تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
شيء واحد يجمع بين مبارك ومرسى، أن كلاهما “,”رئيس سابق“,” وما دون ذلك فشتان بين الاثنين .
الفرق بين رئيس يرى ويعترف ويقرر – أقصد مبارك – وبين رئيس أعمى معصوب العينين، يؤمر فينفذ ولا يملك أن يقرر، بل أن يسمع فيطيع.. إذن فالفرق بينهما مثل الفرق بين الأعمى والبصير.
انسحب مبارك بعد 18 يوماً من المشهد متخليا عن السلطة والكرسي الذى جلس عليه ثلاثين عاماً، وأثناء الأحداث رفض أن يستقبل مكالمات أوباما الأولى والثانية ثم رد عليه في المكالمة الثالثة، لم يستجديه أو يحرض على الشباب وتعامل مبارك من موقعه كرجل دولة مع أوباما، مؤكدا أنه أدرى بالشعب المصري.. ثم استجاب مبارك لصيحات الرحيل قاصدا شرم الشيخ.. أيقن الرجل أن دوره السياسي انتهى.
فالشعب يطالبه بالرحيل والمؤسسة التي يفخر بالانتماء لها “,”المؤسسة العسكرية“,” انحازت للشارع فلم يكن أمامه وقتها إلا أن يتوارى، ورغم ذلك أعلن في خطاب التنحي تسليم السلطة للمجلس العسكري.. ليس هناك مجال للانتقام ممن تخلوا عنه من قادة الجيش فضلاً عن أن الجيش هو المؤسسة الوحيدة القادرة على أن تضمن لمصر خروجاً آمن في المرحلة الانتقالية، هذا هو مشهد النهاية لمبارك.. رجل واقعى ..فشل في إدارة الأزمة السياسية، فخرج من قصر الرئاسة ليحكم التاريخ بما له وما عليه.
مصر مع مرسى شيء مختلف تماما .. وأقصد بمصر هنا مؤسسات ومواطنين.. الجميع يعيش أزمة مع رئاسة تعلن أشياء وتفعل عكسها، تصدر قرارات وتتراجع تخرج من أزمة لتفتعل غيرها.. سقطت هيبة الرئاسة والرئيس بعد أن أصبح مرسى مادة للسخرية والتندر.
“,”عام واحد يكفى“,” قالها مرسى في خطاب هدد فيه مصر كلها، فإذا بمصر هي التي ترفع هذا الشعار في وجهه ليكون يوم توليه هو نفس يوم سقوطه وتنحيته وعزله لا يحظى مرسى بأي قدر من الذكاء السياسي لأنه أهدر فرصة النجاة لنفسه وجماعته.
هذا إذا اعتبرناه شخصاً كامل الأهلية، لا يأتيه الأمر من مكتب الإرشاد.. وينتهى به الأمر وهو معزول ويواجه 16 اتهاماً، ما بين تخابر وإهدار مال عام، وجماعته في الشارع تتحصن بأطفال يرتدون أكفانا في مشهد رخيص لطخ تاريخ الإخوان بالعار، ويحتمون بالنساء في معسكري رابعة والنهضة، معلنين الجهاد ضد المصريين ويستعدون الأمريكان للتدخل، والأوربيين للوساطة فإذا بها جميعا محاولات فاشلة.. فما كادت كاثرين اشتون الممثل الأعلى للسياسية الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي تلتقى مرسي حتى خرجت لتؤكد: أن مرسى فاقد للمنطق في الحوار فاقدا الاتصال بالواقع لأنه طلب الاتصال بالمرشد والإفراج عن خيرت الشاطر ولم يطلب إطلاق سراح نفسه!!
اطمأن الأمريكان بتقرير أشتون، فجاء قرار واشنطن الحاسم على لسان جون كيري بأن الجيش تدخل بإنقاذ الديمقراطية بناءً على طلب ملايين المصريين وأن الأمر ليس انقلاباً عسكرياً كما صوره الإخوان حسب حملة العلاقات العامة التي روج لها وأشرف عليها عصام الحداد والتنظيم الدولي..
ولولا زيارة أشتون، والسماح لها بلقاء المعزول ما تغير الموقف الأمريكي والأوروبي من الإخوان وثورة يونيه.. استغرقنا وقتا طويلا لكن في النهاية جاءت النتائج إيجابية أفريقيا ودوليا.. ومازالت الجماعة للأسف تحفر مقبرة كبيرة لنفسها .. فلا هي بقيت جماعة دعوية ولا حزب سياسي.. وما تفعله الآن يخرجها من تاريخ مصر تجر أذيال الخيبة والفشل.