الأربعاء 02 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

ويسألونك عن "البوكر".. قل هي "صفقات".. والله أعلم

اليوم بـ«الدار البيضاء» تعلن القائمة القصيرة للجائزة من بين 16 رواية

الجائزة العالمية
الجائزة العالمية للرواية العربية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تحظ جائزة أدبية في المنطقة العربية بمثل ما حظيت به الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر العربية» من متابعة إعلامية ولغط وفوضى تصل لحد الصراع.
اليوم، بـ«الدار البيضاء» تعلن القائمة القصيرة للجائزة من بين 16 رواية من تسع دول صدرت خلال الأشهر الـ12 الماضية. «البوابة» تشتبك مع هذا الملف من وجهة نظر خاصة، حيث تتناول في هذا التقرير أبرز الاعتراضات على «البوكر»، وأهم الملفات الغامضة حول هذه الجائزة.
الصفة المزدوجة
النقطة الأولى التي تبدو مثيرة للشكوك والقلق، تتمثل في أن بعض أعضاء مجلس أمانة الجائزة، هم في الأساس من الناشرين الذين تقدمت دور النشر التي يديرونها للمشاركة في المسابقة، ويأتى على رأس هؤلاء الناشرين «أعضاء مجلس الأمناء» كل من: الناشر ماهر الكيالي، مدير المؤسسة العربية للدراسات والنشر، التي تشارك هذا العام في القائمة الطويلة برواية «ريام وكفى» للعراقية هدية حسين.
الاسم الآخر الذي يحضر بصفة مزدوجة، كناشر وعضو مجلس أمانة الجائزة هو المصرى محمد رشاد، صاحب «الدار المصرية اللبنانية»، والتي يمثلها في قوائم البوكر الروائى أشرف الخمايسى بروايته «انحراف حاد»،
ويمكن لموقع عضو مجلس الأمناء أن يشكل عامل ضغط بشكل أو بآخر، ويمكن البرهنة على ذلك بالتحديد من خلال السنوات الثلاث التي شارك فيها الناشران: اللبنانى بشار شبارو «المؤسسة العربية للعلوم ناشرون»، والجزائرية آسيا موساى «منشورات الاختلاف» كعضوى مجلس أمانة للجائزة، ففى السنوات الثلاث التي كان خلالها «شبارو» و«موساي» عضوين في مجلس الأمناء، وبينما سمح لهما التحالف بترشيح ستة أعمال بدلا من ثلاثة، شهدت قوائم «البوكر» حضورا مكثفا لأعمالهما، ونستطيع أن نحصى الكثير من الروايات الصادرة عن هذا التحالف حاضرة في قوائم الأعوام الماضية.
لجان التحكيم
خلال مشاركته في الدورة السادسة والأربعين من معرض القاهرة الدولى للكتاب، وفى دردشة عابرة، قال الناشر المغربى هيثم فاضل، مدير المركز الثقافى العربي، إن لجان التحكيم جاملت الناقد المغربى الكبير محمد برادة، باختيار روايته «بعيدا من الضوضاء» ضمن القائمة الطويلة، وتوقع ألا تصل الرواية للقائمة القصيرة.
وأشار فاضل إلى أن الجائزة سيتم تسليمها في المغرب، وأن اختيار رواية برادة يبدو كما لو كان ترشيحا يصب لمصلحة الجغرافيا وتوزيع الحصص أكثر من كونه اختيارا فنيا.
لا أحد يعرف حتى هذه اللحظة من هم أعضاء لجان التحكيم الدورة الحالية، واليوم مساءً في المملكة المغربية ومع إعلان القائمة القصيرة سيعلن أيضا عن أسماء أعضاء لجان التحكيم، التي لطالما كانت هي أيضا محل جدل وخلاف، فمنذ استقالت الناقدة والروائية شيرين أبو النجا من لجنة التحكيم في دورة العام ٢٠١٠، ولجان التحكيم المتعاقبة تعانى من خلل، ففى دورة ٢٠١٠ ذاتها، ومع الشائعات التي راجت حول صفقة عقدتها لجنة التحكيم حول رواية «اسمه الغرام» للبنانية علوية صبح، والتي فضحتها مجلة «الغاوون» اللبنانية، أعقب ذلك إقصاء الرواية من القائمة القصيرة بعد أن وجد القائمون على الجائزة أن موقفهم حرج، وهو الأمر الذي جعل صبح تطلق تصريحها الناري ضد رئيس لجنة التحكيم الروائى الكويتى طالب الرفاعى واصفة إياه بـ«روائى الدرجة العاشرة». لم تخل لجان التحكيم من أسماء مستشرقين أوروبيين، في جلهم كانوا من الأكاديميين، وكأن الأمر ينقصه المزيد من أساتذة الجامعة، ففى دورة ٢٠١١ شاركت الإيطالية إيزابيلا كاميرا، وفى ٢٠١٢ ضمت لجنة التحكيم المترجم الإسبانى جونزالو فرناندز، وفى ٢٠١٣ شاركت المستشرقة البولندية باربارا ميخاليك، وفى ٢٠١٤ شارك المستشرق التركى محمد حقى صوتشين. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما الداعى لكل هؤلاء المستشرقين في لجنة تحكيم تقيم الروايات العربية؟ وماذا عن علاقة هؤلاء باللهجات العربية الدارجة التي تُستخدم في الحوارات لا في السرد؟في ٢٠١٣ كانت الكارثة الكبرى التي أقدم عليها مجلس الأمناء، في خطوة تشبه الانتحار، عندما عينت رجل الاقتصاد جلال أمين رئيسا للجنة التحكيم، وهو الأمر الذي قوبل بنقد كبير من قبل الأدباء العرب.
