رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الخارجية المصرية والدور المفقود

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
التقصير الدبلوماسي الملحوظ منذ 30 يونيو لا يمكن تجاهله، واستمرار الحملات الشرسة على ثورة الشعب المصري واعتبار ما قامت به المؤسسة العسكرية انقلابا وليس ثورة أو انتفاضة شعبية ضد رئيس ظالم وجماعة مستبدة، مسئولة عنه الخارجية المصرية بشكل كبير.
السفير نبيل فهمى وزير الخارجية منذ توليه المنصب لم يقم بجولات خارجية للمساعدة فى هذا الأمر وانهاء الجدل الذى أثير فى الأوساط الدولية والتأكيد على أن ما شهدته مصر فى 30 يونيو كان ثورة شعبية بكل ما تحمله الكلمات والمعانى وانحاز لها الجيش، وأن ملايين المصريين ماضون فى تنفيذ خارطة الطريق من أجل تحول ديموقراطى حقيقي واستعادة مكتسبات ثورة يناير، بإعتبار أن ثورة 30 يونيو هى الموجة الثانية من ثورة يناير 2011.
وزير الخارجية أعلن أكثر من مرة انه أجرى أكثر من 20 حوار صحفي مع مختلف الصحف المصرية والعربية والأجنبية منذ توليه المنصب، كما اتصل بالعديد من نظرائه الأجانب والعرب لتوضيح مستجدات الشأن المصري وأن انشغاله بمقابلة عدد من السفراء والوزراء الأجانب كان السبب الذى منعه من السفر للخارج.
الخلاف الجوهرى هنا هو عدم إدراك وزير الخارجية أن الدكتور محمد البرادعى نائب رئيس الجمهورية للعلاقات الدولية يقوم بنفس دور وزير الخارجية بل وأكثر من ذلك، حيث يلتقي مع العديد من السفراء ووزراء الخارجية الأجانب الذين جاءوا إلى مصر مؤخرا ، ومن ثم كان من الضرورى أن يشكل فهمى فور تكليفه بوزارة الخارجية فى 13 يوليو الماضي فريق عمل لتوضيح الحقائق الغائبة عن المجتمع الدولى بشأن تطورات الأوضاع المصرية وآخر المستجدات ، إلى جانب تحضيره لعدد من الزيارات الأوربية والأسيوية والافريقية ، وتكليف السفارات المصرية بعدد من البلدان بعقد لقاءات دورية مع أبرز المسئولين وصناع القرار ، وكذلك لقاءات مستمرة مع وسائل الاعلام المحلية بهذه البلدان، وإصدار نشرة يومية لتوضيح الموقف المصري.
الخارجية المصرية لم تقم بدورها حتى الآن تجاه 30 يونيو، وأصبحت وسائل الاعلام العالمية أسيرة للمعلومات التى تصلها من جماعة الاخوان المسلمين والتنظيم الدولى للجماعة ، إلى جانب انحياز كثير من وسائل الاعلام القطرية والتركية بالموقف الرسمى لهذه البلدان واعتبار أن ما شهدته مصر انقلابا على السلطة المنتخبة ، بل أن هناك صحف عديدة تبنت وجهات نظر جماعة الاخوان ونقلت عنهم الكثير فى صمت غير مبرر من الخارجية المصرية ، للدرجة التى جعلت صحيفة الباييس أشهر الصحف الاسبانية تعتبر أن ما حدث عند النصب التذكارى “,”مجزرة من المؤسسة العسكرية وأن هذا الانقلاب يقود مصر الى الهاوية فى ظل استهداف الاسلاميين!
الأمر نفسه يمكن ملاحظته فى عدد من الصحف والمواقع الأوربية والأمريكية، وبدلا من شرح الموقف المصري وتوضيحه والتأكيد على أن المصريين تخطوا اعتبار ما حدث ثورة أم انقلاب، وأن هناك خارطة طريق أعلنتها رئاسة الجمهورية والمؤسسة العسكرية وهناك توافق بين الشعب والحكومة فى المضي قدما نحو الوصول إلى الدولة الدستورية الحديثة وفق خارطة الطريق، وأن ملايين المصريين الذين نزلوا إلى الشارع لعزل محمد مرسي والاطاحة بجماعة الاخوان المسلمين من الحكم، هم انفسهم الذين نزلوا مرة آخري لتفويض الجيش لمواجهة الارهاب والتأكيد على مطالب 30 يونيو.
الدبلوماسية المصرية على عاتقها مسئولية كبيرة فى التعبير عن إرادة ملايين المصريين، والتباطؤ فى توضيح الموقف الرسمي سمح بتسلل كثير من المعلومات المزيفة وغير الحقيقية للمجتمع الدولى والاعلام الخارجى، بل أن توالى التصريحات من قطر وتركيا إلى جانب تصريحات جون ماكين وليندسي جراهام عضوا الكونجرس المنددة بالانقلاب على الشرعية وتجاهل إرادة الشعب المصري الذى ثار ضد ظلم واستبداد جماعة الاخوان فى ظل صمت الخارجية المصري أمر غير مقبول !.
من المهم أن تسارع الخارجية المصرية بالتعامل مع الأحداث المتسارعة كى تستعيد دورها المعروف، والقفز على ما مرت به الوزارة فى العام السابق حينما تولى عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية للشئون الخارجية كثير من مهام وزير الخارجية، وأصبح له اليد الطولى فى تحديد مقابلات ومواعيد الرئيس المعزول محمد مرسي والتحضير لمقابلاته الخارجية، بل والسفر مبكرا للتحضير لزيارات مرسي فى تجاهل تام لوزير الخارجية فى هذا الوقت.
الآمال كبيرة من أجل استعادة الدبلوماسية المصرية رونقها، فهل تستعيد هذا الدور أم تتوارى للوراء خطوات وخطوات؟..هذا هو التحدى.