تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
للوطن خبزي وخبزكم.. مائي وماؤكم، وحناني وحنانكم، وغلة الحقول والمراكب، وقوات الفراشات والعصافير، وعرق العمال والطلاب والفلاحين،، والصوم، والصلاة، والبعث، والنشور، والشهداء، وكل ما في الأرض والسماء، وأعماق المحيطات هو للوطن.. والوطن لبضعة لصوص“,”
كلمات للشاعر السوري محمد الماغوط، صدر بها الناقد والروائي مصطفى عبيد روايته “,”ذاكرة الرصاص“,” والصادرة مؤخرًا عن درا “,”كنوز“,” للنشر والتوزيع، عازفًا بها على وتر الغربة، وناقشًا بحروف من القلق والتوتر، مخطوطة من أدب الرحلات، في لغة رومانسية وشجية، بدأها بأسلوب خبري مباشر، متنقلًا بين أنواع البديع، ومخاطبًا الوطن، واضعًا في اعتباره ان هذا الوطن، هو وجعنا الموروث، كما قالت احلام مستغانمى، “,”أيها الوطن . يا وجعنا الموروث: لا تطرق الباب كل هذا الطرق فلم نعد هنا“,”
يقول عبيد في بداية “,” ذاكرة الرصاص“,”، على لسان رئيس تحرير الجريدة التي يعمل بها بطل روايته “,”ستذهب إلى الجزائر ضمن وفد من الصحفيين العرب المصاحب لبعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق. ستغطي نشاط البعثة وتجري لنا حوارات حول الإرهاب مع رموز المجتمع الجزائري.. جهز نفسك خلال أسبوع“,”
وفي موضع آخر يقول عبيد:
“,”كان هذا ما جرى.. فكر جبهة التحرير التي قدمت شهداء ودماء للحصول على الاستقلال في مواجهة فكر دخيل يعتمد على آراء سيد قطب التي تكفر كل من يخالفها. وقتها لم يكن لدينا بديل إنا الجزائر أو لا جزائر. لقد تعاملنا بتحضر مع خصمنا العنيد الذي يسمونه الفيس أو جبهة الإنقاذ. كل ما فعلناه هو تصحيح الوضع والتحفظ على قادة الجبهة دون إيذاء أحد خلعنا الشاذلي لأنه كان سببًا في تردي الأحوال.
الرواية التي تدور رحاها على صدى طلقات الرصاص، جاء على ظهر غلافها الاخير
“,”لا تقرأوا السطور التالية..
لا أمتلك الأدلة الكافية على إثبات صحتها، لكني انقلها لكم كما قدمتها لي مكتوبة فتاتي الجميلة “,”سليمة بركات“,” عندما سألتها عن مذبحة بن طلحة.
في ليل هادئ من صيف عام 1997 كانت القرية الهادئة التي لا تبعد عن عاصمة الجزائر أكثر من ساعة سفر تغط في نوم عميق.. كانت الأشجار السامقة تحيط بالقرية كحائط صد أمام الريح المقلق لتمتص جزء من برودة الطقس وتضفي على القرية غطاء من السكينة.. لا أصوات ليلية ولا نباح كلاب ولا ضوضاء مدنية تخرج الناس من سبات الأمان الذي اعتادوه عقودًا طويلة.. فالكل هنا يعرف الكل، ولا شخص غريب أو مجهول النسب أو الهوية.. البيوت متلاصقة كعلب كبريت متراصة في صفوف متوازنة بأحجام شبه متساوية، ويمكن بسهولة القفز من سطح بيت إلى آخر دون أدنى جهد.
في منتصف الليل تمامًا انقلب الظلام إلى نهار من خلال كشافات ضخمة لقاطرات عديدة أحاطت بالقرية في اصطفاف نصف دائري.. دوت صفارات الإنذار في القرية الساكنة ليختبئ الناس من الغازي المجهول ويتسلح من يمكنه الاشتباك فوق سطح بيته.. وجهت القاطرات كاشفاتها نحو القرية بعد أن هبطت عشرات الأجساد فارعة الطول تتمايل في سكر واضح.. كانوا يكبرون في هيستيريا مفزعة ليتجهوا إلى بيوت بعينها ويحطموا أبوابها، ويذبحوا سكانها بسيوف وسكاكين وفئوس غريبة الشكل..