرة أو كبيرة .
وفي ظل هذه الأجواء يجب ألا ننسى أن الدول الخليجية تتبنى موقفًا معاديًا لنظام الأسد، وفي حالة توجيه ضربة لنظام الأسد من خلال أمريكا، أو إزاحته عبر الطرق السياسية، فستجد دول الخليج نفسها أمام استحقاق لمساعدة سوريا، أو تجد نفسها مجبرة لسداد جزء من فاتورة ضرب أمريكا لسوريا، وهو ما لمسناه في أزمات الخليج الثانية والثالثة، وبالتالي فإن احتمالات التراجع النسبي في تقديم مساعدات خليجية لمصر قائمة، ويجب ألا تعول عليها كثيرًا .
الأناضول