الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

المصالحة.. والمزايدون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ذهب الرئيس السادات إلى تل أبيب، وألقى خطبته الشهيرة في الكنيست ذاته – بتعبير الرئيس الراحل – بحثًا عن مصالح مصر بما يفرضه عليه موقعه وحسب موقفه السياسي.. قال السادات إنه مستعد أن يذهب إلى آخر العالم لتحقيق السلام، هناك مَن رفض هذه التوجهات وانتقد الخط السياسي لمصر ما بعد عبد الناصر، وهناك مَن زايد على السادات شخصيًا وطاله بأقذع عبارات التخوين.. ولكن تظل هذه هي السياسة سواء اتفقت مع القرار أو كنت من رافضيه، السياسة هي المصلحة، رغم ما يعتقده البعض أن "المصلحة" في الشارع المصري هي كلمة سيئة السمعة، إلا أنها على مستوى الدول تحدد سياساتها وتوجهاتها، الأصدقاء والخصوم، ووفق "المصلحة" أيضًا لا توجد خصومات دائمة ولا صداقات إلى ما لا نهاية في علاقات الدول.
بالتأكيد ملف "المصالحة" مع قطر هو الأكثر حضورًا إعلاميًا وسياسيًا وشعبيًا، وتساؤلات كثيرة حول صدق النوايا القطرية بعد قرار الدوحة غلق قناة الجزيرة مباشر مصر، وهل تفي بتعهداتها والتزاماتها وأن ما حدث خطوة إيجابية ستتلوها خطوات لتعود المياه إلى مجاريها؟.
البعض يرفض المصالحة ويصف قطر بعدو الشعب المصري الذي ساند الإرهاب وموّل الإخوان، وتأوي قيادات هاربة لجماعات العنف المسلح في فنادق "فايف ستارز" ينعمون في بلاط الأمير تميم حتى الآن، ليس هذا فقط بل ذهب الأمير إلى تركيا منذ أيام مصطحبًا وزراءه ورجال بلاطه إلى أردوغان، ليعقد الطرفان اتفاقيات استراتيجية وعسكرية قبل أن يصل مبعوث الدوحة بصحبة رئيس الديوان الملكي السعودي، ليلتقيا الرئيس السيسي في بادرة لإعلان حسن النوايا تجاه مصر ورئيسها المنتخب.
هناك مَن يُزايد على الموقف الرسمي، مذيعون يتحدثون بأصوات غاضبة عن "رفض الشعب" لهذه المصالحة، وهذا حق الزملاء لا يصادره أحد، ولكن ما نرفضه أن يُنصّب مذيعًا نفسه متحدثًا باسم الشعب وكأنه أجرى استفتاءً شعبيًا حول القرار أو أن موقعه أمام الكاميرا يمنحه هذا الحق.
ما نريده ويجب أن يحظى باهتمامنا هو كيف نفكر، وكيف نبحث عن مصالحنا ولماذا لا نكون براجماتيين في علاقاتنا الدولية مع الأصدقاء والأشقاء والخصوم، وأن يكون موقفنا لا يستند لمشاعر أو عواطف بقدر ما يحقق مصالحنا.
ما حدث من تراجع في الموقف القطري يجب استغلاله وألا يقتصر دورنا عند حدود النقد والهجوم؛ بل نراقب التعهدات ونطالب بتنفيذ الالتزامات.. وإذا كنا نتحدث لغة الربح والخسارة ألا يرى شلة المزايدين أن الدوحة خسرت، وأن القاهرة تحصد ثمار سياساتها المتعقلة، ألا يرى هؤلاء الموقف التركي وتصريحات نائب رئيس الوزراء بولند أرينج، التي تحدث فيها بوضوح: علينا تصحيح العلاقات مع مصر ويجب إزالة التوتر القائم.. العالم اعترف بالسيسي وعلينا تقبل الواقع.. وأن نقيم علاقاتنا مع مصر على أرضية سليمة وبسرعة.. المصلحة هي التي تجعل من طهران بعد أن كانت عضوًا في محور الشر-  حسب الرؤية الأمريكية - صديقًا لواشنطن، تُجري معها صفقات وتفاهمات من أجل أهداف مشتركة.
"وإن جنحوا للسلم"، سوف نمد أيدينا ونحن نراقب وننتظر أن تتم ترجمة الأقوال والتصريحات إلى أفعال وسلوك.. يجب أن نذهب لمصالحنا أينما كانت، ونختار انحيازاتنا ونحدد مواقفنا حسب أهدافنا، المشاعر لا تصنع مستقبل الدول.. علينا أن نكون أكثر واقعية، والمصلحة ليست كلمة قبيحة، والخصومة لها سقف.. وإن عدتم عدنا.