الذي دفعني للكتابة في هذا الموضوع حوارًا شاهدته على قناة القاهرة والناس برنامج الاستاذ توني خليفة "أسرار من تحت الكوبري" بين فضيلة الشيخ / سالم عبد الجليل والسيد القمني، وإنني كنت أنوي أن أكتب هذا العنوان " كلمتي للمغفلين" أي الذين استغفلهم الشيطان فأبعدهم عن الإيمان، ولكنني تراجعت حتى لا يفهم الموضوع من أوله خطأ، فيا أيها الملحدون قضية الإلحاد من أقدم القضايا الإنسانية ولم تظهر مع ظهور الثورة الصناعية في أوروبا أو مع نظرية دارون.
فقد أشار إليها كتاب الله في قوله تعالى "وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُمْ بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ" وهؤلاء يطلق عليهم الدهريون أي الذين يقولون بأن الطبيعة هي خالقة الأشياء ولا يوجد آله يميت أو يحيي، فمسألة إنكار الإله موجودة وقديمة منذ قديم الأزل، فهي مسألة موجودة بوجود الإنسان ألا وهي قضية " والكفر والإيمان" والإلحاد له أسباب عديدة لا نستطيع حصرها في هذا المقال البسيط، و لكن سوف نشير إلى بعض هذه الأسباب وخاصة أنه بدأ يظهر بوضوح في فترة حكم الإخوان وما بعدها وهذه أول الأسباب التي سوف أشير إليها في هذا المقال ألا وهي.
انهيار القدوة.. فظهور الجماعات الإسلامية "جماعات الإسلام السياسي" أثناء فترة حكم الإخوان كان ظهور الفجرة، بمعنى أن كل منصف ومحلل اكتشف أن جماعات الإسلام السياسي ما هي إلا صورة "الداعش أو النصرة" أو هذه الجماعات المجرمة التي تستبيح كل شيء باسم الدين– القتل التعذيب العدوان الكذب استحلال أموال الناس التجبر في الأرض.
وكذلك الانحطاط الأخلاقي، الشيخ / ونيس وعنتيل سمنود وفتاوي إرضاع الكبير ونكاح الوداع ونكاح الصغيرة وجعل ذلك قضايا مهمة تتم مناقشتها، وشروح ورد على الشروح وتكفير المخالف، وتكفير المشايخ من أهل الضلال، وتقسيم المجتمع إلى علمانيين وصليبين كفرة ومعهم الفلول ومسلمين احتكروا الدين لأنفسهم وهم أصحاب سلوكيات منحطة وأفكار بليدة الحجة التي معهم السيوف، وكلمات الكفر التي توزع مجانا، احتكروا الجنة لأنفسهم ووهبوا النار للخصوم، سلوكيات أبعد ما تكون عن الرحمة والشفقة على الناس، وأحط أخلاق خرجت من عباءاتهم وطفحوا على الناس مجاري عقولهم المريضة المنحصرة في النكاح، وقتل الكفار نظر الناس إلى هذه الجماعات بداية من جمعة الخراب "جمعة قندهار" في ميدان التحرير فأصلبهم الفزع من هذا الخطاب الديني العنصري الغبي الجاهل الشهواني للسلطة وملذاتها بغير عقل لا إبداع ولا أفكار بناءة ولا مشاريع ولا طموحات تليق بوطن كمصر وبشعب يبحث عن منقذا له من الفقر والجوع والبطالة وانهيار منظومات كثيرة "التعليم الصحة الفن الخدمات على جميع المستويات اقتراب ملايين من الفتيات المصريات الجميلات الطيبات إلى سن العنوسة وفقدان حلم العمر حلم الأمومة التي لو ضاعت من الفتاة لضاع معها كل شيء جميل في حياتها، وملايين الشباب العاجزين حتى عن الكلام في موضوع حياتهم، وهو تكوين أسرة ولو بأقل القليل وضاع الشباب المسكين بين حكم مجرم جثم على صدور البلاد على مدار ثلاثين عامًا تكونت حوله طبقة من أكابر مجرميها تحتكر وتسرق و تذهب الأراضي التي تدر عليها المليارات و أصبحت حياتهم استفزازية لجموع الشعب المصري الذي قُهر بالأمن وقُهر بالفقر والعجز والعوز وقلة الحيلة حتى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي عقب الحكم بالبراءة على المجرم وأعوانه مبارك قال بأن ثورة 25 يناير تأخرت 15 سنة، وما أدراك من هو عبدالفتاح السيسي (مدير المخابرات الحربية) الذي يعرف خبايا الحكام.
وبعد الثورة العظيمة التي قام بها شعب مصر الفقير المغلوب على أمره ثورة 25 يناير تآمرت عليها أمريكا وأصبح هذا الأمر من الوضوح بما لا يحتاج إلى دليل، ويكفي أن أنقل كلام طنطاوي المشير المتهم بتمكين الإخوان خضوعا لرغبة الأمريكان أنه في شهر 3/2014 في حوار جريدة اليوم السابع بأن المنطقة كانت مهددة بالتقسيم والإخوان شركاء في هذه الجريمة ولولا عناية الله وثورة 30 يونيه لضاعت المنطقة.
