الجمعة 18 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة ستار

لطفي بوشناق في حواره لـ"البوابة": أنا بسيط في حياتي الطبيعية.. و"ملك" على خشبة المسرح

قال إنه لن ينسى فضل مصر عليه

لطفى بوشناق
لطفى بوشناق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الأب الروحى للأغنية التونسية، وآخر من حمل لواء التجديد والطرب في فلكلور المغرب العربي، وكذلك الأغنية العربية بشكل عام، مزج بين الأصالة والمعاصرة، لا يعترف بالفروق الجغرافية في الفن، حيث لا أسلوب لا قاعدة لا لهجة تمنعه من الغناء لكل الشعوب، غنى بالفصحى وبالعامية سواء تونسية أو مصرية، إلى الخليجية والشامية والعراقية، وكذلك في الأنماط الموسيقية.
صاحب صوت قوى يصاحب عزفه على العود المنفرد، يحمل هموم الأوطان، مثقف.. لطفى بوشناق أو الملقب بـ«بافاروتى تونس»، يتحدث لـ«البوابة» عن الفن والأغنية العربية وتطوراتها في هذا الحوار ورؤيته لأحوالها ويقول: «الفن له أصحابه وناسه، والفنانون موجودون وبخير في الوطن العربى كله، ولكن نوعية الأغانى يتحكم فيها الإعلام، فالفن الموجود لا يعبر عن ثقافة مصر أو تاريخ الأمة العربية، ولكن هذا ما ينقله الإعلام، فنحن نعيش عصر الصوت والصورة، والإعلام أحد العوامل التي بنيت عليها دولة إسرائيل، وهى (العلم والمال والإعلام)، فيجب أن نسأل أنفسنا أين نحن من الثلاثة بنود؟ وهذا ليس معناه أن الدول العربية ليس بها أصوات أو شعراء أو كل أنواع الإبداع، ولكن ما يصلنا لا يعبر عن واقعنا، وما يبث ليس هو الفن، لأننا مسيرون ولسنا مخيرين، والإعلام هو الذي يسيطر على ما يقدم للناس، ولكن بالتأكيد هناك فن جيد ولكن لا أحد يعلم عنه شيئًا».
■ بعد نجاح أغنية «خدوا المناصب».. ألم تتشجع لتقديم مزيد من الأغانى التي تشبهها؟
- خدوا المناصب عجبت الناس لأنها مصورة، ولكن كيف سأصور وأنتج كل أعمالي؟ فما أقدمه من فن يحتاج لمنتج واع، والمنتجون يتجاهلون القيمة ويلهثون وراء المادة، حتى ولو كان ذلك من خلال تسطيح عقول الجمهور العربى، فلا يتحمس أحد لإنتاج الأغانى التي تناقش قضايا هامة أو موضوعات جديدة ذات مضمون هادف، ويسعون وراء أغانى الحب، التي يظهر فيها المطرب مفتول العضلات وحوله الجميلات، فمثلا عملت أغنية للمرأة الحامل أو أغنية تقول: «فقير يا أمه حمامه.. وسط الزمان وزحامه.. جربت نحلم نلقى حتى الحلم مثوانا.. وجريت خلف اللقمة طارت وصارت نجمة.. يا حسرة يا أمه لما كان فرعك يشبعنا»، هذه الكلمات يلزمها مخرج لأنها قصة، ولكن عندما نقول مثل هذا الكلام للمنتجين لا يعجبهم، فلا أحد يهتم بتطوير الأغنية أو بالموضوعات الجديدة، كلها أغانى حب وكلمات مستهلكة تسبب البلاهة، كله كذب، فالسياسة كذب وحتى كلام الحب كذب نفس المعانى المكررة.
■ وكيف تواجه أزمة غياب المنتج الواعى؟
- أنا أسجل الأغانى لوحدي، وبصرف على فنى، فأختار الكلام والموضوعات بعناية، ولا أصرف على كلام تافه، فاهتم أن تكون كل أغنية إضافة لسجلي، فأقدم فنى وأحاول أن أعبر عن المرحلة التي أعيشها، ويكون فنى انعكاسا لها، ولكنى أدرك جيدًا أن سيد درويش مات شحاتا وشوبان أيضا، ويبدوا أحيانا أن بعض الفنانين يأتون في زمان غير زمانهم، فلا يفهمهم أحد إلا بعد رحيلهم.
■ أين لطفى بوشناق من مصر؟ ولماذا لم تشارك في مهرجان الموسيقى العربية الأخير؟
- لم توجه لى الدعوة، ولكنى شاركت العام السابق، ولم يحدث أن تم دعوتى في أي وقت ولم ألب الدعوة، فأنا عاشق لمصر ويشرفنى التعاون بأى شكل من الأشكال من أجل مصر ودعمها، وأرحب بتقديم فنى في أي وقت من الأوقات، وحين دعانى هانى مهنى واعتذر عن ضيق الإمكانات التي لن تسمح سوى بإعطائى مصروف جيب فقط، نظرًا للإمكانيات وظروف مصر في هذا الوقت، قلت «تتقطع يدى لوخدت قرش واحد حتى ولو كان مصروف للجيب»، وقلت لهم «لو عايزين تلفوا بيا مصر كلها أنا متطوع، مصر فضلها على، لو عملت قرشين مصر كانت ورايا، فهل من الممكن أن أدير ظهرى للناس اللى تعلمت منهم، وكانوا لى بمنزلة الأب مثل أحمد صدقى وهانى شنودة وسيد مكاوى أو صديقى حلمى بكر، أو جمال سلامة».
