الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

حماس واللعنات الثلاث

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ربما لا توجد حركة مقاومة أو حركة تحرير شعبية ابتليت بحماقة أبنائها وعدم إخلاصهم لقضية التحرر مثل حركة التحرير الفلسطينية، سواء العلماني منها أو الإسلامي، فمن حماقة تأييد الغزو العراقي لدولة الكويت وأثره على القضية الفلسطينية حتى يومنا هذا وغيرها من الحماقات التي وقعت فيها منظمة التحرير الفلسطينية إلى حركة حماس الإخوانية اليوم، والتي نسلط فيها الضوء على حماقات حماس والتي أسميناها لعنات.
· حماس ولعنة الإخوان
إن المواقف التي أعلنتها حماس مما يحدث في الساحة المصرية وانحيازها الفاضح لجماعة الإخوان المسلمين نفس نظرية أنها تختار ما تختاره الشعوب لأنفسها، وهي بذلك تناقض نفسها، لأنها قالت بأنها مع خيار الشعب المصري، فالشعب المصري خرج يوم 30 يونيو العظيم ليطيح بجماعة الإخوان التي تربّعت على عرش مصر لمدة عام واحد فقط كانت كفيلة بأن توحّد كل المصريين بجميع طوائفهم واتجاهاتهم السياسية وغير السياسية ضد الإخوان الذين لم يتركوا خطيئة إلا وقد ارتكبوها في خلال عام واحد شعر كل المصريين بأن الإخوان ألعن وأخطر على مصر من الحزب الوطني الذي أطاحت به ثورة 25 يناير العظيمة، فمن أدبيات جماعة الإخوان التي تستحق عليها اللعن بجدارة سياسة (الإقصاء)، فهذه الجماعة تتقد في أدبياتها القدرة على احتواء الآخر والتعايش معه، فلا بديل عن الاستيعاب إلا الإقصاء لا يصلح في قيادته الأمم حتى لو كان الحاكم ديكتاتوريًّا، فإنه يعمل على احتواء القوى الفاعلة في المجتمع لضمان سكوتها عن ممارساته الديكتاتورية، أما عندما تحاول جماعة لا تمثل الغالبية من أبناء الشعب وما هي إلا تنظيم سياسي تحاول إقصاء شعب كامل فلا بد من حصول الصراع، لأن إقصاء الشعوب من العمليات السياسية المستحيلة النجاح، مما يدلل على غباء وجهل أصحاب المحاولات الفاشلة، وبالفعل نجح الشعب المصري في يوم 30 يونيو العظيم في عملية إقصاء رائعة لجماعة الإخوان وبالضربة القاضية، وبالتالي تلقّت حماس أيضًا ضربة قاضية تبعًا لضربة الإخوان وإصابتهم لعنة المصريين، كما أصابت جماعة الإخوان، لأن حماس لم تعِ بأنها حركة تحرر وطني ولم تضع نصب أعينها ذلك، بل وضعت مصالحها الحزبية وانكفأت على تحقيق مكاسبها الشخصية والمادية، مستغلة وصول التنظيم الأم لكرسي الحكم في مصر، وهذا ما لا تتحمله القضية الفلسطينية كقضية مركزية وأساسية لجميع أفراد الشعب الفلسطيني، أضف إلى ذلك تورّط حاس الدنيء في العمليات المسلحة على أرض مصر، خصوصًا في سيناء، مما دفع الجيش المصري لهدم الأنفاق والتضييق على سكان قطاع غزة لإحكام سيطرته على ما يحدث في سيناء بتعاون مفضوح مع منظمة حماس الإخوانية.

