الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الإسلاميون بين خياري الجزائر وأردوغان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
§ هناك شبه إجماع علي أن الحركة الإسلامية المصرية وعلي رأسها الإخوان فقدت السلطة والحكم في مصر.. وليست هذه نهاية الكون ولكنها مجرد جولة من الجولات ومحاولة من المحاولات.. وأمام الحركة الإسلامية المصرية خياران لا ثالث لهما من وجهه نظري لاستعادة مكانتها المفقودة .
§ الأول خيار مدمر لا أرضاه للحركة الإسلامية المصرية ذات التجربة والخبرة العريقة وهي التجربة الجزائرية وأسميه أحياناً “,”خيار الدم“,” وهو شبيه بالذي يحدث في سيناء الآن من قتال بين المسلحين والجيش والشرطة.
§ وأما الخيار الثاني فهو خيار “,”أربكان أردوغان “,” وهو الذي أرشحه للحركة الإسلامية المصرية واختاره لها.
§ والآن أقدم الخيارين لكل ذي بصر وبصيرة حتى يدرك الجميع المخاطر المحدقة بالوطن والإسلام والحركة.
§ أولا ً: الخيار الجزائري ( خيار الدم والعنف):
§ وهذا الخيار اتخذته القوى الإسلامية الجزائرية وعلي رأسها جبهة الإنقاذ بعد أن قام الجيش الجزائري بإلغاء نتيجة الانتخابات البرلمانية التي فازت بها جبهة الإنقاذ عام 1992 م .. وبعد أن أطيح بالرئيس الإصلاحي الشاذلي بن جديد .. واستمر هذا الصراع الدموي العنيف بين جبهة الإنقاذ وحلفائها مع الجيش والشرطة عشر سنوات كاملة سقط فيها 100 ألف قتيل و180 ألف جريح “,” تأملوا الأرقام جيدا ً“,” .. معظمهم من الأبرياء المدنيين وحشر الإسلاميون حشرا ً إلي السجون وظهرت جماعات التكفير التي استباحت أعراض المسلمين ودماءهم في قرى وجبال الجزائر .. وتمت مذابح عديدة للقرويين بأيديهم تارة وبأيدي الجيش الجزائري أخرى .. ودارت آلة التعذيب الجهنمية في السجون .
§ ورفض الإخوان الجزائريون هذا الخيار ممثلين في حركة حماس الجزائرية .. وأشبه موقفهم موقف حزب النور الآن في مصر .. واتهمتهم جبهة الإنقاذ هناك بالخيانة لأنهم قبلوا بالعملية السياسية بعد انقلاب الجيش الجزائري.
§ وبعد كل الخسائر الفظيعة التي قاربت ربع مليون قتيل وجريح ماذا كانت النتيجة ؟
§ لا الشرعية عادت ولا الشريعة طبقت ولا الدماء حقنت ولكنها أهدرت ولا الأعراض حفظت ولا الدعوة الإسلامية بقيت ولا الجزائر تطورت.
§ لقد ضاع كل شيء .. فلم تبق جبهة الإنقاذ الجزائرية علي الموجود من الشريعة والخير ولا هي حصلت المفقود منها.. فلا هي أبقت علي المصالح ولا درأت المفاسد .. ولكن “,”جلبت كل المفاسد وضيعت كل المصالح“,” بطريقة “,”كل شيء أو لا شيء “,”.
§ ثانيا ً:- خيار أربكان أردوغان :
§ اختير الدكتور مهندس أربكان رئيسا ً لوزراء تركيا بعد انتخابات حرة نزيهة .. ولم يكن له عهد بالسياسة والحكم من قبل .. ولم يكن من رجالات الدولة التركية السابقين .. ولكنه كان أكاديميا ً من الحركة الإسلامية التركية الوليدة .. ولم يتفاعل مع الأحزاب السياسية التركية الأخرى أو يصنع تحالفا ً جيدا ً معهم .. ولم يبدأ بحل مشكلات رجل الشارع التركي .. أو يتفاعل مع المنظومة الإقليمية والدولية لتركيا .. كان يريد حكم تركيا بمنظومة حزبه الإسلامي.. لم يفقه سنة التدرج كسنة كونية ماضية .. فقد بدأ بفكرة إعادة الخلافة العثمانية وأراد الانفتاح علي العالم العربي والإسلامي فقط الذي لم يتجاوب معه.
§ لم يشعر بالمواطن التركي ولم يتفاعل معه .. عاش في قضايا غير قضاياه الحياتية.. أراد أن يحكم تركيا بفكر إسلامي لم يتهيأ له المواطن التركي ولا الأحزاب التركية .
§ انقلب عليه الجيش التركي لأسباب كثيرة .. ترك الحكم وكون حزباً آخر فشل فيه أيضاً .. سجن خمس سنوات.. جاء شاب واعد اسمه أردوغان رأي أن طريقة أربكان خاطئة فقام بمراجعة شاملة لأخطاء أربكان .. لم يعتمد نظرية المؤامرة وأدرك أن المؤامرة موجودة ولكنها لا تحرك الكون .. لا تصنع نصرا ً أو هزيمة لأحد .. أدرك أن أي جماعة أو حزب مهما كانت قوته في الشارع لا يستطيع ابتلاع الدولة.. أيقن أن الدولة أبقى من الجماعة والحزب
§ قاد الدولة بعقلية الدولة وفقهها ولم يقدها بعقلية وفكر الجماعة أو الحزب .. بدأ بالوصول إلي الإنسان التركي البسيط فحقق كل طموحاته المعيشية البسيطة .. أدرك أن هذا هو الأهم والأبقى والذي سيجعله يتربع علي عرش القلوب قبل السلطة .
§ لم يحاول أن يأخذ كل شيء فيفقد كل شيء .. تحالف مع الجميع .. تعاون مع الجميع .. حل كل المشكلات مع الجميع فكسب الأصدقاء .. وحول الأعداء والخصوم إلي أصدقاء.. لم يربط نفسه بخطاب ديني متشدد يطلقه دعاة بعضهم يحمل فكرة التكفير أو يطلق خطاب الاستعلاء والاستعداء.
§ هذا هو الطريق الذي أُرشحه للحركة الإسلامية المصرية لكي تعود مجددا ًإلي سدة السلطة.. وأهم منها إلي عرش القلوب ومحبة كل الناس وكسب الأصدقاء .
§ ألستم معي في أن ذلك أفضل وأيسر بكثير من إراقة دماء أبنائنا من أجل إعادة اللبن المسكوب إلي الكوب مرة أخرى.