كما لا يمكن أن أنسى بليغ حمدي، وتشجيعه لى حين سمعنى أول مرة، وكان وقتها في بيته في المهندسين في سهرة مع أصدقائه فأخذنى لصالة الاستقبال، وقال سمعنى حاجة فغنيت دور «أنا عشقت»، وهو من أصعب أدوار سيد درويش، فتحمس وأخذنى ليقدمنى لضيوفه، وكان البيت مليئا فقال لى قل لهم حاجة يا لطفى فغنيت، فقال ألا يستحق هذا الصوت أن ألحن له وأتبناه، فلا يمكن أن أنسى فضل هذا البلد، ومصر هي عمود الخيمة اللى ماسكنا كلنا، فلولا قدر الله أصابها مكروه فوداعا للأمة العربية بأكملها، فلا يمكن أن نرفع يدنا عنها، لأنها تمر بمرحلة صعبة وأزمة اقتصادية، وفى الفترة الأخيرة قدمت عدة أغانى عن مصر، منها أغنية عن الفتنة بين طوائف الشعب.
■ من وجهة نظرك لماذا أصبحت الأمور هكذا في الوطن العربي؟
- لا يهمنى هذا نتيجة ماذا؟ وكيف وصلنا لذلك؟ يجب أن ننظر إلى الأمام، وكل من موقعه يؤدى الأمانة والرسالة، ونأخذ العبرة، وكل فرد يخدم شغله، وهناك ثلاثة أشياء لو توافرت ستصير هذه الأمة بخير، وهى الأخلاق والانضباط والعمل، وما وصلنا إليه طبعا يلزمه زمن، فالثورات في التاريخ ظلت أكثر من ثلاثين وأربعين عاما حتى تحقق أهدافها، أما الثورة عندنا فقامت منذ أربع سنوات، ولا أحد يملك عصا موسى، فنحن نفس الشعب ولن نولى شعبا آخر، وبعد الثورة أصبحنا نقارن أنفسنا بأمريكا وفرنسا رغم أن الثورة مولود جديد يجب أن نهيئ له المناخ المناسب حتى ينمو في بيئة تجعله مواطنا صالحا بأخلاقه وانضباطه وعمله.
■ كيف ترى دور الفن والثقافة في مواجهة ما يحدث في العالم العربى؟
- شكسبير قال «اعطونى مسرحا أعطيكم شعبا»، وابن خلدون قال «تصل الشعوب لأسفل الدرجات بوصول فنانيها ومثقفيها لأسفل الدرجات، وتعلو وتسمو إلى أعلى الدرجات بعلو وسمو فنانيها ومثقفيها لأعلى الدرجات»، ولكن للأسف نجد في كل الدول العربية أن أفقر ميزانية هي للثقافة، أمريكا تقول إن اقتصادها معتمد بالدرجة الأولى على الثقافة، فأين نحن من ذلك؟ يجب أن يتم تثقيف الناس وتوعيتها وتوجيهها، ومعرفة اللغة والأسلوب الذي يمكن مخاطبتهم به.
■ ماذا يمكن أن تقول لوزراء الثقافة في الدول العربية؟
- لا أوجه الكلمة لهم فقط، ولكن لكل المسئولين والقائمين على الثقافة، ولكل من يمكنهم دعم الثقافة، وتقديمها، يجب أن تتم توعية الشعب وتثقيفه، لأن الثقافة وحدها هي التي يمكن أن تواجه التطرف، ولمن بيدهم القرار أن يفكروا في دعم الثقافة لتوجيه شبابنا، لأنها تصقل الروح، وتجعل الإنسان يعبر بالشكل الصحيح، أما التهميش والجهل فيولد التطرف، ولو أردنا أن نعالج قضية فيجب أن نأخذها من جذورها، أي يجب قبل أن نعالج الداء نعالج أسبابه قبل الدواء.
■ ما رأيك في انغماس الشعوب العربية في السياسة؟
- كل منا أصبح عالما في السياسة، يجب أن نهتم بالتركيز في العمل والانضباط وكل فرد يقوم بعمله بإتقان، وإذا كان الشعب يظن أن الخطأ في الحكام، فآسف جدا أنتم مشاركون في سوء أحوالكم بعدم إتقان أعمالكم.
واختتم بوشناق حديثه قائلا: «أنا في غاية البساطة في تعاملى في الشارع، وأتسوق وأكوى قمصانى وأضع مكياجى قبل الحفلات بنفسي، ولا أحب أن يتم التعامل معى بتكلف، ولكن على المسرح أنا ملك، يجب أن أكون الملك، أو هكذا يكون شعورى على المسرح، وطالما أحيا فلا مجال إلا أن أكون متفائلا، وإلا فلنذهب ونموت، فرغم كل شيء يجب ألا نفقد الأمل».
من النسخة الورقية