وأما "مراد موافي" مدير المخابرات العامة فقد نشرت له جريدة الموجز حوارا في شهر 12/2014 اعترف فيه بوجود مخطط لهدم المنطقة العربية بدأ بعد انهيار الاتحاد السوفيتي 1990، وكانت بداية تنفيذ هذا المخطط هو غزو العراق وبعدها قرر الأمريكان الاستعانة بجماعة الإخوان لتنفيذ هذا المخطط بالتعاون مع المخابرات الأمريكية لعدم اعتراف الإخوان بالحدود الإقليمية للدولة، وكان من المخطط إعلان سينا إمارة إسلامية لتهجير عرب فلسطين إليها والحوار طويل وعندما رأى شباب مصر هذه القيم الزائفة تنهار أمام أعينهم لم يفقدوا الثقة في هذه الكيانات التي حملت القيم الزائفة ولكنهم فقدوا الثقة في "القيمة نفسها" والقيمة هنا كانت الدين الذي تعاملت معه هذه الكيانات تعامل الكهنوت (كهنوت العصور الوسطي) الذي دفع الأوروبيين للكفر والإلحاد، وقامت الثورات ضد الكنيسة التي تمثل القيمة الزائفة، وكان هذا من البلاء الشديد الذي لا تستوعبه هذه العقول الصغيرة، وخاصة التي سجنت نفسها في إطار الحدود الدينية فامتنعت عن الملذات المجرمة تحريم هذه الجماعات ثم وجدت قيادات كبيرة في هذه الجماعات تنتهك المحرمات وتسفك الدماء فحدث انهيار للقيمة والقدوة فتركوا الدين جملة وتفصيلا، فكانت هذه الجماعات وهذه القيادات جماعات وقيادات صد عن سبيل الله تعالى دفعت الشباب للكفر بالدين، وكان الأولى أن يكفر الشباب بهذه الجماعات وهؤلاء الشيوخ شيوخ النفاق والكذب والاستحلال، ولكن العقل الصغير لهذا الشباب هو عقل مندفع غير ناقد كمثل عقول الشباب في جميع العالم.
وللأسف الشديد من خلال كلام الملحد "سيد القمني" اكتشفت أن هؤلاء الملحدين كالمستجير من الرماد بالنار، فعندما سئل عن بداية الخلق قال هناك نظرية الانفجار الكبير، فأخذت أضحك بيني وبين نفسي لأن الإيمان بنظرية "الانفجار الكبير" هي الكفر بالإلحاد لماذا؟
لأن أغلب الملحدين يؤمنون بالنظريات العلمية وهي القائمة على 1- المشاهدة ثم التحليل وهذا لم يتوافر لأحد أن شاهد الانفجار الأول حتى نخضعه للتحليل.
2. التجربة التي تؤدي إلى نتائج وهذه أيضا لم تخضع للتجربة فكيف يؤمنون بنظرية لم تخضع للمشاهدة ولا للتجربة وبذلك هي نظرية غير علمية و كذلك نظرية العم " دارون " هذا الرجل الجاهل الذي أدعى أن أصل الإنسان أنه قرد و خضع لنظرية التطور ولم يقل لنا هذا الدارون عن أصل الكلاب والقطط والبقر والجاموس ...إلخ هل الإنسان فقط هو الذي خضع لهذه النظرية التي لم نر ولم نسمع على مدار عمر الإنسانية عن تطور الأشياء من جنس إلى جنس فهل الإيمان بنظرية الانفجار الكبير ونظرية الجاهل دارون هما طريقة الإلحاد فبئس للظالمين بدلا، وقد صدق الله العظيم حين أكذبهم بالحجة الدامغة في قوله تعالى "مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً" سورة الكهف.
فلا يوجد بيننا من شاهد خلق السماوات والأرض ولا خلق الإنسان إلا كما صوره لنا الله سبحانه وتعالى، وإنني أقول للملحدين الناس تكره الموت فلماذا لم يخترعوا نظرية تمنع الموت حتى الآن الإنسان يكره العجز والهرم فلماذا لم تخترعوا ما يمنع الهرم والانتكاسة في الخلق قال الله تعالى " وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الخَلْقِ" أي يصبح الإنسان عاجزا عن المشي وتنهار ذاكرته ويفقد قوة بصره .. إلخ صدق الله العظيم.
" وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً" لا يوجد للملحدين بديلاً عن الإيمان إلا الضياع والحيرة والركض وراء الشهوات بلا حدود كالبهائم لا بديل عن الإيمان إلا طمس البصيرة والإيمان بخزعبلات وتخاريف العم دارون والانفجار الكبير .
دعوتي للملحدين أن يفرقوا بين القيمة أي حقيقة الدين وبين ظالمين القيمة، فربما يكون الحاملين لهذه القيمة منحطون يستغلون ثقة الناس فيهم لكي يمارسوا عليهم الدجل والكهنوت وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى ذلك في قوله تعالى :- " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ " سورة التوبة.
وقد جاء أحد الملحدين إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه عظمة إنسان
قد رمت وأصبحت كالرماد فقال يا محمد أتزعم أن الله يحي هذه العظام بعد أصبحت تراباً
– فنزل قوله تعالى "وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ
يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيم * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ
مَرَّة وَهُوَ بِكُلِّ خَلْق عَلِيم " يس
وإلى لقاء أخر بإذن الله.