ولم يكن أحمد لطفي السيد فيما قدمه المؤرخون من تاريخ سوى مؤسس لحزب يميني هو "حزب الأمة" وصاحب لجريدة يمنية "الجريدة" ويذكر له أنه اختلف مع الحزب الوطني (مصطفي كامل ومحمد فريد) حول اسلوب العمل السياسي وكان يرفض التعجل في الصدام مع الاحتلال مطالبا أولا بالارتقاء بالاسرة والاخلاق أي بناء الفرد ليكون قادرا بعد ذلك علي النهوض بالعبء الوطني، وكانت "الجريدة" معتدلة في ساحة العقل وشديدة الهدوء في ساحة الوطنية وشديدة الرجعية في الساحة الطبقية فعندما بدأ العمال المصريون سلسلة اضرابات مطلبية هاجمتهم، وقالت أنهم يقلدون العامل الغربي تقليد القردة الذين لا يعقلون.. ومع اشتعال ثورة 1919 كان رجال أحمد لطفي السيد من أمثال عبد الخالق ثروت وعدلي يكن هم يمين الحركة الوطنية ووقفوا في وجه تشدد سعد زغلول إزاء الاحتلال والسلطان فؤاد فأسماهم سعد جماعة عبيد السلطان وسير ضدهم مظاهرات جماهيرية عارمة تهتف "خرابا، خرابا ديار العدليين" وكان حزب "الاحرار والدستوريين" وأباه الروحي لطفي السيد تجسيدا لليمين في السياسة سواء مع الاحتلال أو مع الملك أو حتي مع الحركة الصهيونية فقد قام لطفي السيد بالحضور في افتتاح الجامعة العبرية في تل ابيب وكان في حفل الافتتاح لورد بلفور..
ويبقي التناقض سيد الموقف، فقد كان لطفي السيد ليبراليا من الناحية الفكرية بينما كان رجعيا في صفحة الوطنية ويمينيا في موقفه من الاحتلال والقصر. وكما كان الحال مع قاسم أمين اختفت ليبراليته أو اخفيت عن عمد تحت عباءة الموقف السياسي. صحيح أن لطفي السيد قال " ليست مهمة المصريين الملحة الآن محاربة الاحتلال بل تحرير العقول من ثقل الافكار الموروثة " إلا أنه التزم فعليا وبرغم أية صعوبات ستواجهه بموقف ليبرالي دائم. والنموذج الواضح هو الموقف المؤيد للشيخ علي عبد الرازق وكتابة "الاسلام وأصول الحكم" وتصادمه الحاد مع الأزهر ومع الملك فؤاد. قائلا "إن حرية الفرد حق مقدس لا يمكن مصادرته". وكان يؤكد مصرية المصريين ويرفض رفضا قاطعا أي التزام مصري بدولة الخلافة العثمانية، ونادي بفسخ العلاقة مع دولة الخلافة "فنحن في زمن اصبحت فيه المصالح والمنافع المادية هي التي تشكل العلاقات بين الشعوب والأمم وليس الدين". (قصة حياتي – ص67). وطالب "بالاستقلال التام عن دولة الخلافة وايجاد مجلس نيابي تتجسد فيه سلطة الشعب للحد من طغيان الحاكم الفرد أي الخليفة". وكان النزوع ضد دولة الخلافة قائما علي اساس نزعة قومية ليبرالية" لكن قوميته كانت مصرية ذات تراث فرعوني فاختلف بذلك عن الليبراليين الشوام وإن اتفق معهم في ضرورة فصل الدين عن الدولة. ويقول مكسيم رودنسون "كان الاسلام بالنسبة له مراحله من مراحل التاريخ، وواحدا من منابع القيم والاخلاق، مستبعدا أي دور للدين في التشريع المدني أو الاقتصادي أو الاجتماعي. مع ايمان عميق بالتقدم وحتميته، وبدور العقل وقدراته في تطوير المجتمع وتنظيم العلاقات بين البشر" (Maxim Rodinson-Les Arabes pp.99) وغرس لطفي السيد تعاليم جديدة للمفردات فالتراث يعني تراث الانسانية كلها. و"الحداثة" تعني فكر وحضارة أوربا، واستبعد الفكر الديني كعامل للتطور. وكانت حركة الترجمة الحديثة وانشاء الجامعة وتشجيع البعوث لاوربا واحدة من ثمار لطفي السيد ومدرسته (محمد حسين هيكل – طلعت حرب- فتحي زغلول- طه حسين) ولخص لطفي السيد هذا التوجه المخطط "بأنه يعمل علي نشر مبادئ الحريات والأسس العلمية للرقي والتقدم وعدم اقحام المعتقدات الدينية في الشئون المدنية" (قصة حياتي ص 145). وها نحن مع بعض التنقيب نكتشف وجها آخر.. لمفكر ليبرالي حاولوا طمس ليبراليته.
