تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
كان التصور مركونا بذاكرتي منذ زمن ليس بالبعيد عن مستوى التفاهة والإسفاف التى وصلت إليه ثقافة الناس مدركا بشكل جيد طبيعة الأسباب والآليات التى تعمل على تمريرها والأهداف المرجوة من هذه النوع السام من الثقافة.. يومها لم أرد أن اقتحم أسوار التفاهة كي نقذفها ببعض الكلمات لعله يكون فيها بعض العلاج.. غير أن تسارع الأحداث.. وشهوة الظهور بالفسق الثقافي هذه الأيام حول ما عرف في الإعلام بتجميد حساب شركة للاعب الكره السابق محمد أبو تريكه قيل أنها تساهم في الأنشطة الإرهابية على يد بائعي الضمير والوطن، وما رافق ذلك من تراشق جعل الكلمة اليوم مسئولية وإبداء الرأي مهمة وطنية والكشف عن أصل الداء واجب والتخلي عنه ترك لأصول تحتمي بها القيم.. أما عن التصور المركون ... فقد نشأ حينما كنت أتناول شكل التركيز الجماهيري حول مجموعه من الأفكار والصور التى نستطيع منها معرفة المستوى والاتجاه الثقافي والقيمي ونستكشف بها طبيعة الذخائر التى تعيش برؤوس الناس وتمنحهم القدرة على مواجهة المخاطر في مستقبل تحيط به الألغام من كل جانب..!! وكانت النتيجة أننا أمه مستحمرة.. فرت من قسورة.. واستطاعت البلادة أن تستولي علينا عندما جعلت الناس تتحلق بجنون هستيري حول الملاعب ولا تلعب.. وحول اللاعبين الذين يكسبون من ورائها الملايين فيما تكسب هي العداوات التى تشق الأسر وتوقف الصداقات من النمو ويكسب الآخرون من أمراض الضغط والسكر أنواعا جديدة..!! وأصبحت فكرة الملاعب ملاذ سياسي يستخدمه صناع القرار في إلهاء الناس عن النظر لحقوقهم.. فتقام قمة كروية يوم غرق عبارة السلام.. ويدشن منتدى تنافسي عندما يريد السياسي أن يسرق أو ينام.. واستخدمت الملاعب في إذلال الناس وعواطفهم.. وصرفهم عن النضوج الثقافي المعرفي اللازم لهم حول ضرورات الحياة ومستقبل أوطانهم..!! سيقول البعض ولكن الغرب المتقدم يفعل ذلك.. وهو محق ولكنه فعلها بعدما بلغ مراحل الرفاهية والتطور.. وداس بنعليه فوق رؤوس أمم التخلف والضلال.. الذين قسموها حول فرق الكرة.. وفرق المذاهب والأفكار.. وتركوا التطاحن يصنع بها ما يشاء لها الماكرون..!! لست ضد الملاعب على كل حال.. ولكن ضد استخدامها في إلهاء الناس وضرب العداوات بينهم.. وضد استخدامها في إنتاج قديسين ومعصومين فوق القانون بحجة أنهم أولياء الشِباك والمستديرة فلا يخطئون.. فالعظيم في عيون الناس لا يعبر عن عظمة ذاتيه قطعية على كل حال بل إن خيال الناس هو من صنع عظمته.. فهو مدين للناس بتصورهم عنه ومدين للناس بأمواله التى ينعم بها وهم فقراء..!! وحال ذلك عندما تنحرف هذه الأموال عن طريق النماء لدروب القتل والفتك والإفناء.. فعلى الناس أن تطالب باليقظة وتأخذ في سبيل ذلك حظها من الدواء كي تحاكم المخطئين أيا كانوا بل وتقسوا حال الخطأ على من منحتهم ثقتها فطعنوها..!! لاعيب مطلقا في الانتماء الديني أو السياسي لأي مصري يشاء.. ولكنه مشروطا بألا يكون طريقا لإيذاء الناس والوطن.. فإن حدث سقط خياره وتوقفت مشيئته وأصبحنا جميعا أمام سطور القانون سواء بسواء..!! لا نريد غلبه للعواطف هنا على الحق ولا غلبه لمشاعر الانتقام هناك على العدل..!! علينا أن نعيد الاعتبار للاستقامة والموضوعية كي تأخذ طريقها الجدي بين صفوف معطلة كئيبة..!! رأيتها كذلك يوم تحلقت عيوني حول صوره للاعب الكرة محمد أبو تريكه وقد جمعت أكثر من ستة وعشرين ألف إعجاب في أقل من ساعة.. يتلوها حكمه طازجة للسيد المسيح عليه السلام بخلفيتها صور مخملية رطيبة تبهج النفس وتساعد مع سطور الحكمة على بناء إنسانية ذات شأن وقد تُركت على الرول بين العيون طيلة اليوم ولم تحصل إلا على ستة فقط من إعجابات المارة..!! ساعتها أدركت عمق البئر الذي استقر فيه شعب الملاعب.. وعرفت لماذا اليوم هو أمام القانون الذي يطالب به هائج لا يلوى على شيء سوى أن يكون القانون في خدمه أهوائه ويداعب محبيه ويغفر خطايا ربما تؤلم وطنا يعيش الجميع فيه..!! لنكن مع القانون ودولته.. ونساعدها على أن يمر القانون بين كل الصفوف بصوته منصفا وعنيدا.. ولننظر وننتظر.. فإذا جاءت الجاني براءة كان أحق الناس بها وتعززت نظرتنا إليه.. وإن أدين بوقائع وقرائن بينه نربأ بأنفسنا عن أن نكون تروس في آله تدوير الباطل والدفاع عنه..!! حتى هذه اللحظة.. علينا أن نعيد الاعتبار لحكمه المسيح التى مرت ونجعلها أولى من كل الصور.. وإلا فإن شعب الملاعب أمام الحق سينكسر..!