السبت 05 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

بالفيديو والصور.. "البوابة نيوز" تلتقي الأسطى «نوسة دوكو».. أول سيدة تعمل بدهان وصيانة هياكل السيارات بالأقصر.. تحلم بورشة وفرن ومستقبل أفضل لأبنائها الثلاث

الأسطى «نوسة دوكو»
الأسطى «نوسة دوكو»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بالرغم من أن مهنة دهان وطلاء السيارات من الحرف الشعبية، والتي لا يمتهنها سوى الرجال، إلا أن الأسطى "نوسة" كسرت تلك القاعدة التي تؤكد أن مهنة طلاء السيارات مقتصرة على الرجال، حيث مارست تلك الحرفة بمهنية عالية وتخطت كل الصعاب بالرغم من "كلام الناس"، خاصةً وأن المجتمع الصعيدي له عرفه وتقاليده الخاصة والتي دائمًا تقسو على المرأة بشكل خاص.

الأسطى «نوسة دوكو».. هي سيدة صعيدية أصيلة تعد أكبر مثال حي للمرأة المصرية العاملة، لم يتم إطلاق هذا الاسم عليها من فراغ فهي تعد أشهر صنايعية دوكو في قرية الدير التابعة لمركز إسنا جنوب الأقصر، هذا العمل الذي احترفته بقناعة خاصة ورضا تام لمواجهة ظروف الحياة الصعبة.

اسمها الحقيقي "أمينة جابر معوض" وتشتهر باسم الأسطى "نوسة الديب أو نوسة دوكو" تمارس حرفتها البسيطة في دوكو السيارات ودهنها وتصليحها، منذ ما يقرب من 4 سنوات من عمرها الذي لم يتجاوز 44 عاما، لم تلتفت لكلام الناس حول مزاولتها لتلك المهنة "الرجالية" واتخذت الأسطى "نوسة" من صيانة هياكل السيارات عملا لها بورشتها الكائنة في قرية الدير، مؤكدة "أن اللي هيبص على كلام الناس عمره ما هايفلح".


كان لزوجها دور كبير في تعليمها أصول هذه الحرفة حيث دفعها إصابة زوجها "حسن بدوي حسن"، 54 عاما، بمرض التليف الكبدي منذ أربع سنوات وكان يعمل في المهنة نفسها ولكنه لم يستطع مواصلة العمل في ورشته للدوكو بسبب الجهد التي يتطلبه العمل الأمر الذي دفعها إلى الخروج معه إلى العمل وتعلم أصول المهنة وفنونها حتى تساعده في عمله الشاق وأصبحت تعمل بالورشة في الصباح وفي أوقات الفراغ من العمل تحاول أن تنجز بعض الأعمال المنزلية.

وبالرغم من مصاعب المهنة في بدايتها وعدم تقبل المجتمع المحيط بـ"نوسة" لفكرة أن تقوم سيدة بمثل هذا العمل، وعدم ثقتهم الشديدة في أن تقدم لهم "نوسة" جودة مثل التي كان يقدمها زوجها الأمر الذي أدى إلى قلة عدد زبائن الورشة وأصبح دخلهم الشهري لا يزيد عن 900 جنيه كما أصبح لا يأتي للورشة أكثر من 3 سيارات شهريا بعدما كان يصلح زوجها نحو 12 سيارة شهريا.


ولكن هذا لم يعيق الأسطى "نوسة" على الإطلاق حيث بدأت العمل بالورشة الموجودة بمنزلهم المتواضع تحت إشراف زوجها وبمرور الوقت أثبتت نوسة كفاءتها في فن "الدوكو"، ووصلت مهارتها فيه إلى الحد الذي جعل الزبائن تطلبها باسمها ويبحثون عنها وتحول الاسم الذي أطلقه عليها المحيطون "نوسة دوكو" من نداء للمداعبة والاستهزاء والسخرية إلى نداء للافتخار الأمر الذي أسعد «نوسة» وأصبحت تفضل أن يناديها الجميع بهذا الاسم.

"البوابة نيوز" انتقلت إلى قرية الدير لمقابلة الأسطى نوسة بمنزلها الكائن بحري الكوبري الثاني بالدير على الطريق السريع والتعرف عن حياتها عن قرب وكان هذا اللقاء..

بداية قالت "أمينة" الشهيرة بنوسة: "تعلمت تلك الحرفة الصعبة لأساعد زوجي في عملي بورشة الدوكو الخاصة به لإني مكنتش عايزة أمد إيدي لحد ولا أشحت من حد، ومع الوقت تعلمت المهنة تدريجيا لمواجهة الظروف القاسية خاصة وأن زوجي يعاني من أمراض عديدة منها تليف الكبد والصفراء والدوالي على المرئ والزلال وبيتعالج بـ800 جنيه في الشهر، وبيقبض 208 جنيهات معاش تأمين عن والده".