إن ارتباط حماس المفضوح بجماعة الإخوان يجعلها تتحمل الأوزار التي يرتكبها تنظيم الإخوان ضد الشعب المصري من إرهاب وإحداث فوضى في الشارع المصري واستدعاء القوى الخارجية للتدخل عسكريًّا في مصر ودعوة الضال المضل يوسف القرضاوي للنفير العام ضد مصر شعبًا وجيشًا، كل ذلك وغيره يضع حماس في موقع العداء مع الشعب المصري الذي فقد تعاطفه مع حماس ومع القضية الفلسطينية ذاتها بسبب ارتباط حماس بتنظيم الإخوان.
إن نشوة الاعتقاد التي سادت في نفوس قيادات حماس بأن حكم الإخوان لمصر بات مطلقًا وأبديًّا وإن أيديهم أطلقت في مصر يفعلون بها ما يشاءون جعلتهم يسرعون الخطى في ارتكاب الموبقات ضد الشعب المصري الذي أصبح يشارك شعب قطاع غزة في التمني بزوال حكم حماس في غزة كما زال في مصر.
وكان الأجدى بحماس أن تقف على الحياد مما يحدث في مصر حماية لمشروع المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي بدلًا من أن مذاهب تضيق عليها خياراتها، خصوصًا أن قيادتها السياسية الراهنة تتمتع بجدارة عالية في خسارة أصدقائها وحلفائها.
· حماس واللعنة السورية
لم تتحمل دول عربية شقيقة من الآثار السلبية على مجتمعاتها بسبب تبني القضية الفلسطينية بعد مصر سوى سوريا التي تأتي الدولة الثانية بعد مصر لما أصابها من ضرر بسبب القضية الفلسطينية عامة وحماس خاصة، ولعلنا نذكر جميعًا أن من الأسباب التي عطّلت التوصل إلى اتفاقية سلام بين سوريا وإسرائيل هو عدم تخلّي النظام السوري عن حركة المقاومة حماس، واحتضنت سوريا حماس وطلب الملك حسين ملك الأردن، من خالد مشعل، الرحيل عن الأردن، فلم يجد هو وأعضاء مكتب حماس وجهة لهم سوى العاصمة السورية دمشق، وعندما اندلعت المظاهرات الشعبية في سوريا بقيادة جماعة الإخوان أسرعت حماس بحكم انتمائها التنظيمي إلى نصرة جماعة الإخوان ضد النظام السوري بحجة أن الأخلاق والمبادئ تملي عليها أن تقف بجوار الشعب السوري وهذا الكلام كله كذب، ولكن لو افترضنا جدلًا أن حماس أو الإخوان لديهم مبادئ أو أخلاق، لكانت حماس عندما اندلع القتال بين النظام وجيش الإخوان وحلفائهم نأت بنفسها عن هذا المستنقع واتخذت موقفًا محايدًا من جميع الأطراف، حفاظًا على شرعية المقاومة، وحتى لا تتأثر مواقف الشعوب من القضية الفلسطينية التي أصابها الضرر بسبب فقدان التعاطف الشعبي مع هذه القضية، ولكن حماس اختارت خيار القتال في صفوف جيش المعارضة ضد نظام بشار، فكانت الأسلحة التي منحتها سوريا للمقاومة الإسلامية حماس، يتم الإيقاع بها في القتال السوري بحوزة عناصر حماس التي انضمت إلى الجيش الحر في قتال سوريا، فالأسلحة التي قام الجيش السوري بإعطائها لحماس يقتل بها على يد عناصر حماس ومعاونيهم من باقي التيارات الإسلامية الأخرى، فكان “,”جزاء سنمار“,” هو ما جناه الجيش والشعب السوري من علاقتهما بحماس، وتحتج حماس، موقفهم هذا أملته الظروف الإنسانية، وأنا أؤكد أن حظ حماس من مناصرة قضايا الإنسان هو شيء مضحك وما تفعله حماس بسائر الفصائل الفلسطينية الأخرى في قطاع غزة لا يخفى على أحد.
· لعنة إيران وحزب الله
كانت وما زالت الداعم الأكبر لحماس في المنطقة، هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فما زل المال يتدفق بسخاء والسلاح والغطاء السياسي والدعم الإيراني، ليس سببها سواد عيون حماس أو غيرها، ولكن بسبب أن حماس شئنا أم أبينا هي المعادلة الصعبة في موضوع المقاومة الفلسطينية، وكما غدرت حماس بسوريا غدرت وكعادتها بحزب الله، فالسلاح الذي حصلت عليه من حزب الله قاتلت به حزب الله، خصوصًا في معركة القصير التي انتصر فيها حزب الله على مقاتلي الجيش الحر والنصرة اللذين حاولا دخول القصير لتدمير قواعد الصواريخ الخاصة بحزب الله، والتي يطلقها على إسرائيل، ففوجئ حزب الله بأن المقاتلين في صفوف الجيش الحر مجموعات من حماس وبأسلحة حزب الله وهكذا تجسدت عناصر الغدر والخيانة والتلون في المواقف في أداء حركة حماس، مما أفقدها كثيرًا من التعاطف الذي انعكس على مصلحة القضية الفلسطينية، ولكن بعد ثورة 30 يونيو المباركة وجدت حماس نفسها في موقف لا تحسد عليه فقد تعرّت تمامًا أمام جماهير الشعب المصري والعربي، حتى من ورقة التوت التي تستر عوراتها، إلا أن إيران وحزب الله تعاملا بطريقة صحية وأداء راقٍ كعادة الدول والحركات الثورية التي تعي مصلحة شعبها، فبلعت الجراح وأعلنت أنها على استعداد للمصالحة مع حماس، طالما هي حركة تحرر ضد العدو الإسرائيلي ورفضت أن تشارك في إجهاض حركة حماس أو هدمها لأن ذلك حسب المعتقد الإيراني وحزب الله يصب في صالح إسرائيل ولا يصب في صالح الشعب الفلسطيني، وقد التقى موسى أبو مرزوق ومحمد نصر وهما عضوان بالمكتب السياسي لحركة حماس بمسئولين في حزب الله في السفارة الإيرانية بلبنان، لمناقشة مستقبل العلاقات على ضوء المواقف المشينة لحركة حماس ضد الحزب، كما نوقشت مسألة الدعم الإيراني لحركة حماس الذي لم ينقطع، وتخشى حركة حماس من قطع الدعم الإيراني بعد أن أصبحت إيران غير متحمسة لدعم حركة حماس، وهكذا وكأن جميع من ارتبط بحركة الإخوان لا يجيد إلا جني الخسائر والنكبات فهل تستطيع حماس البقاء مع اللعنات الثلاث، خصوصًا أنها في انتظار لعنة تأتيها من الداخل بعد أن تسببت ثورة 30 يونيو في تشجيع الداخل الغزاوي للانقلاب على حماس.