الإثنين 30 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

"الأبواق الإعلامية لجماعة الإخوان" فشلت في توصيل رسالة البنا.. بداية من الصحف وصولًا للمدونات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ أن بدأت جماعة الإخوان المسلمين نشاطها على يد مؤسسها حسن البنا في عام 1928، واهتمت بنشر دعوتها عبر وسائل الإعلام في ذلك الوقت ومنها المنشورات والصحف والمجلات على سبيل المثال كأدوات متوفرة في ذلك الوقت.
لكن الأزمة دائمّا بقيت من عهد "البنا"، وحتى اليوم في أن رؤية الجماعة للصحافة والإعلام، جاءت قاصرة ومحدودة وغير قابلة للتطبيق بما يضمن حرية الإعلام، وتفعيل دوره في المجتمع، وتقترب هذه الرؤية من مفهوم ومكونات المخطط العام للسيطرة والهيمنة على الإعلام وتحويله إلى أداة دعوية ودعائية لصالح الجماعة، وهو ما يتعارض مع القواعد المهنية في الإعلام ورغبة الإعلاميين في تناول قضايا المجتمع والناس بحرية بعيدّا عن قيود التوجيه والرقابة ثم تحولت بعد سقوط الإخوان للتحريض على العنف.


"البنا" الصحافة سلاح لنشر الدعوة

اعتبر حسن البنا، أن أهم الوسائل التي يمكن من خلالها نشر الدعوة المزعومة، وكذلك وسيلة للضغط على الحكومة هي إنشاء الصحف ومن خلال ما يكتب فيها يمكن أن تتحقق الأهداف التي يرجوها.
ففي افتتاحية العدد الأول من جريدة "الإخوان المسلمون" عام 1946 كتب البنا أن "جريدة الإخوان"، وإن كانت صحيفة إخوانية فلن تكون خاصة بهم، أو وقفا عليهم بل ترجو أن تكون المنبر العام للهيئات الإسلامية، والجماعات الإصلاحية على اختلاف ألوانها وبلدانها، وترحب بكل ما يقدم إليها مادام متفقا مع خطتها ومنهجها".
وأضاف البنا: في موضع آخر من الافتتاحية: "سنحاول ما استطعنا ألا تكون جريدة الإخوان مقصورة على لون واحد من ألوان الغذاء الفكري والروحي، ما وجدنا إلى الاستيعاب سبيلا، فسيكون فيها دنيا ودين، وعلم وفن، وأدب ورياضة، وقصص وفكاهة، والقلوب تمل كما تمل الأبدان، فالتمسوا لها طرائف الحكمة ومن هنا كانت نقطة الإنطلاق نحو الترويج للجماعة.
ونصح البنا في مقال آخر بمجلة "الكشكول"، قريبة الصلة من الجماعة، بضرورة محاربة الحزبية بصورتها البغيضة التي ظهرت بها في مصر، ومحاربة الاستعمار، ومقاومة المبادئ الهدامة.
من هنا بدأت مراحل اهتمام الإخوان بوسائل الإعلام صحيح أن الدولة في فترات كبيرة لم تسمح لهم بذلك، حيث صودرت أعداد لمجلة الإخوان وأغلقت.. وبعد ثورة 52 يوليو حلت الجماعة وجرائدها فانتهت مرحلة من امتلاك المجلات والجرائد بشكل علنى.

التلمسانى على خطى مرشده

عندما سمح الرئيس السادات بعودة الإخوان المسلمين للحياة السياسية من جديد كان المرشد وقتها عمر التلمساني يبحث عن بوق ينشر به عودة الدعوة وضم شباب الإسلاميين من الجماعات بعدما انتشروا بشكل كبير وأيضا نشر أفكار الجماعة من جديد.
وعمل المرشد الثالث للإخوان على إدماج الصحافة والإعلام أيضا ضمن أهداف الدعوة، مما يعني مباشرة، على مستوى الخطاب المضمر، أن كل وظائف الصحافة والإعلام تخضع لمقتضيات الدعوة ومحاذيرها، وتتحول بالتالي الصحافة والإعلام والإعلاميين إلى مجرد أدوات لتنفيذ مراحل وسياسات الدعوة في عملهم وتغطيتهم الإعلامية، ومثل هذا الطابع الإدماجي للصحافة والإعلام في جهود الدعوة لجماعة الإخوان وتحقيق أهدافها، يقربها كثيرا من التوظيف السياسي والإيديولوجي للصحافة والإعلام في ظل النظم الشمولية ذات الإيديولوجيات المغلقة.
أسلوب تعامل الإخوان في كل الفترات لم يتغير بشكل كبير، حيث اعتمد على الشكل العقائدي في تناول الموضوعات ولم يكن به مهنية لكنه بوق يقول ما تريده الجماعة يحرض وغير ذلك، لكن مع قدوم سماء العالم الإلكترونى وجد شباب الجماعة أن طريقة الخروج من فشل التنظيم في وسائل الإعلام عن طريق استخدام الإنترنت بشكل بعيد عن الجماعة وربما هو ما سبب لها الحرج بشكل كبير خلال فترات كبيرة.

