لم يكن في مخيلة كوكب الشرق أم كلثوم أن المسرح الذي وقفت على خشبته بسينما "الحمرا" في يافا عام 1937 وأطربت الحضور بأغاني فيلم "نشيد الأمل" أنه سيأتي يوم وتقع النكبة عام 1948 وتخضع يافا للاحتلال الإسرائيلي، وليس هذا فحسب، بل تحول مبنى السينما إلى كلية روحية لتعليم مذهب "الساينتولوجي" المسيء للديانتين الإسلامية والمسيحية، لتحمل واجهة السينما التي وضعت عليها صورة كوكب الشرق اسم "الساينتولوجي" باللغات العربية والعبرية والإنجليزية.
"احجزوا محلاتكم من الآن قبل نفاذها"، وهى العبارة التي كانت مكتوبة على الدعوة الخاصة بالحفلات التي ستقيمها السيدة أم كلثوم بمدن فلسطين، وتقول الدعوة "أعياد الطرب والسرور بمدن فلسطين تتشرف بالمطربة الفنانة "بلبل الشرق والأقطار العربية" مع فرقتها المكونة من مشاهير الفن والتي تقدم منتخبات من أجمل وأعذب الأغاني يوم الأحد والإثنين 5 و 6 مايو".
ولم تكن الدعوة لأهالي يافا والقدس وعموم المدن الفلسطينية فقط، بل لعشاق أم كلثوم من مصر أيضا، حيث أن الشركة العربية للنقل والتجارة أمنت في تلك الفترة رحلات من القاهرة إلى القدس ويافا، وهى شركة تجمع شركة أوتوبيس الشرقية والدقهلية في مصر وشركة غزة والقرى الجنوبية بفلسطين، في رحلة تستغرق 12 ساعة في باصات فاخرة جهزت بجميع أنواع الراحة والفخامة مقابل جنيهين و75 فلسا.
"كنا منارة لكل الفنانين العرب"، هكذا بدأ المخرج والفنان المسرحي مدير مسرح وسينماتك "القصبة" برام الله جورج إبراهيم حديثه مع موفد وكالة أنباء الشرق الأوسط في رام الله، مسترجعا التاريخ الفني والثقافي لفلسطين قبل الاحتلال، وقال "إن الشعب الفلسطيني كان قبل النكبة محبا للفن وكان الجمهور على درجة كبيرة من الوعي والثقافة ويحب الأعمال الفنية والفنانين خاصة الذين يأتون من مصر إلى بلاد الشام".
أما بعد الاحتلال، دأبت إسرائيل على منع اتصال الفلسطينيين بالعالم الخارجي وبخاصة العالم العربي، وتشتت الشعب في كل بقاع الأرض ولم يكن لدى المواطنين الفلسطينيين أي فرصة لمتابعة شغفهم وحبهم للفن، بسبب التهجير واللجوء والعيش في المخيمات، وأصبح هدفهم الرئيسي هو سد جوعهم أكثر من الثقافة والفن.
ولكن بعد نكسة 1967، أكد المخرج جورج إبراهيم أن الشعب الفلسطيني بدأ يدرك أن الثقافة والفن هى إحدى مكونات الشعوب ولا يمكن التخلي عنها، خاصة بعد أن تم تجريد الوطن من أي منبر إعلامي للتعبير عن نفسه وقضيته، فأصبح الفن والثقافة هو المنبر الوحيد.
وفي هذه الفترة، أوضح مدير مسرح "القصبة" أن المسارح ودور السينما وكافة أشكال الفن والثقافة أصبحت هى الفرصة الوحيدة لطرح وشرح القضية الفلسطينية أمام العالم، ومن هنا بدأت الأعمال الفنية التي ازدهرت بعد الانتفاضة الأولى وبدأت فلسطين تضع قدمها على خريطة الفن والثقافة العالمية.
سعيد علي، مدير مكتب وزير الثقافة الفلسطيني يحكي أنه سمع عن حضور أم كلثوم إلى المدن الفلسطينية من أجداده، والذين أكدوا له أن فلسطين كانت في هذه الفترة الساحة الأولى للفن والثقافة في الوطن العربي.
وعن التعاون الثقافي والفني بين مصر وفلسطين حاليا، قال مدير مكتب الوزير "هناك تعاون دائم ومستمر مع مصر في المجال الفني والثقافي ونقوم بالمشاركة في العديد من الفعاليات والنشاطات الفنية المصرية".
