5 يناير المقبل كنا نتمناه صفحة جديدة للأشقاء في ليبيا تطوي فيه صفحات الخلاف السياسي والصراع المسلح، وتغل يد الإرهاب والطامعين في ليبيا النفط والغاز.. برناردينو ليون مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا يرى أن مائدة المفاوضات بين أطراف الصراع الليبي هي الحل، وحدد 5 يناير ليكون اللقاء الأول لجلسة التفاوض والحوار، وطَرَح كلاما دبلوماسيًا عادة ما يصدر في مثل هذه المناسبات "نحتاج لحل يشعر فيه جميع الليبيين بأنهم موجودون".
ولكن ما يعوق التفاوض من وجهة نظر ليون "تواصل المعارك على الأرض".. فهل "ليون" جاد بالفعل في دعوته لكل الفصائل؟ وهل يجلس قادة الميليشيات المسلحة على المائدة جنبا إلى جنب وعلى قدم المساواة مع القيادات السياسية الليبية؟ هل مجرد الدعوة تكفي لإنجاح الحل الدبلوماسي؟
الواقع على الأرض يقول إن هناك 1700 ميليشيا، كل منها يقاتل لصالح نفسها أو لصالح آخرين (سواء كان الآخرون من داخل ليبيا أو خارجها)، وبالتالي لا تملك الميليشيات أن تضع سلاحها ولو مؤقتا تحت شعار هدنة محارب، هي ليست صاحبة قرار وليس لديها حوافز للتفاوض وما ستكون مطالبها، فالمشاركة في السلطة ليست من بين أهدافها، ولكن حقول الغاز والنفط هي المحرك!
في نفس اتجاه المصالحة يسير رئيس الوزراء الليبي عبدالله الثني- والذي يحظى باعتراف دولي ومصري أيضا- محذرًا الليبيين من المخاطر التي تحاصرهم، داعيا إلى "لم الشمل دون إقصاء أو تهميش"، ومؤكدًا أن الاقتتال الدائر ويدفع ثمنه أبناء الشعب: بسبب تدخل الطامعين وأصحاب المصالح والأيدولوجيات الغريبة علينا".
هذه الدعوات للحوار والمصالحة لم تكن حافزًا للميليشيات لتسكت أصوات المدافع بل كانت دافعًا لعنف أكثر لحصد مكاسب أكبر، ولأول مرة يتم استهداف صهاريج للنفط الخام بصاروخ من جانب ميليشيات حركة فجر، ما أدى إلى اندلاع حريق هائل بميناء السدرة، ويأتي هذا الهجوم ضمن سلسلة هجمات بدأتها "فجر" في محاولة للسيطرة على المؤسسات النفطية بمنطقة الهلال النفطي التي تضم "السدرة ورأس لاتوف وبريقة" هذه الهجمات تحول من نوع آخر في الصراع يقود لحرب أهلية شاملة، وخاصة إذا ما نجحت الميليشيات المسلحة من السيطرة على موارد النفط بما يوفر لها مصادر تمويل لهجماتها الإرهابية، ويصبح لهؤلاء الكلمة العليا في بترول ليبيا بما يهدد ليس المصالح الليبية وحدها بل ومصالح دول الجوار حتى جنوب أوروبا على حد تعبير البيان الرسمي من حكومة الثني.
الصراع المسلح يتفوق على مبادرات الدبلوماسية حتى الآن، وهناك من يحاول أن ينازع "الثني" شرعيته.. والتدخل في ليبيا قادم لا محالة.. تدخل تحت مظلة دولية تدخل لا أعتقد أن تسمح فيه مصر بألا تكون اللاعب الرئيسي، فيما يجري في طرابلس تحدث تداعياته في القاهرة، ولسنا في مجال رصد التأثير السلبي لحدود ممتدة مع أشقائنا الليبيين تصل إلى أكثر من 1200 كيلو متر، على الجانب الآخر سيكون من غير المقبول وجود قوات أجنبية بالقرب من الحدود المصرية، ترتيب الأوضاع في ليبيا يجب أن يمر من بوابة القاهرة، وهو ما نترقب حدوثه في الأيام المقبلة.