ولفتت "أمينة" إلى أن بداية دخولها لذلك المجال كانت منذ 4 سنوات عندما وجدت معاناة زوجي مع المرض وعدم مقدرته على توفير العمالة التي تساعده في الورشة، وهو ما حفزها إلى إقناع زوجها بالدخول معه ومساعدته، مشيرة إلى أن زوجها رفض الموضوع بشدة في البداية خوفا عليها لخطورة المهنة على حياتها خصوصا أنها سيدة عادية وربة منزل وأم وزوجة في نفس الوقت وأضافت أنها مع مرور الوقت أسند لها زوجها عددًا من الأعمال والتي أنجزتها بجدارة وهو ما أقنع زوجها وجعله يوافق على استمرارها في العمل بالورشة.

"دايما بيشجعني ويقولي الله ينور يا اسطى"، هكذا عبرت "نوسة دوكو" عن مساندة زوجها لها بعد الانتهاء من العمل، مشيرة أنها تنتظر عودته يوميا ليعاين السيارة التي تنتهي من العمل بها قبل أن يأتي الزبون لاستلام سيارته وبعدين بتفرغ لشغل البيت وتربية بعض الطيور بحظيرة المنزل كي تساعدنا في المصاريف الشهرية وأيضا لإطعام العائلة نوعا من اللحوم ولو مرتين في الشهر"، موضحة أن لديها ثلاثة أبناء "ولدان وبنت" بمختلف المراحل التعليمية هم "حسام"، 17 سنة، الابن الأكبر في الصف الثالث الإعدادي الأزهري، ابنتها الوسطى "دنيا" 15 سنة، في الصف الثالث الإعدادي الأزهري، وابنها الأصغر "بسام" 14 سنة في الصف الأول الإعدادي الأزهري، ويعاني من مرض تليف الكبد أيضا.


وبرغم الانتقادات واصلت "نوسة" عملها وظلت تراعي زوجها المريض وأبناءها الثلاثة وحسب قولها: الحمد لله إحنا أحسن من غيرنا، أنا واحدة ست، لا بد أن أساعد زوجي، فالحياة لا تسير إلا بالتعاون وهكذا صارت حياتي، يوم حلو وعشرة مر ولكن دون أن أحتاج وأبنائي إلى من يساعدنا، واستطعت من خلال مهنتي أن أعلمهم وأحميهم من غدر الزمان.

ويقول حسن بدوي زوج بطلة قصتنا "الأسطى نوسة": لم أخش نظرات المجتمع و"الست اللي مبتعملش حاجة غلط ميهمهاش حد، وإحنا مش بنمد إيدينا لحد وفخور جدًا بزوجتي التي تغلبت على الرجال في عملهم، مشيرا إلى أنه كان في البداية خائفا عليها نظرا لخطورة المهنة ولكن مع ضيق الحياة وعدم وجود من يساعده وافق على مرافقتها لها في العمل مشيرا إلى أنه يقوم بإسناد أعمال شاقة إليها تقوم بإنجازها في أسرع وقت وبمهارة شديدة، مشيرًا إلى أنه لا يخفى قلقة وحرصه الشديد على زوجته في تلك المهنة خصوصا عند حملها لعدد من الآلات الصعبة كالصاروخ وماكينات التقطيع واللحام.


وعبرت دنيا الابنة الوسطى للأسطى نوسة عن فخرها بوالدتها مضيفة: أنا أتمنى أن أدخل كلية الطب واتخصص في علاج أمراض الكبد التي أصابت والدي وشقيقي الأصغر عشان انا اتكويت بسبب مرضهم وهفضل اذاكر ليل ونهار عشان أحقق الحلم".

وفي ختام لقائنا معها ناشدت "نوسة دوكو" الرئيس عبدالفتاح السيسي والمسئولين أن يساعدوها في امتلاك «فرن دوكو» في ورشتها الصغيرة كي يتم إنجاز العمل بشكل أسرع وتستطيع خدمة عدد أكبر من الزبائن ليزيد دخلهم حتى تستطيع توصيل أولادها إلى بر الأمان –على حد قولها- كما ناشدت المسئولين بتوصيل الكهرباء والماء إلى منزلها والحصول على عداد كهرباء وعداد ماء بمنزلهم الصغير لمعاناتهم بسبب عدم وجود كهرباء أو ماء بالمنزل.