الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

الغنوشي ينفي صفقة "النهضة" مع السبسي لدعمه في الانتخابات الرئاسية

راشد الغنوشي
راشد الغنوشي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نفى رئيس "حركة النهضة" التونسية، راشد الغنوشي، ما تردد عن عقده صفقة مع رئيس حزب "نداء تونس" الباجي قائد السبسي، تقضي بدعم النهضة للأخير سرًا في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، المقرر عقدها بعد غد الأحد، مقابل منحها عددًا من الحقائب الوزارية، وهو ما دفع شخصيات قيادية بالنهضة، كالأمين العام السابق لها حمادي الجبالي، إلى الاستقالة بشكل نهائي، احتجاجًا على ذلك.
وقال الغنوشي، في مقابلة هاتفية مع وكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ): "هذه كلها خيالات وأوهام لا أساس لها من الصحة.. ولسنا بصدد عقد صفقات".
غير أن الغنوشي (75 عاما) عاد وأكد أن نفيه لوجود صفقة مع السبسي لا يعني بأي حال من الأحوال رفضه وحركته الانضمام للحكومة، إذا ما طلب منه نداء تونس ذلك، موضحا: "إذا ما طلب نداء تونس، وهو الحزب المكلف بتشكيل الحكومة، مشاركتنا فى الحكومة، فسننظر في هذا الطلب بجدية، وندخل في التفاصيل، لنرى إمكان الوصول لبرنامج مشترك تقدر فيه مصلحة البلاد".
ولفت الغنوشي إلى أن: "تشكيل حكومة ائتلاف وطني أمر ليس جديدًا على حركة النهضة، على عكس ما يردد منتقدوها"، مذكرًا إياهم" بأن النهضة قد أدرجت هذا المطلب بشكل أساسي في حملتها الانتخابية.. ولذا فإذا دعيت الحركة له الآن فسننظر في هذا الطلب بجدية".
ويري رئيس حركة النهضة: "على الرغم من استقرار البلاد، فإنها لا تزال في مرحلة انتقالية، وتلك المرحلة لا يصلح لها الحكم بنسبة 51%، وإنما يصلح لها الحكم الوفاقي، الذي تكون قاعدته واسعة، لا تقتصر على نسبة 51%، بل تمتد لتصل إلى 70 أو 80%، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا بمشاركة النهضة".
وتعهد الغنوشي - الفائز بجائزة ابن رشد للفكر الحر لعام 2014 - بعدم تحول النهضة حال عدم مشاركتها في الحكومة إلى صانع ومثير للعوائق والمشكلات أمام كل من الحكومة الجديدة، أو ساكن قصر قرطاج الرئاسي، أيا كان اسمه، وتحديدًا شخص رئيس نداء تونس الباجي قائد السبسي، وقال: "سنكون معارضة مسئولة تضع مصلحة البلاد، وإنجاح الخيار الديمقراطي قبل مصلحة الحركة".
واستنكر الغنوشي ما يتردد عن أن النهضة بقيادته ربما تكون أكثر ذكاء، وتقوم بدعم السبسي في الرئاسة، وكذلك بدعم حكومة نداء تونس من خلال موقعها بالمعارضة، مقابل منحها امتيازات معينة تترجم في صورة مناصب أو تحالفات تضمن لها في الوقت الراهن استمرارية بقائها كقوة رئيسية بالمشهد السياسي بتونس في الوقت الذى تشهد فيه بقية الأحزاب المنبثقة عن جماعة الإخوان بدول المنطقة تراجعًا واضحًا، فضلا عن أن القيام بدور المعارضة الهادئة سيمكنها، في الوقت نفسه، من إعادة ترتيب صفوفها، للعودة بقوة في الانتخابات المقبلة.
وقال الغنوشي: "سنكون معارضة مسئولة.. لا معارضة فوضوية ولا معارضة احتجاجية.. وكذلك لا معارضة عدمية.. لن نراهن على فشل الحكومة كما تعاملت المعارضة معنا سابقًا حين كنا نحن بالسلطة.. سنعمل على إنجاح التجربة من أي موقع نكون به سواء مشاركين في الحكومة أو خارجها".
وتابع الغنوشي: "النهضة جزء من الحكم أيا كان موقعها.. فإذا كنا خارج الحكومة فسنكون التيار الرئيسي بالمعارضة، ونحن الحزب الثاني الأكبر بالبلاد، ولذا فنحن نرى أننا نتحمل مسئولية كبيرة في إنجاح التجربة الديمقراطية بالبلاد".
واستبعد الغنوشي قيام نداء تونس، إذا تمكن من جمع الرئاسيات الثلاث بالدولة، البرلمان والحكومة ورئاسة البلاد، حال فوز السبسي بالمنصب، بشن حملة تصفية تستهدف النهضاويين وحلفاءهم في المؤسسات والقطاعات الحكومية، وقال: "من الناحية النظرية الاحتمال يبقي قائما.. ولكننا نستبعد حدوثه في الواقع؛ لأنه لا أحد يملك أن يعيد تونس للوراء، ولنظام الاستبداد، فالثورة قامت ضد الاستبداد".
