البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

فلاش باك.. 1984.. وفاة أول رئيس لمصر

اللواء محمد نجيب
اللواء محمد نجيب

«أحيا أيامى الأخيرة مع أمراضى وشيخوختي، جسدى نحيف شهيتى ضائعة، بصرى ضعيف حركتى نادرة، النوم يخاصمنى والأرق يرافقنى، ومع ذلك فالذكريات تلاحقني، التفاصيل الصغيرة والكبيرة، وذاكرتى لا تزال تعذبنى بكل ما رأيته وعشته منذ طفولتى إلى الآن»، هذه الكلمات كتبها اللواء محمد نجيب فى مقدمة مذكراته المعنون بـ«كنت رئيسًا لمصر».
وبالعودة إلى ذكريات قائد ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، نرى شخصية مناضلة لعبت الصدفة فى حياتها دورا بارزا فقذفت بها إلى الجيش بعد ما كان يرغب أن يكون طبيبًا أو محاميًا.
وتخبرنا سيرة «نجيب» الذاتية، أنه ولد فى السابع من يوليو عام ١٩٠٢ فى مدينة الخرطوم، لأم سودانية وأب مصرى، واسمه بالكامل محمد نجيب يوسف قطب الشقلان، وهذا التاريخ هو الأرجح من بين ثلاثة تواريخ تحدث عنها، الأول هو ٢٨ يونيو ١٨٩٩، والثانى ١٩ فبراير ١٩٠١، ولكن الأرجح عنده السابع من يوليو ١٩٠٢.
والتحق محمد نجيب فى ١٩١٣ بكلية جوردن التى تم إنشاؤها بالتبرعات، وبسبب معارضته لبعض المواد الدراسية فى الكلية، جُلد ١٠ جلدات بعدما استبدل عبارة «أن مصر يحكمها البريطانيون» بأخرى قالها مخاطبا أستاذه الإنجليزى «لا يا سيدي.. مصر تحتلها بريطانيا ولكنها مستقلة داخليا»، فثار أستاذه ليعاقبه بعشر جلدات على ظهره.
وبعد تخرجه فى «جوردن» رغب فى العمل فى الطب أو الحقوق، إلا أن المصاريف الباهظة كانت حائلا لنيل مطلبه، فقرر التقديم فى الكلية الحريبة، ولكن عائقا جديدا كاد يمنعه من تحقيق رغبته، ويقول «نجيب» فى مذكراته «استعددت للسفر من الخرطوم إلى القاهرة، ولكننى خفت، ليس بسبب الطريق ولكن بسبب قصر قامتى عن الطول المطلوب للقبول بالمدرسة الحربية، وكنت أقل من ذلك الطول بسنتيمتر واحد، وفعلت المستحيل بممارسة الألعاب الرياضية لكى أنمى طولى وأصبح لائقا لكننى فشلت»، ولكنه تمكن من المرور من الاختبارات ليصبح طالبا بالكلية الحربية فى ١٩١٧، وترقى حتى أصبح عميدا فى ١٩٤٨ عام النكبة العربية التى حارب فيها وجرح ثلاث مرات، وفى العام التالى عين قائدا لمدرسة الضباط وفى ١٩٥٠ ترقى لرتبة لواء وأصبح مديرا لسلاح المشاة.
وشهدت مصر أحداثا واضطرابات عدة فى أعقاب «النكبة»، والاضطرابات تأثر بها الجيش وضباطه، وازداد السخط على الملك فاروق والاحتلال البريطانى، فبدأت تنتشر منشورات بين أفراد الجيش بتوقيع «الضباط الأحرار»، التنظيم الذى أسسه جمال عبدالناصر، ليثور الضباط ضد الحكم الملكى، وتنهى ثورة يوليو حكم أسرة محمد على لمصر.
بعد إزاحة الملك فاروق عن حكم البلاد، كان لـ«نجيب» رأى فى المرحلة التالية لرحيل الملك، فيما كان بقية أعضاء مجلس قيادة الثورة لهم رأى مخالف، وهو الذى ساد فيما بعد، فآثر «نجيب» الابتعاد وتقدم باستقالته فى ٢٢ فبراير ١٩٥٤، ليخرج من مكتبه إلى مستقره الأخير فى الدنيا؛ حيث فيلا زينب الوكيل فى المرج.
ويصف نجيب أيامه الأخيرة قائلا «أقترب الآن من النهاية، وأحزم حقائبى استعدادا للرحيل، إننى فى الأيام التى يكون فيها الإنسان معلقا بين الأرض والسماء، فى تلك الأيام التى يختفى فيها تأثير الجسد على البشر ويبقى نفوذ الروح، ويبتعد فيها الإنسان عن المادة ويغطى نفسه بالشفافية، وينسى الألم والدنيا والسلطة والمال والولد، ولا يتذكر إلا الحق والتسامح والصدق والخير»، وتحل اليوم ذكرى رحيل أول رئيس لجمهورية مصر العربية؛ حيث توفى فى مثل هذا اليوم الثامن والعشرين من أغسطس من عام ١٩٨٤.
شُيعت جنازته من مسجد رابعة العدوية بعد خروجه من مستشفى المعادى العسكرى، وكان على رأس المشيعين الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وعدد من مجلس قيادة الثورة، وحمل جثمانه على مدفع.