وأكد أنه يتم حاليا وضع استراتيجية وطنية ثقافية واضحة هدفها الرئيسي الحفاظ على الهوية الثقافية والفنية لفلسطين، وذلك رغم كل التحديات التي يعاني منها الشعب الفلسطيني سواء من الاحتلال أو من نقص وضعف الإمكانيات.
وكانت يافا، قبل عام 1948 مركزا ثقافيا بامتياز، وكانت مسارحها ومتنزهاتها عنوانا لحفلات وزيارات فنانين كبار، من بينهم عملاق المسرح والسينما المصرية في ذلك الوقت يوسف وهبي، إضافة إلى عبد الوهاب وأم كلثوم، وهو ما كان يدل على وجود تبادل ثقافي بين المدن الفلسطينية وما كان يجري في العالم العربي.
أما سينما "الحمرا" في يافا كانت بالنسبة للكثيرين دار السينما الأشهر ما قبل النكبة وحظيت بشعبية كبيرة وظلت تعمل حتى فترة النكبة وكانت تحتوي القاعة على 1100 مقعد.
لكن المبنى تعرض بعد النكبة لتطورات عديدة عملت خلاله عدة مؤسسات مختلفة من بينها مسرح محلي وفرع لبنك "دسكونت" ومصالح أخرى حتى تم شراء المبنى قبل عدة أعوام من قبل جماعة "الساينتولوجي" العالمية وهى مجموعة انشقت عن الكنائس وأنشأت تيارا دينيا جديدا لا تعترف بمعظم كنائس العالم ولا الديانات السماوية الأخرى.
ومركز الجماعة في سينما "الحمرا" سابقا هو مكتبها الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وتم تدشينه عام 2012 بمشاركة 2700 شخص قدموا من مختلف أنحاء العالم، حيث تأمل الجماعة في تحويل مقرها في يافا إلى مركز جماهيري تقوم خلاله بأنشطة ثقافية مختلفة تجذب إليها شرائح مجتمعية وشبابية متنوعة.
وتشعر وكأن كوكب الشرق أم كلثوم عندما رأت ما حدث لحال الفن في فلسطين بعد الاحتلال، فكرت وقررت أن تغني "فات الميعاد" عام 1967 وكأنها تنظر إلى سينما "الحمرا" التي تحولت إلى مقر لمذهب "الساينتولوجي" وتقول "قول للزمان أرجع يا زمان"..فهل يعود الزمان يوما ما؟.
"احجزوا محلاتكم من الآن قبل نفاذها"، وهى العبارة التي كانت مكتوبة على الدعوة الخاصة بالحفلات التي ستقيمها السيدة أم كلثوم بمدن فلسطين، وتقول الدعوة "أعياد الطرب والسرور بمدن فلسطين تتشرف بالمطربة الفنانة "بلبل الشرق والأقطار العربية" مع فرقتها المكونة من مشاهير الفن والتي تقدم منتخبات من أجمل وأعذب الأغاني يوم الأحد والإثنين 5 و 6 مايو".
ولم تكن الدعوة لأهالي يافا والقدس وعموم المدن الفلسطينية فقط، بل لعشاق أم كلثوم من مصر أيضا، حيث أن الشركة العربية للنقل والتجارة أمنت في تلك الفترة رحلات من القاهرة إلى القدس ويافا، وهى شركة تجمع شركة أوتوبيس الشرقية والدقهلية في مصر وشركة غزة والقرى الجنوبية بفلسطين، في رحلة تستغرق 12 ساعة في باصات فاخرة جهزت بجميع أنواع الراحة والفخامة مقابل جنيهين و75 فلسا.
"كنا منارة لكل الفنانين العرب"، هكذا بدأ المخرج والفنان المسرحي مدير مسرح وسينماتك "القصبة" برام الله جورج إبراهيم حديثه مع موفد وكالة أنباء الشرق الأوسط في رام الله، مسترجعا التاريخ الفني والثقافي لفلسطين قبل الاحتلال، وقال "إن الشعب الفلسطيني كان قبل النكبة محبا للفن وكان الجمهور على درجة كبيرة من الوعي والثقافة ويحب الأعمال الفنية والفنانين خاصة الذين يأتون من مصر إلى بلاد الشام".