ويبقي التناقض سيد الموقف، فقد كان لطفي السيد ليبراليا من الناحية الفكرية بينما كان رجعيا في صفحة الوطنية ويمينيا في موقفه من الاحتلال والقصر. وكما كان الحال مع قاسم أمين اختفت ليبراليته أو اخفيت عن عمد تحت عباءة الموقف السياسي. صحيح أن لطفي السيد قال " ليست مهمة المصريين الملحة الآن محاربة الاحتلال بل تحرير العقول من ثقل الافكار الموروثة " إلا أنه التزم فعليا وبرغم أية صعوبات ستواجهه بموقف ليبرالي دائم. والنموذج الواضح هو الموقف المؤيد للشيخ علي عبد الرازق وكتابة "الاسلام وأصول الحكم" وتصادمه الحاد مع الأزهر ومع الملك فؤاد. قائلا "إن حرية الفرد حق مقدس لا يمكن مصادرته". وكان يؤكد مصرية المصريين ويرفض رفضا قاطعا أي التزام مصري بدولة الخلافة العثمانية، ونادي بفسخ العلاقة مع دولة الخلافة "فنحن في زمن اصبحت فيه المصالح والمنافع المادية هي التي تشكل العلاقات بين الشعوب والأمم وليس الدين". (قصة حياتي – ص67). وطالب "بالاستقلال التام عن دولة الخلافة وايجاد مجلس نيابي تتجسد فيه سلطة الشعب للحد من طغيان الحاكم الفرد أي الخليفة". وكان النزوع ضد دولة الخلافة قائما علي اساس نزعة قومية ليبرالية" لكن قوميته كانت مصرية ذات تراث فرعوني فاختلف بذلك عن الليبراليين الشوام وإن اتفق معهم في ضرورة فصل الدين عن الدولة. ويقول مكسيم رودنسون "كان الاسلام بالنسبة له مراحله من مراحل التاريخ، وواحدا من منابع القيم والاخلاق، مستبعدا أي دور للدين في التشريع المدني أو الاقتصادي أو الاجتماعي. مع ايمان عميق بالتقدم وحتميته، وبدور العقل وقدراته في تطوير المجتمع وتنظيم العلاقات بين البشر" (Maxim Rodinson-Les Arabes pp.99) وغرس لطفي السيد تعاليم جديدة للمفردات فالتراث يعني تراث الانسانية كلها. و"الحداثة" تعني فكر وحضارة أوربا، واستبعد الفكر الديني كعامل للتطور. وكانت حركة الترجمة الحديثة وانشاء الجامعة وتشجيع البعوث لاوربا واحدة من ثمار لطفي السيد ومدرسته (محمد حسين هيكل – طلعت حرب- فتحي زغلول- طه حسين) ولخص لطفي السيد هذا التوجه المخطط "بأنه يعمل علي نشر مبادئ الحريات والأسس العلمية للرقي والتقدم وعدم اقحام المعتقدات الدينية في الشئون المدنية" (قصة حياتي ص 145). وها نحن مع بعض التنقيب نكتشف وجها آخر.. لمفكر ليبرالي حاولوا طمس ليبراليته.