أمشير أبو الزعابيب.. حكاية أيام الشهر مع الفلاح المصرى منذ 7 آلاف سنة
يحمل تراثنا العديد من التقاليد والعادات المستمرة خاصة فى الريف المصرى تجاه الأشهر والأيام ومنها شهر أمشير، الذى يعتبر من الشهور القبطية والمصرية القديمة ذات المعانى الغنية والثقافة العميقة ويحمل هذا الشهر أثرًا تاريخيًا مهمًا فى حياة الفراعنة، حيث كان يشهد العديد من الاحتفالات والطقوس الدينية التى كانت تقام فيه، مما يجعله قطعة لا يمكن إغفالها فى خارطة تراث مصر القديمة والمعاصرة.
تاريخ وأصل أمشير
شهر أمشير كان يأتى فى الأصل عقب انتهاء فيضان النيل، وكان يعد بداية لفترة الزراعة والنمو فى مصر القديمة. وكان الفراعنة يربطون اسم الشهر بالآلهة والأساطير المصرية القديمة.
تسمية الشهر "أمشير" تعود إلى الآلهة المصرية القديمة، حيث كان المصريون يعتقدون بوجود إله يسيطر على الرياح والعواصف، وكانوا يخشون هذا الإله ويتوسلون له لكى لا يجلب العواصف العنيفة والزوابع المدمرة. وكان هذا الإله يُدعى "ميشير"، ويُعتقد أنه كان يحمل قوة كبيرة وسلطة على الرياح.
لذا كانت للإله ميشير وغيره من آلهة الرياح دور مهم فى حياة الفراعنة، حيث كانوا يتوسلون لها ويقدمون لها القرابين والتضحيات لكى تحميهم من العواصف والكوارث الطبيعية، وكان لشهر أمشير دور مهم فى الاحتفالات والطقوس الدينية التى كان يقيمها الفراعنة. وكانت هذه الاحتفالات تهدف إلى التضرع إلى الآلهة لكى تحميهم من العواصف وتمنحهم موسمًا زراعيًا مثمرًا.
شهر الزعابيب
أطلق على شهر أمشير لقب "شهر الزعابيب" نتيجة لشدة العواصف التى كانت تجتاح مصر خلال هذا الشهر، حيث كانت الرياح تتسم بالعنف والقوة، مما يجلب العواصف الرملية الشديدة التى تؤدى إلى تكدس الزوابيب فى الهواء.
هذه الزوابيب كانت تشكل تحديًا كبيرًا للمصريين القدماء، حيث كانت تؤثر على الحياة اليومية وتعرقل الزراعة وتجلب الإزعاج للسكان.
أمشير والفلاح المصرى
شهر أمشير، كان مصدر إلهام للفلاح المصرى القديم الذى أطلق عليه عدة مسميات تعبر عن تجاربه ومشاعره خلال هذا الشهر الفارق. ومن بين هذه المسميات:
١. "مشير": حيث كانت عشرة الغنامى، ويرجع ذلك إلى الجو الدافئ الذى يخدع رعاة الغنم، لكنه يتغير بعد ذلك بشكل مفاجئ.
٢. "مشرشر": أو عشرة الماعز، وتعود هذه التسمية إلى شدة البرد وهبوب الرياح، وسقوط المطر الذى يؤثر على الماشية.
٣. "شراشر": ويطلق عليها أيضًا عشرة العجوزة، بسبب عدم ملاءمة الجو لكبار السن، مما يجعلهم يفضلون البقاء فى المنزل حتى ظهور الدفء.
كما عبّر الإنسان المصرى عن بعض المواقف التى تحدث فى شهر أمشير من خلال الأمثلة الشعبية، منها:
- "أمشير أبو الزعابيب الكتير ياخد العجوزة ويطير": ويشير هذا المثل إلى شدة العواصف والرياح فى هذا الشهر التى تجعل كبار السن يتحفظون على الخروج.
- "أمشير أبو الزعابيب الكتير": لوصف هذا الشهر بأنه مليء بالعواصف والرياح.
- "أمشير يخلى العجوزة جلدة والصبية قردة": وهو وصف لتأثير الطقس على الأشخاص حيث يشعر الشاب بالبرد أكثر من العجوز بسبب حيويته ونشاطه.
- "الاسم طوبة والفعل لأمشير": يستخدم هذا المثل لوصف الشخص الذى يظهر بأنه هادئ فى الظاهر لكن يتصرف بطريقة متهورة.
- "أمشير أبو الزعابيب يخلى العجوزة تقيد الحصير": ويعبر هذا المثل عن شدة البرد فى الشهر حيث يلجأ الناس لاستخدام الحصير لتدفئة أنفسهم.
شهر أمشير يعتبر جزءًا لا يتجزأ من التقاليد والثقافة المصرية القديمة، حيث يرتبط بالآلهة والأساطير والاعتقادات التى كانت تحكم حياة الفراعنة. وعلى الرغم من تسميته بـ"شهر الزعابيب" نتيجة لشدة العواصف، إلا أنه يحمل معانى دينية وثقافية عميقة تعكس تاريخ مصر القديمة وتراثها الغني.