وهاجم الغنوشي بقوة الأصوات التي تندرت وسخرت من تكرار حركة النهضة التزامها بالحياد بين المرشحين للرئاسة، وعدم توجيهها لقواعدها، خاصة مع الدعوة الصريحة التي وجهها كل من القياديين بالحركة حبيب اللوز، وصادق شورو لانتخاب المرزوقي، فضلا عن إقرار الغنوشي نفسه بأن أغلب النهضاويين صوتوا في الجولة الأولي للمرزوقي، وقال مدافعًَا: "نعم أكثر النهضاوييين صوتوا للدكتور المرزوقي.. ولكن هذا لا يعود لتوجيهات صدرت لهم من قيادة الحركة، وإنما يعود ذلك لأداء الأحزاب الأخرى، وتحديدًا نداء تونس.. فقد جاء خطاب نداء تونس للنهضاويين مستفزًا ومليئًا بالتخويف والتهديد.. وبالتالي ليس من المتوقع أو الطبيعي أن يصوتوا لمرشحه.. إلا إذا غير نداء تونس خطابه".
ولفت الغنوشي إلى وجود تناقضات بمواقف وخطابات قيادات حزب نداء تونس الموجهة للنهضاويين، وقال متعجبا: "الملاحظ أنه في كل مرة يوجه رئيس نداء تونس خطابا إيجابيًا للنهضاويين إلا ونجد له تعقيبًا في اليوم التالي مباشرة من أحد قيادات ذلك الحزب وزعمائه يؤكد فيه أن النداء لن يتعامل أو يتحالف مع النهضة".
ورفض الغنوشي تفسير البعض حديثه بأن "إدارة التنوع في تونس صعبة جدًا، إن لم يكن مستحيلا"، بكونه "رصاصة رحمة" أطلقت على المرزوقي، لتقضي على أي أمل أو فرضية للأخير للفوز بالمنصب والنجاح فيه، وقال: "لم أقل إن إدارة التعدد والتنوع مستحيلة، ولكنها عملية صعبة.. وهذا أمر معروف وفي أعرق الديمقراطيات نجد أن العلاقة بين رئيس لا يملك أغلبية برلمانية أو يفقدها مقابل رئيس حكومة يتمتع بقدر كبير من تلك الأغلبية لا تكون سهلة أو ميسرة أبدا.. ونحن بتونس ديمقراطيتنا ناشئة ولا تتحمل صراعات قوية.. ومع ذلك الأمر ليس مستحيلا، ومن الممكن أن يقف كل من الرجلين عند حدودهما، ويحترم كل منهما حدود الآخر".
ووصف الغنوشي تصوير البعض لاستقالة بعض قيادات الحركة، أخيرا، بكونها مقدمة لانشقاق في الحركة واحتمالية انقسامها لعدة أحزاب، بأنها "مجرد أماني وأحلام يطلقها منافسو وخصوم حركته".
وشدد: "ليس هناك انشقاق بالنهضة.. هناك خلافات معظمها يدور داخل الحركة وتحسم فيها عبر مؤسساتها، وهذا أمر معروف وليس جديدًا.. ولكن بعض الأطراف لم تصبر على ذلك.. وبتاريخ الحركة الممتد عبر أربعين عامًا خاضت خلالها وأعضاؤها وقياداتها الكثير من المحن، من نفي وسجن، حدث خلالها أن خرجت بعض الشخصيات من النهضة ثم عادت أغلبها إليها.. وحتي من بقى خارج صفوفها ظل صديقا لها، وبالتالي لا يمكن تصوير الأمر على كونه انشقاقًا".
وفي رد الغنوشي على تساؤل حول حقيقة الأسباب التي دفعت الأمين العام السابق للحركة حمادي الجبالي للاستقالة بشكل نهائي، كما أعلن أخيرا، أجاب رئيس النهضة: "هناك تطورات كثيرة حدثت على مدى العام ونصف العام الماضيين.. تطورات نقلت البلاد من مرحلة الصراع مع ما يعرف بـ"النظام القديم"، إلى مرحلة جديدة تتسم بالحوار والتوافق مع هذا النظام.. هذه التطورات لم يكن هضمها سهلا لدى البعض.. وبالتالي ظل متمسكًا بالخيار الثوري، بمعني استمرارية الصراع مع ذلك النظام القديم بهدف طي صفحته تماما".
وأضاف الغنوشي: "هذه التطورات والتحولات هي التي أنقذت بلادنا من مواجهة مصير مقارب لمصير باقي دول الربيع العربي".
ولم ينكر الغنوشي الحديث المتردد من البعض، ومفاده بأن طرح النهضة ودعوتها المتكررة لحكومة وحدة وطنية، أو لحكومة ائتلاف موسع، هو محاولة منها للتمسك والبقاء بالسلطة بأي طريقة، وقال: "من حق أي حزب أن يسعي للحكم، وإلا لماذا تنشأ الأحزاب؟".
وأضاف: "ولكن لا يمكنني القبول بما يردده البعض بأننا فى النهضة رفضنا حكومة الوحدة الوطنية عندما فزنا بالأغلبية، عقب الانتخابات الماضية عام 2011، واليوم نقبل بها بعد أن صرنا الحزب الثاني.. فهذا الحديث غير صحيح.. فعقب فوزنا بالأغلبية عام 2011 كان من الممكن أن نشكل حكومة نهضاوية عبر اجتذاب بعض المستقلين بالبرلمان، لكننا رفضنا ذلك ودعونا الجميع للمشاركة معنا، وهناك من استجاب، وهناك من رفض، وفضل البقاء بصفوف المعارضة".
واختتم الغنوشي حديثه بتأكيد أن حركته ستتعامل بكل إيجابية مع من يختاره الشعب التونسي، لقيادته خلال السنوات المقبلة.