عقب تصريحات جون كاسى، السفير البريطانى، عن قبول موظفين جدد من أولاد عاملى النظافة، فى إشارة إلى أزمة وزير العدل المستقيل، أطلق نشطاء عديدون هاشتاج بعنوان اطردوا السفير البريطانى، ردًا على ما اعتبره البعض تدخلًا فى الشئون المصرية، المصريون يشعرون بحساسية مما يقوم به البريطانيون وهو أمر طبيعي بعد احتلال دام 74 عامًا استولت خلاله بريطانيا العظمى على موارد وخيرات الشعب المصري ثم حاولت العودة عقب قرار التأميم وفشلت في بورسعيد.. الذائقة المصرية لم تقبل "استظراف" السفير، فغير معقول من بلد تحكمها أسرة حاكمة من مئات السنين وكانت حتى زمن قريب داعمة للفصل العنصري في جنوب إفريقيا ولديها رتب طبقية "اللورد" و"السير"، أن تنظر إلينا تلك النظرة أو أن تكون أزمتنا الاجتماعية مثارًا للتندر والسخرية في إعلان وظائف.. كثيرون وأنا منهم وجدنا في "تويتة" السفير محاولة للنيل من دولة ثورة يوليو التي أخرجت البريطانيين من مصر، وألغت الألقاب والرتب الاجتماعية وساوت بين المصريين.. فات على السفير "الخفيف" أن الأزمة انتهت بتخلي وزير العدل عن منصبه في استجابة سريعة هي الأولى من نوعها لغضب شعبي عارم صاحب تصريحاته.. الرجل استقال قبل أن يخرج مصري واحد للشارع، أو تشتعل معارك فضائية في ساحات "التوك شو".. لم تمارس السلطة أي عناد بعدما استشعرت حالة الغضب وانتهى الأمر بسلاسة شديدة لينتصر الغضب الفيسبوكى على وزير العدل، أحد وزراء السيادة الذين يختارهم الرئيس بنفسه.. يعطى جون كاسى منذ تعيينه سفيرًا في مصر انطباعًا لكل مَن يتابعونه أنه ناشط حقوقي أو موظف في مؤسسة إغاثة، فكل تحركاته الإعلامية لأنشطة مجتمعية، يتنقل بين المحافظات ويقابل البسطاء من عامة الشعب ويعطى تصريحات مؤيدة للشباب، واتبع طريقة الدبلوماسية الخشنة مع الحكومة حينما أغلق أبواب سفارته وسفارات أوروبية أخرى بحجة ضعف الحماية عقب الإعلان عن تقرير عن التعذيب الذى ارتكبته بريطانيا والولايات المتحدة بحق معتقلي جوانتانامو، ثم عاد للدبلوماسية الناعمة في المؤتمر الاقتصادي الذى تحولت فيه بريطانيا إلى أكبر مستثمر في مصر بحوالي 12 مليار دولار وركزت فيها على ثروة مصر من الغاز والبترول.. والحقيقة أن مؤهلاته السابقة تؤكد أنه شخص غير عادى، فلقد كان مدير إدارة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا بوزارة الخارجية وقت اشتعال ثورات ما يسمى بالربيع العربي، وكان مسئولًا عن التواصل بين الولايات المتحدة وبريطانيا خلال الفترة من 2002 إلى 2005، كما عمل بالسفارة البريطانية في واشنطن، وبالتالي حضر قسمًا كبيرًا من الخطط التي وضعت لتغيير شكل الشرق الأوسط، وشغل منصب كبير المستشارين بالشئون السياسية لوزارة الخزانة في بعثة المملكة المتحدة لدى الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وهو حاصل أيضًا على وسام القديس مايكل والقديس جورج، والذى يتم منحه للرجال والنساء الذين يؤدون خدمات جليلة غير الخدمات العسكرية خارج بريطانيا، وتم تعيينه في مصر عقب تولى الرئيس السيسي مهام الرئاسة.. يمكن أن يتحدث السفير البريطاني في أي شيء ما عدا استعادة مصر لأموالها المهربة في بريطانيا والتي تبلغ 85 مليون جنيه استرليني (تعادل 850 مليون جنيه مصري).. والمجمدة لديها منذ يناير 2011 ولم تتعاون مطلقًا في استعادتها، كما تأوي معظم قيادات الحزب الوطني المنحل وجماعة الإخوان الإرهابية وجماعات متطرفة أخرى على أراضيها، وخرج منها مئات المقاتلين في صفوف "داعش" وأغلبهم نشأ في بريطانيا وعاشوا في "جيتوهات المسلمين" ولم يجدوا سبيلًا للحياة سوى مع عنف المتطرفين في مساجد بريطانيا، ووقفت التقاليد البريطانية العريقة ضد اندماجهم في المجتمع ومع الوقت تحاول أن تغير الصورة بتعيين وزير مسلم في الحكومة، وذلك سقف تطلعات المسلمين في بريطانيا رغم أنهم ثاني أكبر ديانة في المملكة المتحدة.. في اعتقادي أننا أمام نموذج جديد من لورانس العرب الذى صاحب الثورات العربية الأولى لصالح المخابرات البريطانية.. فنحن أمام سفير يُجيد اللغة العربية ويريد أن يكون مقبولًا لدى الشارع ولدى أوساط نخبة "تويتر" من أجل الوصول بسهولة إلى أهداف ستتضح مع مرور الوقت.
آراء حرة
اطردوا السفير البريطاني!!
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق