الأربعاء 23 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

إحياء اليوم العالمي للمياه 2015 تحت شعار (المياه والتنمية المستدامة)

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يحيي العالم اليوم العالمي للمياه 2015 في 22 مارس تحت شعار (المياه والتنمية والمستدامة)، حيث يتناول قدرة المياه على الربط بين جميع المجالات الضرورية لبناء المستقبل الذي نريده.
وتقع المياه في صميم التنمية المستدامة، وتعزز الموارد المائية والخدمات المرتبطة بها قضايا خفض الفقر والنمو الاقتصادي والاستدامة البيئية، كما تساهم المياه فى النمو الشامل لمليارات البشر من خلال توفير الأمن الغذائي والطاقة، فضلا عن صحة الإنسان والبيئة.
وتتزامن الاحتفالات هذا العام مع العام الأول من الخطة العشرية لأهداف الألفية الثالثة (2015 - 2025)، والتي جاءت تحت شعار (الماء من أجل الحياة)، وقد تضمنت الخطة العشرية الثانية لأهداف الألفية الثالثة إيصال المياه عبر صنابير المياه لما يقرب من ملياري شخص حول العالم يمثلون ربع البشرية لم تكن تصل المياه النقية إليهم لتكفي احتياجاتهم اليومية.
وبما أن غالبية هؤلاء الناس، الذين لم تصل إليهم المياه، هم في حزام العالم الفقير في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، فإن الدول الصناعية الكبرى قد تعهدت بمساعدات مالية تبلغ 60 مليار دولار لهذه الدول الفقيرة لمساعدتها في إيصال الماء لسكانها، وهو مبلغ جيد وسخي، إلا أن هذه الدول الكبرى لم تفي بوعودها لمساعدة دول العالم النامي، كما سبق وأن تعهدت بمبلغ مماثل للخطة العشرية الأولى لأهداف الألفية الثالثة (2005 - 2015) لكنها عمليا لم تسلم سوى 30% فقط من هذا المبلغ، وضاعت الوعود أدراج الرياح.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت القرار 47 / 193 في ديسمبر عام 1992 باعتبار يوم 22 مارس يوما عالميا للمياه، وكان أول احتفال بهذا اليوم في عام 1993، وأشار بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، في رسالته بهذه المناسبة، إلي أن اليوم العالمي للمياه يحل هذا العام ليسلط الضوء على ما للمياه من دور أساسي ومتشعب، وذلك على خلفية استعداد الأمم المتحدة لاعتماد خطة جديدة للتنمية المستدامة لما بعد عام 2015.
وقال بان كي مون "نحن نعتمد على المياه من أجل ضمان الصحة العامة وتحقيق التقدم العادل.. ولا غنى لنا عنها لتأمين الغذاء والطاقة، كما تشكل الأساس الذي يتوقف عليه سير مختلف القطاعات الصناعية موضحا أن تغير المناخ وتزايد الطلب على الموارد المائية المحدودة من قطاعي الزراعة والصناعة ومن المدن، وزيادة التلوث في كثير من المناطق كلها عوامل تساهم في التعجيل بحدوث أزمة مياه لا سبيل لمواجهتها دون وضع خطط وسياسات شمولية تشترك فيها مختلف القطاعات على كل من الصعيد الدولي والإقليمي والعالمي".
ومن أكثر المسائل إلحاحا في هذا الصدد، مسألة الحصول على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي.. فعلى الرغم من التقدم الذي أُحرز في إطار الأهداف الإنمائية للألفية المعتمدة في عام 2000، لا يزال نحو 750 مليون شخص (أي أكثر من شخص واحد من كل 10 أشخاص من سكان العالم) محرومين من إمدادات المياه المحسنة.
وتتأثر النساء والأطفال بوجه خاص من هذا النقص ليس فقط بالنظر إلى ما يخلفه من أضرار صحية في صفوف هاتين الفئتين، وإنما بالنظر أيضا إلى عدد الساعات التي تنفق هباء في عملية جمع المياه، وما يحف هذه العملية من مخاطر في بعض الأحيان.
وأوضح بان كي مون أن الإحصاءات المتعلقة بمجال الصرف الصحي تبعث على أكبر قدر من القلق، حيث لايزال نحو 2.5 بليون شخص يعيشون دون خدمات الصرف الصحي المحسنة، ويلجأ بليون شخص إلى ممارسة التغوط في العراء، مما يجعل الغاية المتعلقة بالصرف الصحي أقل الغايات نجاحا في سياق الأهداف الإنمائية للألفية، مضيفا أنه لن يكون بوسعنا ايجاد عالم يتمتع فيه الجميع بالكرامة والصحة والازدهار ما لم نعجل بالاستجابة لهذه الحاجة الملحة.
ويشكل تغير المناخ خطرا يهدد مستقبلنا المستدام، ولذلك تعمل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة جاهدة للتوصل إلى اتفاق عالمي هادف بشأن المناخ في شهر ديسمبر القادم بباريس.. وسيتعين على مدى السنوات القادمة خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بدرجة ملحوظة من أجل تلافي أسوأ الآثار المترتبة على تغير المناخ، ومنها تغير أنماط الطقس وخطر ندرة المياه في أجزاء واسعة من العالم.
وأكد بان كي مون علي ضرورة التصدي للتحديات العديدة المتعلقة بالمياه، حيث يتطلب الأمر منا العمل بروح من التعاون الملح وأن نتقبل الأفكار الجديدة والابتكارات، وأن نكون على استعداد لتبادل الحلول التي نحتاجها جميعا من أجل مستقبل مستدام، فذلك هو السبيل الوحيد صوب القضاء على الفقر والنهوض بالعالم وحماية البيئة والصمود في مواجهة خطر تغير المناخ.
ويعد الماء عنصرا أساسيا للحياة، وهو القاسم المشترك بين جميع التحديات التي تفرضها عملية التنمية المستدامة، ويتيح تحسين الانتفاع بالمياه في تحسن صحة الأمهات، وخفض عدد وفيات الأطفال، كما يحافظ على البيئة.
ويجب علينا أن ندرك على نحو أفضل أوجه التفاعل المعقدة بين مختلف الموارد المرتبطة بعضها ببعض كالماء والغذاء والطاقة، وعلينا أن نقر باستحالة إدارة هذه الموارد بطريقة مستدامة إذا ما عالجنا كل مورد منها بمعزل عن الموارد الأخرى، حيث أن خيارات الانتاج التي تتخذ في أحد القطاعات تؤثر في القطاعات الأخرى تأثيرا إيجابيا أو سلبيا.
ويؤكد التقرير العالمي عن المياه أن السكان الذين يفتقرون إلى الكهرباء هم أيضا الذين يفتقرون إلى المياه، وهذه ليست صدفة، فنحن نحتاج إلى الماء من أجل إنتاج الطاقة، كما أننا نحتاج إلى الطاقة من أجل تنقية المياه ونقلها، فكلاهما أساسيان لتحقيق التنمية المستدامة.
ويعتمد تحقيق الاستدامة على قدرتنا على فهم كل هذه المجموعة من الروابط ووضع سياسات تلائمها بصورة أفضل، وتتيح التحكم بالموارد المترابطة فيما بينها بطريقة أكثر تكاملا.. الأمر الذي يجعل هذا التحدي أكبر هو التزايد الهائل للطلب على المياه والطاقة، وعلى وجه الخصوص في الاقتصادات الناشئة التي تتطور فيها الزراعة والصناعة والمدن بوتيرة محمومة، ويتعين أن يتم ايجاد الوسائل التي تتيح لنا تأمين الانتفاع بالمياه والطاقة بكميات كافية ونوعية جيدة وبطريقة مستدامة.
ويعتمد تحقيق الاستدامة أيضا على أفضل أشكال التعاون بين مختلف الأطراف الفاعلة في مجال المياه من راسمي السياسات، والعلماء والمؤسسات العامة والخاصة الذين غالبا ما يتجاهلون بعضهم بعضا على الرغم من أن كلا منهم يعتمد على الآخر.
ويشير تقرير الأمم المتحدة الخامس عن تنمية الموارد المائية في العالم إلي أن مناطق عدة من العالم تواجه حاليا مشكلة ندرة الموارد المائية، ويقدر بأن 20% من مستودعات المياه الجوفية يتعرض للاستغلال المفرط، ومن المتوقع في عام 2050 أن 2.3 مليار شخص سيعيشون في مناطق تعاني من إجهاد مائي حاد، ولاسيما في شمال أفريقيا وآسيا الوسطى والجنوبية.
وذكر التقرير أن أكثر من 1.1 بليون شخصا يفتقدون توفر مستدام لمياه الشرب الآمنة، كما يفتقد 2.6 بليون شخصا توفر الصرف الصحي الأساسي، ولكن زيادة افتقار المياه والتلوث المتزايد كلاهما مشكلات سببها الإنسان.. فالمياه نفسها ليست مفتقرة، وأزمة المياه تتعلق أكثر فأكثر بكيفية تحكمنا كأشخاص وأعضاء من المجتمع في الإتاحة والسيطرة على المياه وجميع منافعها.
وبالنظر إلى الوتيرة الحالية فسيتم بلوغ هدف خفض نصف نسبة السكان التي لا تتزود بشكل مستدام من مياه الشرب، وحتى تجاوزها بحلول 2015، حيث أن معدل التغطية تجاوز 77% في سنة 1990 إلى 87 % محققا 89% من الهدف، في حين أن الوضع متغير بحسب المناطق وهكذا يبقى أكثر من 880 مليون إنسان لا يحصلون على مصدر مياه محسنة بما في ذلك أكثر من 300 مليون في أفريقيا جنوب الصحراء الغربية الكبرى (أي ما يعادل 4 أفارقة من أصل 10).
وهناك 2.5 مليار شخص ليس لديهم أجهزة الصرف الصحي، بما في ذلك أكثر من مليار في آسيا الجنوبية ونصف مليار في كل من شرق آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (نسبة التغطية 31%)، وفي هذه المنطقة كان التقدم بنسبة 4% فقط خلال 18 سنة.. فهدف الصرف الصحي لن يتحقق إلا بالتسريع الشامل للجهود، وهناك 61% من سكان العالم لديهم صرف صحي مقبول بينما الهدف هو بلوغ 77%.
وتتسبب المياه غير الصحية كل عام في عدد من الوفيات، وتضعف القوى العاملة، وتعطل المواظبة على التعليم، فيما تشكل النساء والأطفال النسبة الأكبر من الضحايا، حيث أن وفيات الرضع بسبب المياه تبلغ أكثر من 2.2 مليون رضيع، ومن الممكن تلافيها كل عام عبر تحسين الحصول على مياه الشرب والصرف الصحي، كما يفتقر هذا القطاع للاهتمام السياسي ويبقى عموما شحيح التمويل من قبل البلدان.
وأكد خبراء الأمم المتحدة، في تقارير مختلفة صدرت أخيرا، أن النمو السكاني وتغير المناخ بصورة متزايدة يؤديان إلى إحداث تغييرات في مدى توافر المياه، وكذلك الحال بالنسبة لاستخداماتها على المستوى العالمي، إذ أخذت مصادر المياه العذبة في التقلص، وتحمل التغيرات الحادة في الطقس وارتفاع مستوى سطح البحر مخاطر جمة أبرزها زيادة وتيرة الفيضانات في بعض الأقاليم الجغرافية والجفاف في أقاليم أخرى.
وأصدر البنك الدولي مع مؤسسات عدة تقارير تؤكد ضرورة اتخاذ تدابير جذرية خلال الأعوام الـ20 المقبلة لتحسين إدارة المياه في العالم ومواجهة الارتفاع الكبير للطلب.
وذكر التقرير أن الطلب العالمي على المياه سيرتفع من 4500 مليار متر مكعب في الوقت الحاضر إلى 6900 مليار متر مكعب في عام 2030، متوقعا أن يعيش ثلث السكان الذين يتجمعون في البلدان النامية في أحواض يتجاوز العجز فيها عن 50%، مشيرا إى أنه سيتم تلبية جزء من هذا الطلب عبر مواصلة التحسينات التقليدية في انتاجية المياه وارتفاع العرض مع استغلال موارد جديدة، إلا أن هذا لن يكون كافيا وسيبقى بعيدا عن تلبية الحاجات.
