الأربعاء 27 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

نظرية عمار الشريعى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى ليلة شتوية باردة من سنوات حكم مبارك الأخيرة.. اتصل عمار الشريعي فجرًا بالموسيقار حلمى بكر منزعجًا.. «أنا عميت يا حلمي»!!
طبعًا وبشكل تلقائى عم حلمى فط من السرير وخد توبه فى سنانه وجرى على عربيته.. ولأن الفنان الجميل حلمى بكر مغرم بالعربيات النادرة.. العربية عصلجت.. الدنيا برد والبطارية نايمة.. فرجع البيت يشوف حد يتعامل مع العربية.. وهو راجع خد نفس وافتكر أن عمار الشريعى لا يرى أصلًا.. فشعر أنه خد مقلب من صاحبه خفيف الدم.. فطلبه يعاتبه.. فوجده لا يزال على حالته يصرخ.. أنا عميت يا حلمي.. عمنا حلمى بكر سحب نفس وقاله «يا.. إيه الجديد بقي» فإذا بالشريعى المبدع الحكيم الجميل يقول: «أنا النهارده ما عرفتش أصلح عطل فى الاستديو.. دى أول مرة تحصل.. أول مرة أحس إنى أعمي».. ولأن حلمى بكر يعرف ولع الشريعى الدائم بإصلاح المعدات وأجعص جهاز.. اندهش.. واستفسر كثيرا، فعلم أن أحد الفنيين فى الاستديو الذى كان يمثل إحدي أهم فيلات شارع على إسماعيل بالدقى لعب فى الأجهزة.. ونقل أحد الأسلاك من مكانها.. فلم يتمكن الشريعى من إصلاح العطل، فظن أنه فقد قدرته على «البصيرة»!
وباختصار حالة مهندس موسيقى الأرابيسك عمار الشريعى، هذه هى حالة حكومتنا الرشيدة التى تعرف أنها فقدت بصيرتها، لكنها تصر على أنها شايفة كل حاجة.. وعارفة كل حاجة.. وبتعمل كل حاجة.. والعيب فينا.. مع أن «العطل» ممكن يكون مش منها.. لكن من «البصيرة».. من مهندس نقل جهازا من مكانه فلخبط كل دواير الحكومة الكهربائية.

يا سادة.. لا يمكن لنا أن نزرع أو «نقلع» من غير سياسة.. من غير بصيرة.. السياسة هى «النظر كله» مش وجهة النظر.. لا يمكن لفلاحين أن يزرعوا وينتجوا ويصل إنتاجهم لنا سليما طازجا بدون سياسة زراعية واضحة!!

من ٢٠ سنة وإحنا فى الصعيد.. كان فيه حاجة اسمها الدورة الزراعية.. وكل «حوض» يلتزم بها.. يعنى السنة دى الحوض الفلانى بيزرع قطن.. والحوض العلانى بيزرع قمح.. والحوض التركانى يزرع بصل.. يعنى مش كل واحد بمزاجه.. وكان الفلاحون يمشون على هذه الدورة زى الألف.. غير مضارين ولا متذمرين.. الآن لا أحد يلتزم بشيء.. ولا جمعيات زراعية تلتزم بتوريد التقاوى أو السماد أو الكيماوى - كله حر- كله يستخدم «وجهة نظره».. ويزرع اللى عايزه فى الوقت اللى هو عايزه.. وبنفس الطريقة.. ونفس الحال فى كل الوزارات.. وخاصة المرتبطة بحياة الناس.. فالصحة على سبيل المثال أيضًا لا يمكن إصلاح أحوالها بدون نظام علاجى واحد.. مافيش فى الكون بلد بيعمل خمسة أنظمة علاج.. وما حدش يتعالج فى الآخر.. يعنى إحنا عندنا التأمين الصحي.. العلاج على نفقة الدولة.. المؤسسات العلاجية.. المؤسسات العلاجية التابعة للنقابات والجيش والشرطة.. والمعاهد التعليمية الصحية التابعة لوزارة التعليم العالى، والمستشفيات الحكومية مركزية وقروية ومستشفيات التكامل.. كل ده والناس بتترمى على الأسفلت تحمل أوجاعها وشكواها إلى رب العالمين.

دى الحكاية يا جماعة.. عندنا زراعة وفلوس وناس، وما بنزرعش اللى محتاجين ناكله ونلبسه.. وعندنا صحة وفلوس ووزارة صحة ودكاترة وممرضين ومستشفيات مصروف عليها ملايين وما بنتعالجش.. ومدارس بالملايين ومدرسين وكتب وخبراء ومستشارين، ومبنتعلمش!! وهنفضل كده لو فضلت الحكومة تظن أنها «شايفة».. وعارفة.. على طريقة عمار الشريعي.