الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

الخِرتية.. مهنة تنقرض في بلد الأهرامات.. اتجهوا لقيادة التكاتك والبحث عن فرصة سفر بالهجرة غير الشرعية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ضائقة مادية كبيرة يعيشها عدد من الشباب الذين كانوا ومازالوا يعملون في مجال السياحة، وهم من يطلق عليهم في القاهرة ومناطق وسط البلد لقب "الخرتية"، وهو اللقب الذي حملوه منذ اتجاههم للعمل في الأماكن السياحية في القاهرة، وفي المحافظات السياحية مثل شرم الشيخ والغردقة، وغيرها، ففي حين يعتبر العالم مصر تحمل ثلث أثار العالم القديم إلا أن العاملين في السياحة يعانون كسادًا منذ ثورة 25 يناير.
"الخِرتي"، هو أول المستقبلين للسائحين، وهو شخص يتحدث عدة لغات أوربية بطلاقة بغض النظر عن مؤهله الدراسي، وهو اكتسبها غالبًا من التعامل المباشر مع السائحين، حيث يكون ولد وتربي بينهم منذ نعومة أظافره، وفي الفترة الأخيرة أصبحت معاناته كبيرة بسبب تراجع السياحة واختفاء السياح فأصبح الخرتي إضافة إلى آلاف الأشخاص العاملين في هذا المجال بلا وظيفة أو مورد للرزق.
أسامة محمود 35 عامًا يقول: إنه تربى في ساحة الأهرامات مع والده الذي كان يملك محلا تجاريا متخصصًا في بيع أوراق البردي الفرعونية، وبعض الأزياء والتحف التي يأتي السائحون من بلادهم بحثًا عنها، ويضيف أسامة: "في السنوات الأخيرة أغلقت أمامنا كل مجالات الرزق، فلم يعد هناك سياح وإن وجدوا فهم قليلون جدًا، حاولت البحث عن مهنة أخرى لكنني غير متعلم ولم أجد من يساعدني أو يوفر لي مصدر رزق آخر، سواء لي أو لوالدي الذي تقدم به العمر وغير نشاط المحل أكثر من مرة، لكن هذه المهنة أصبحت غير موجودة على الإطلاق بسبب الثورات والأحداث السياسية المتلاحقة".
ويستكمل وائل السيسي الذي عمل هو الآخر في المهنة قائلا:
"عائلتي من العائلات المميزة في منطقة نزلة السمان، ولدي أصدقاء كثيرون من الأجانب الذين كانوا يحرصون على زيارة مصر سنويًا وأحيانا يتصلون بي من بلادهم لتوفير احتياجاتهم سواء من ملابس فرعونية أو تماثيل أو أوراق البردى، لكن مع تراجع السياحة أصبحت الأماكن السياحية مهجورة ولم يصبح لها مريدون الآن وكثير من الخرتية الذين كانوا يتعاملون مع السائحين اتجهوا للعمل كسائقي "تكاتك" أو إلى السفر بطرق شرعية وغير شرعية خارج مصر".
أما طارق إسماعيل وهو شاب لم يتجاوز الثلاثين عاما ويعمل خِرتي منذ أن كان عمره عشر سنوات وقد طرق كل الأبواب في هذا المجال وتنقل من مدينة لأخرى أملا في استثمار طريقته وأسلوبه في التعامل مع السائحين فيقول: "أنا لم أدخل مدرسة ولم أتعلم في هذه الدنيا سوى بعض كلمات إنجليزية كنت أسمعها من والدي، الذي كان يصطحب جملا في منطقة الأهرامات، وتحول الجمل إلى كارتة في المناطق المحيطة ببرج القاهرة إلى أن عجز والدي عن العمل وتوفي وترك لي هذه المهنة، سافرت إلى شرم الشيخ لفترة ثم الغردقة وعندما فشلت في البحث عن عمل عدت إلى خان الخليلي، حيث ضاق بي الحال أنا وأسرتي وأصبحنا نشحت لقمة العيش ولا نجدها.
أما سعيد محمد إبراهيم وهو من سكان منطقة الأهرامات، فقد تحدث عن عمله في مجال الخرتية بأسى قائلا:
"هذه المهنة إن صح لنا اعتبارها مهنة أصبحت في حالة يرثى لها، فهي بدون حقوق أو ضمانات، بل مهنة يكتسبها الفرد بالتعامل مع الظروف المحيطة، خصوصًا في مجالنا وهو مجال السياحة، فأنا نشأت وتربيت بين محال بيع الملابس الفرعونية وأوراق البردي، لكن كل هذا لم يعد موجودًا وتضاءلت السياحة واختفت مهنة الخرتي، ولأنها لم تكن محمية أو مؤمنًا عليها أصبحت بلا أدنى حقوق فكيف تتصرف كل الأسر التي كانت تعيش عليها وهي الآن بدون مصدر للرزق وحكم عليهم بالفقر وعلي أولادهم بالتشرد، والآن كل ما نحلم به هو عودة السياحة للازدهار مرة أخرى، فكانوا يهاجموننا بدون سبب والآن مصدر رزقي الوحيد هو الشباب الذين يأتون إلينا على فترات متباعدة جدًا لركوب الخيل أو حتى المدارس التي تستأجر أو تطلب منا توفير ملابس لحفلات تنكرية.