الأمر الكارثى فعلا فيما يتعلق بلجان تحكيم مسابقة البوكر، يتمثل في الوقت المتاح أمام لجنة التحكيم، التي تتكون عادة من خمسة إلى سبعة أعضاء، لقراءة كمية كبيرة جدا من الروايات، وعلى سبيل المثال، في دورة العام الحالى شاركت ١٥٦ رواية، من ١٨ دولة عربية، مطروحة على لجنة التحكيم، بمعدل يوم ونصف اليوم للرواية، وهو بالطبع أمر غير واقعى أن ينخرط إنسان في قراءة يومية لمدة ٦ أشهر، وهو الأمر الذي يضطر اللجنة لتوزيع الروايات على الأعضاء، وهنا ينتفى مبدأ تكافؤ الفرص، فالرواية التي قد تروق لأحد الأعضاء، ربما لا تعجب الآخر.
المحاصصة الجغرافية
المحاصصة الجغرافية، والتي تعنى بشكل أو بآخر توزيع التورتة على كل الأفواه العربية المفتوحة، مبدأ يبدو نافذا في كل الدورات، لم تخل دورة من توازن جغرافى يتفق مع التعداد الديموغرافى لكل منطقة، وكذلك الوضع السياسي الراهن، وليس أدل على ذلك من وصول بعض الروايات السورية إلى القوائم، وعلى رأسها رواية خالد خليفة «لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة» في العام الماضي، رغم نقاط الضعف الفنية المبثوثة على طول العمل. بالمثل أصبح التواجد المصرى في القائمة أمرا شبه مضمون، ربع القائمة الطويلة لمصر، وهو الأمر الذي يسرى منذ الدورة الرابعة في ٢٠١١، فأربع روايات منشورة في مصر وصلت للقائمة: «استاسيا» للراحل خيرى شلبي، و«رقصة شرقية» لخالد البري، و«بروكلين هايتس» لميرال الطحاوي، و«معذبتي» رواية المغربى بنسالم حميش والمنشورة في دار الشروق المصرية. وفى ٢٠١٢ أربع روايات أيضا هي «النبطي» ليوسف زيدان، و«كائنات الحزن الليلية» لمحمد رفاعي، و«عناق عند جسر بروكلين» لعز الدين شكري، و«العاطل» لناصر عراق. وفى ٢٠١٣: «رجوع الشيخ» لمحمد عبدالنبي، و«تويا» لأشرف العشماوي، و«مولانا» لإبراهيم عيسى، وفى ٢٠١٤: «منافى الرب» لأشرف الخمايسي، و«الإسكندرية في غيمة» لإبراهيم عبدالمجيد، و«الفيل الأزرق» لأحمد مراد، وكذلك «موسم صيد الزنجور» للمغربى إسماعيل غزالى والمنشورة في دار «العين» المصرية. وحتى في الدورة الحالية تحضر مصر بثلاثة أعمال هي: «جرافيت» لهشام الخشن، و«انحراف حاد» لأشرف الخمايسي، و«بحجم حبة عنب» لمنى الشيمي، و«شوق الدرويش» المنشورة في دار العين.
ووفقا لمبدأ المحاصصة الجغرافية، تبدو روايات مثل «ابنة سوسلفون» لليمنى حبيب عبدالرب سروري، و«شوق الدرويش» للسودانى حمور زيادة، و«الطلياني» للتونسى شكرى المبخوت، والروايتين المغربيتين «ممر الصفصاف» و«بعيدا من الضوضاء» من الأعمال المرشحة للوصول للقائمة القصيرة ومن ثم الفوز.
وكذلك تبدو الروايتان السوريتان «ألماظ ونساء» للينا هويان الحسن، و«الراويات» لمها حسن مرشحتين، ويتضح البعد السياسي في المجاملة الفجة المتعلقة بالرواية الأولى، التي لا ترقى إلى وصفها بكونها رواية «مديوكر» ومتوسطة القيمة.
الأصل الإنجليزى
يمكن القول إن الأصل الإنجليزى للجائزة المعنى في الأساس بالترويج والمبيعات، ورّث هذه الخصلة للنسخة العربية، إلا أنها عندما حان موعد تطبيقها على أرض الواقع وفقا للآليات المتاحة ولتفاعلها مع الدوائر الثقافية ونوعيات القراء المتوافرين عربيا، أنتجت الجائزة فكرة ترويجية لبعض الروايات الجيدة ومتوسطة القيمة، بينما تجاهلت روايات أخرى جيدة، أو حتى رائعة، إلا أنها من النوع غير القابل للترويج بسهولة، نوع نخبوى يحتاج قارئا بمواصفات خاصة، غير ذلك الذي يطارد قوائم البوكر ويبنى عليها معرفته بالأدب العربى الواسع مترامى الأطراف.
من النسخة الورقية