الخميس 05 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

التنوير أم المعارك

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صحيح أن الدولة المصرية بدت رخوة في تعاملها مع بؤرتي الإرهاب في ميداني رابعة العدوية والنهضة، بسبب آداء الحكومة الباهت، لكنها وعلى أية حال عادت تؤكد أنه لا تراجع عن قرار الفض.
وما ينبغي أن نذكره دائما هو أن المؤسسة العسكرية عماد هذه الدولة لن تقبل بأي حال انهيارها أو فشلها.
ولعل معظمنا كان بالأمس القريب وقبيل ثورة 30 يونيو يطلق سهام النقد الحاد بالطريقة التي كانت تتعاطى بها المؤسسة العسكرية مع انتهاكات مرسي وجماعته لسيادة الدولة وأمنها القومي، لكن الأيام أثبتت أن هذه المؤسسة هي الحارس الأمين على إرادة الشعب وأمن الوطن.
ربما كان من الخطأ إرجاء تنفيذ قرار الفض بسبب ما أدى إليه من تداعيات جعلت الأمر أكثر تعقيدا، لكن ذلك لا يعني أبدا أن تهتز ثقتنا في المؤسسة العسكرية وعلى رأسها رجل مثل الفريق أول عبد الفتاح السيسي، فالتفويض الذي منحه الشعب للسيسي يتجاوز معناه المباشر والمتمثل في مواجهة العنف والإرهاب، إلى منح الجيش المصري الثقة الكاملة في قدرته وإرادته في حماية وتنفيذ إرادة الشعب.
ما ينبغي أن ننتبه إليه هو استكمال ذاك النصر العظيم الذي حققه المصريون بثورة الثلاثين من يونيو في معركة التنوير، وهي أم المعارك التي لا تزال جبهاتها مفتوحة والجهاد فيها فرض عين.
فثورة المصريين لم تكن مجرد حالة غضب وسخط على نظام حكم أفسد واستبد وخان وتآمر، وإنما ثورة على كل من يخلط الدين بالسياسة وكل رافع لشعار الحكم باسم الدين، ولا أتصور أن عاقلا يستطيع تجاهل هذه الحقيقة.
صحيح أن حضارة عمرها 7 آلاف عام كفيلة بأن تجعل أبناءها قادرين على تجاوز كل دعوات الظلام والجهل في أقل من عام وحرق مراحل زمنية في معركة التنوير استغرقت من عمر أوروبا ما يزيد عن قرنين من الزمان سالت عبرها بحور من الدماء ثمنا للوصول للحظة الوعي، لكن هذا لا يعني أن الحرب ضد الظلام والجهل قد وضعت أوزارها.
حتما سننتصر في حربنا على الإرهاب بما لدينا من رصيد وخبرة أمنية في مكافحة فلوله إلا أن الحرب على الجهل والتخلف الذي أشاعته جماعة الإخوان طوال عقود تحتاج منا بذل المزيد.
فعلى مدار سنوات أحدثت فتاوى الإخوان وما يسمون بشباب الدعاة شرخا في مفهوم العلاقة بين المواطن والدولة من ناحية، والتباسا في مفاهيم الانتماء للوطن والانتساب للدين من ناحية أخرى.
وفي إطار الحرب على الدولة وهدم معانيها لدى المواطن حرص مفتو الجماعة وأذنابها على إظهار فتاويهم مناقضة لقوانين الدولة، وأوقعت المواطن المسكين في حيرة من أمره بين الالتزام بشريعة الفتوى، والامتثال لقوانين الدولة، حدث ذلك على سبيل المثال في فتاوى فوائد البنوك والقروض المصرفية والاشتغال بالسياحة، وبالتوازي مع ذلك ساهم خطاب شباب الدعاة في شرخ مفهوم الانتماء للوطن بتوجيه خطابهم حتى في القضايا الاجتماعية والعامة لشباب الأمة الإسلامية فقط، وأسسوا لنظرية أن الانتماء أولا للدين والعقيدة يليه الانتماء للوطن بل إن بعضهم ممن يعملون في المجالات الخيرية مثل الداعية عمرو خالد يشترطون إتاحة ما يتوفر من مساعدات للأسر الفقيرة للمسلمين فقط.
وقد أدى ذلك إلى أن يعتقد الكثيرون بأن المسلم الماليزي أو الأسترالي أقرب إليهم من المصري المسيحي، وهذا بالضبط هو لب ما تروج إليه جماعة الإخوان حتى في أناشيدها عندما يتغنون قائلين “,”الإسلام وطني وبنوه في أي مكان إخوتي“,”.
مثل هذا الخطاب الخبيث يروج إلى أن الدين في حد ذاته وطن لا عقيدة ينتسب إليها ومكمن خطورته وخبثه أنه يجد ألف باب ليتسلل إلى وجدان البعض.
نعم لقد أثبت المصريون أنهم وحدة واحدة غير قابلة للقسمة على اثنين أحدهما مسلم والآخر مسيحي، ومع ذلك لايزال أمامنا الكثير لحسم هذه المعركة، وظني أن هذا هو دور النخبة بمثقفيها وأحزابها المدنية ومعها الحكومة الحالية والحكومات القادمة بوضع برامج سريعة لمكافحة الفقر والجهل، ففي تلك البركة تنتعش الإخوان لتلك المعركة الطويلة ومقومات نجاحها حاضرة بفضل لحظة الوعي لدى غالبية المصريين بزيف ما روّجه الإخوان طوال سنين حول مشروعهم الوهمي.