واقترح التقرير حلولا تتركز على زيادة فاعلية إدارة المياه في الزراعة، التي تستهلك اليوم 70% من المياه في العالم، وشبكات التوزيع في المدن الصناعية.
وأما بالنسبة للدول العربية، فأشار التقرير إلي أن تغير المناخ يعصف بالعالم العربي المتعطش للمياه، وقال مسؤولون بالأمم المتحدة وجامعة الدول العربية "إن تغير المناخ سيصيب على الأرجح العالم العربي المتعطش للمياه أكثر من العديد من أجزاء أخرى في العالم ويهدد بتخفيض الإنتاج الزراعي في المنطقة، منوهين بأن الحكومات العربية أظهرت المزيد من الوعي بهذه القضية، وإلا أنه في حاجة لمزيد من التعاون لتحسين البحث والسياسات".
وذكر تقرير الأمم المتحدة أن 15% من السكان في العالم العربي لديهم منفذ محدود أو لا يوجد لديهم منفذ لمياه الشرب، وأنه في الوقت الذي يذهب فيه 80% من استهلاك المياه في العالم العربي للزراعة فإن شح المياه نتيجة تغير المناخ من المتوقع أن يخفض الإنتاج الغذائي بنسبة 50% في المنطقة.
وأفاد المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) بأن التوقعات المتعلقة بالمستقبل القريب قاتمة للغاية بالنسبة لكل منطقة البحر المتوسط.. فهناك ارتفاع ملحوظ في الحرارة وانخفاض في التساقطات.
وتوقع خبراء البيئة والمناخ في الأمم المتحدة أن تشتد ندرة المياه في بعض المناطق مثل الأقاليم القاحلة في أمريكا الجنوبية وأفريقيا والأقاليم الداخلية في آسيا وأستراليا، لافتين إلى أن المناطق التي لا تمتلك القدرة على تخزين المياه خلال الفترات المطيرة للاستخدام في مواسم الجفاف ستكون الأكثر تعرضا لندرة المياه.
وحيث أن الزراعة تستهلك أكثر من 75% من موارد المياه العذبة، لم يستبعد الخبراء أن تؤدي ندرة المياه إلى تغيير نمط الزراعة، بحيث تعمد أعداد متزايدة من المزارعين إلى التخطيط مسبقا لمحاصيلهم، ما يتطلب توسع معارفهم عن الفصول المطيرة والفصول الجافة.. فإذا كان من المتوقع أن تكون المياه شحيحة مثلا، فيمكن اختيار النباتات الأكثر مقاومة للجفاف أو النباتات التي تحتاج إلى قدر أقل من المياه.
وتوقع التقرير أن تتعرض أعداد تتراوح بين 75 و240 مليون نسمة لإجهاد مائي بحلول 2020، ويرتفع الرقم نفسه إلى ما يتراوح بين 350 و600 مليون نسمة بحلول عام 2050. وفي جنوب آسيا يتجاوز عدد المعرضين لمخاطر الفيضانات الساحلية 60 مليون نسمة. كما من المتوقع أن يهدد الجفاف والتصحر سبل عيش أكثر من 1.2 بليون نسمة، كما سيهدد فقدان الأنهار الجليدية في سلسلة جبال الإنديز في أمريكا الجنوبية إمدادات المياه التي يعتمد عليها 30 مليون نسمة.
ولفت التقرير إلى أن بلدانا عربية ستفقد كل سمات الخصوبة بحلول عام 2025 بسبب تدهور الإمدادات المائية في الأنهار الرئيسية، كما أن ارتفاع منسوب البحار سيؤثر في حال وصوله إلى متر واحد بشكل مباشر على أكثر من 41 ألف كيلومتر مربع من الأراضي الساحلية العربية، لاسيما في مصر وتونس والمغرب والجزائر والكويت وقطر والبحرين والإمارات.
ولمواجهة التحديات المستقبلية، يشدد التقرير على ضرورة تنسيق سياسات إدارة مصادر المياه والطاقة، ولاسيما مراجعة السياسات التعريفية بهدف ضمان أن تعكس أسعار المياه والطاقة تكلفتهما الفعلية وتأثيرهما البيئي على نحو أفضل.