انطلاق الإخوان للفضاء

تسبب شاب الإخوان باستخدامهم للإنترنت والمدونات أزمة كبيرة في صفوف التنظيم دفعتهم لمحاولة إغلاق الباب أمام شبابهم عن تلك المدونات والاكتفاء بموقع الجماعة الذي تم إنشاؤه في هذا الشأن.
ويسرد الكاتب والباحث في شئون الإسلام السياسي الراحل حسام تمام قائلا: "تصاعد تأثير المدونات الإخوانية حتى غطى في تأثيره بل ومصداقيته أحيانا إعلام الإخوان الرسمي خاصة في الدوائر الغربية، وبزغ نجم المدونين الإخوان حتى تعامل معهم الإعلام العربي والغربي كرموز للإخوان وممثلين عن الجماعة في كثير من القضايا والأحداث (نقل فهمي هويدي في مقاله أكثر من مرة عن مدونة "متر الوطن بكام")، وصار المدونون رقما حتى داخل الجماعة (صار مكتب الإرشاد يتابع المدونات ويهتم بما تطرحه)، وهو ما ولد توترا في علاقة التنظيم بالمدونين الذي تعدل وضعهم في المجال العام دون أن يترتب عليه تعديل في وضعهم التنظيمي فكان التوتر سببّا في انفجارات تنظيمية أثارت قلقّا لدى المسئولين عن التنظيم."
"اضطرت الجماعة لسياسة البتر والمفاصلة مع المدونين الذين تجاوز سقفهم الخطوط الحمراء، ولم تفلح محاولات الاستيعاب أو الدمج أو الذين لم يعد فضاء الجماعة قادرا على تلبية طموحاتهم أو حركتهم كما في حالة عبدالمنعم محمود الذي انتقل من التدوين إلى العمل الصحفي معتمدا على تجربته في الإخوان وما أورثته من خبرة، فانتهت الجماعة إلى فصله منها وتعميم القرار على قواعدها بعدما تحول عبدالمنعم إلى الإخوان كموضوع لعمله الصحفي وليس كقضية يتبناها.
رفضت قيادات الإخوان رفضا باتا دعوة بعض شباب الجماعة لفتح منتدى على موقع إخوان أون لاين للتفاعل والتواصل مع القيادات، مما اضطر الشباب لإنشاء مواقع إلكترونية بديلة تتسم بمزيد من الصراحة والصدق.. ومنها ملتقى الإخوان الذي حاول تقديم نموذج في استقلالية التفكير، مما جعل الموقع يجتذب عشرات الآلاف من الزوار شهريا، ومورست عليه ضغوط عنيفة من قيادات الإخوان لدرجة أنه تم تغيير اسم الموقع لـ "الملتقى" فقط مع حذف إشارة انتمائه للإخوان.
ما أثير في هذه القضية كشف أن الجماعة مكتب الإرشاد يريد صوته لوحده وما يقوله هو فلم يمهل حتى شبابه أي فرصة للتعبير عن آرائهم.. وقتها فكر الإخوان في إنشاء مواقع خاصة بهم على الإنترنت مثل "إسلام أون لاين" وغيرها من المواقع ظلت تنشر أخبار تخصها حتى قدوم "فيس بوك" ومواقع التواصل الاجتماعى الأخرى.

إعلام الإخوان ما بعد الثورة "الفشل مستمر"

في مرحلة ما قبل ثورة يناير بسنوات قليلة بدأت الجماعة ولجانها الإلتكرونية تنشط وبشكل كبير على موقع "فيس بوك" والذي بدأ يأخذ حيزا من اهتمام الشباب المصرى وكعادة الإخوان فإن أي وسيلة تواصل تظهر لا بد أن يتعلموا عليها ويستخدموها لخدمة الجماعة طالما كانت بعيده عن انتقاد الجماعة والسلطة أو تنفيذ أي شيء ضد قرارات وسياسات الإخوان.
ومع ثورة يناير بدأ الحشد باستخدم "فيس بوك" حتى سقوط الرئيس وفتحت الأبواب أمام الإخوان فقررت وقتها عدم الاعتماد على قناة الجزيرة وإنشاء قناة فضائية لها تنشر أفكارها وتدافع عن قراراتها السياسية وبالفعل وقَّعت الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي، عقدًا مع الشركة العالمية للإنتاج الإعلامي، يؤجَّر بمقتضاه ستوديو جديد بالمدينة، وذلك لإطلاق فضائية الإخوان المسلمين "مصر 25"، وهي أول قناة تنطلق من المدينة بعد الثورة بتاريخ 27 أبريل 2011.
ولم تكتف الجماعة بذلك بل أنشأت جريدة الحرية والعدالة لتكون البوق السياسي لها وتسببت في العديد من الأزمات بسبب التحريض على المتظاهرين المناوئين لقرارات الإخوان سواء قبل وصولهم للحكم أو بعد وصولهم للحكم أيضا.
الملاحظ على تجربة الإخوان منذ البنا وحتى بعد ثورة يناير حين أتيحت لهم الفرصة لإنشاء القنوات والجرائد هو نفس الفشل في الإدارة وعدم قدرتها على الترويج لأفكارها وفى نفس الوقت تقديم صحافة أو مادة إعلامية وفشلوا في عرض أي مواد إعلامية رغم الإنفاق الكبيرة عليها لتواصل الجماعة سقوطها الإعلام الكبيروالذى استمر حتى بعد سقوطهم.

سقوط الجماعة حول قنواتها للتحريض على العنف

بعد سقوط الإخوان تحولت وسائله الإعلامية الفاشلة إلى التحريض للعنف ومعهم الجزيرة التي تحولت إلى ذراع إعلامية للإخوان وأنشأت الجماعة من تركيا وقطر العديد من القنوات الفضائية منها "الشرق ومكملين ورابعة والحوار مصر الآن واليرموك".
وباتت تلك الأذرع الإعلامية للجماعة، على خط القنوات المحظورة والمصنفة بالإرهابية المحرضة على العنف والقتال، فضلّا عن أنها تبث من دولتين هما الأكثر دعمّا للإخوان وللإرهاب في آن واحد وتقومان بالتحريض ضد مصر بصورة مباشرة، عن طريق هذه الفضائيات.