أما بعد الاحتلال، دأبت إسرائيل على منع اتصال الفلسطينيين بالعالم الخارجي وبخاصة العالم العربي، وتشتت الشعب في كل بقاع الأرض ولم يكن لدى المواطنين الفلسطينيين أي فرصة لمتابعة شغفهم وحبهم للفن، بسبب التهجير واللجوء والعيش في المخيمات، وأصبح هدفهم الرئيسي هو سد جوعهم أكثر من الثقافة والفن.
ولكن بعد نكسة 1967، أكد المخرج جورج إبراهيم أن الشعب الفلسطيني بدأ يدرك أن الثقافة والفن هى إحدى مكونات الشعوب ولا يمكن التخلي عنها، خاصة بعد أن تم تجريد الوطن من أي منبر إعلامي للتعبير عن نفسه وقضيته، فأصبح الفن والثقافة هو المنبر الوحيد.
وفي هذه الفترة، أوضح مدير مسرح "القصبة" أن المسارح ودور السينما وكافة أشكال الفن والثقافة أصبحت هى الفرصة الوحيدة لطرح وشرح القضية الفلسطينية أمام العالم، ومن هنا بدأت الأعمال الفنية التي ازدهرت بعد الانتفاضة الأولى وبدأت فلسطين تضع قدمها على خريطة الفن والثقافة العالمية.
سعيد علي، مدير مكتب وزير الثقافة الفلسطيني يحكي أنه سمع عن حضور أم كلثوم إلى المدن الفلسطينية من أجداده، والذين أكدوا له أن فلسطين كانت في هذه الفترة الساحة الأولى للفن والثقافة في الوطن العربي.
وعن التعاون الثقافي والفني بين مصر وفلسطين حاليا، قال مدير مكتب الوزير "هناك تعاون دائم ومستمر مع مصر في المجال الفني والثقافي ونقوم بالمشاركة في العديد من الفعاليات والنشاطات الفنية المصرية".
وأكد أنه يتم حاليا وضع استراتيجية وطنية ثقافية واضحة هدفها الرئيسي الحفاظ على الهوية الثقافية والفنية لفلسطين، وذلك رغم كل التحديات التي يعاني منها الشعب الفلسطيني سواء من الاحتلال أو من نقص وضعف الإمكانيات.
وكانت يافا، قبل عام 1948 مركزا ثقافيا بامتياز، وكانت مسارحها ومتنزهاتها عنوانا لحفلات وزيارات فنانين كبار، من بينهم عملاق المسرح والسينما المصرية في ذلك الوقت يوسف وهبي، إضافة إلى عبد الوهاب وأم كلثوم، وهو ما كان يدل على وجود تبادل ثقافي بين المدن الفلسطينية وما كان يجري في العالم العربي.
أما سينما "الحمرا" في يافا كانت بالنسبة للكثيرين دار السينما الأشهر ما قبل النكبة وحظيت بشعبية كبيرة وظلت تعمل حتى فترة النكبة وكانت تحتوي القاعة على 1100 مقعد.
لكن المبنى تعرض بعد النكبة لتطورات عديدة عملت خلاله عدة مؤسسات مختلفة من بينها مسرح محلي وفرع لبنك "دسكونت" ومصالح أخرى حتى تم شراء المبنى قبل عدة أعوام من قبل جماعة "الساينتولوجي" العالمية وهى مجموعة انشقت عن الكنائس وأنشأت تيارا دينيا جديدا لا تعترف بمعظم كنائس العالم ولا الديانات السماوية الأخرى.
ومركز الجماعة في سينما "الحمرا" سابقا هو مكتبها الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وتم تدشينه عام 2012 بمشاركة 2700 شخص قدموا من مختلف أنحاء العالم، حيث تأمل الجماعة في تحويل مقرها في يافا إلى مركز جماهيري تقوم خلاله بأنشطة ثقافية مختلفة تجذب إليها شرائح مجتمعية وشبابية متنوعة.
وتشعر وكأن كوكب الشرق أم كلثوم عندما رأت ما حدث لحال الفن في فلسطين بعد الاحتلال، فكرت وقررت أن تغني "فات الميعاد" عام 1967 وكأنها تنظر إلى سينما "الحمرا" التي تحولت إلى مقر لمذهب "الساينتولوجي" وتقول "قول للزمان أرجع يا زمان"..فهل يعود الزمان يوما ما؟.