الفيديو لم تحصل عليه قناة «مكملين» التى يعانى العاملون فيها من ضعف مهنى شديد، لكن حصلت عليه قناة «الجزيرة»، وامتنعت عن إذاعته لتهديه إلى القناة الإخوانية
أحاديث مبتورة.. وأصوات متوترة غير مستقرة.. وإلحاح على تنفيذ أمر ما.. وإشارة إلى إنجاز مهمات خطيرة.. ومحاولة لإثبات أن مرسى تم اختطافه ولم يتم التعامل معه بشكل قانونى فى إجراءات ضبطه.. ربما تمهيدًا للطعن فى إجراءات الضبط، ليصبح من الواجب قانونًا إخلاء سبيل المعزول فورًا.
هذا هو الملخص الذى يمكن أن تخرج به بعد أن تستمع إلى الفيديو الذى أذاعته قناة «مكملين» الإخوانية، التى تعمل من أرض الأشرار فى تركيا، ويشارك فى ملكيتها وتمويلها القيادى الإخوانى جمال حشمت، الذى تم الإفراج عنه مؤخرًا.
الفيديو عبارة عن مكالمات تم تجميعها جرت بين ممدوح شاهين واللواء عباس كامل واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية وقيادة القاعدة البحرية بالإسكندرية.
والهدف كما هو واضح تضبيط أوراق تؤكد أن المكان الذى احتجز فيه محمد مرسى كان تابعا لوزارة الداخلية، على أن يتم إثبات تاريخ قديم على الأوراق حتى لا يتم الطعن بإبطال إجراءات ضبط محمد مرسى فى القضايا المتهم فيها، تأسيسا على أنه لم يكن معتقلا، لكن تم ضبطه بناء على أمر من النيابة العامة وتم سجنه بقرار منها.
ما يبدو من ظاهر الصورة أن جماعة الإخوان حاولت أن تروج لخبطة إعلامية جديدة فى حربها الدائمة والمستمرة مع النظام المصرى، ظاهريا يبدو التسريب خبطة بالفعل، ليس بسبب ما يتضمنه من وقائع، لكن لأنه اختراق جديد لمكتب الرئيس، وهو ما تم الترويج له بالتسريب الجديد.
ومما تأكد لى أن الفيديو لم تحصل عليه قناة «مكملين» التى يعانى العاملون فيها من ضعف مهنى شديد، لكن حصلت عليه قناة «الجزيرة»، وامتنعت عن إذاعته لتهديه إلى القناة الإخوانية، ربما لتتحمل مسئولية التسريب، دون أن تتورط هى فى صدام مع الرئاسة، فى ظل أجواء المصالحة المصرية القطرية المتعثرة من الأساس.
لكن هل هذا التسريب صحيح؟
هناك أكثر من إشارة تقودنا إلى أن المكالمات الواردة فى الفيديو مفبركة من الأساس، بعضها يظهر من واقع الفيديو، وبعضها يعود إلى السياق العام المحيط به.
ففى حديث اللواء ممدوح شاهين مع اللواء محمد إبراهيم لا يظهر صوت وزير الداخلية، ولا أعرف كيف يتم تسجيل من طرف واحد، دون أن نسمع صوت الطرف الثانى.
صوت الأذان الذى يظهر بقوة فى خلفية صوت ممدوح شاهين، فالرجل حتما كان يتحدث من مكتبه، وأعتقد أنه من الصعب أن يظهر صوت الأذان بكل هذا الوضوح فى مكتب شاهين، إلا إذا كان يجرى مكالمات على فرض صحتها بمثل هذه الخطورة من بيته.
كلام السيسى أو الجمل القصيرة المنسوبة إليه لا تدل على شىء، فهو يتحدث عن أمور عامة لا يمكن إسقاطها على موضوع محمد مرسى، وهناك تسجيلات كثيرة بصوت السيسى يمكن اقتطاع ما يفيد القصد الإخوانى منها.
أما عن السياق فحدِّث ولا حرج، فليس معقولاً أن يتحدث ممدوح شاهين فى أمر بهذه الخطورة فى التليفون، إذن لماذا خلق الله الاجتماعات المغلقة؟ والأهم من ذلك أن التحفظ على محمد مرسى تم بسبب ظروف ثورة، والثورات لا تتوقف كثيرًا عند الإجراءات القانونية، بمعنى أنه لا خوف على الإطلاق من حكاية التحفظ على المعزول فى مكان تابع للقوات المسلحة قبل تسليمه بعد ذلك إلى النيابة العامة للتحقيق معه.
المكالمات متهافتة جدًّا، ولا يمكن أن نتوقف أمامها كثيرًا، فهى مناورة إعلامية من الإخوان المسلمين وإعلامهم، الذى اعتاد الفبركة والقص واللصق، لإحداث المزيد من «الشوشرة» والتشويه.
ملاحظات على الهامش:
أولا: لو كانت هذه المكالمات صحيحة فنحن أمام كارثة حقيقية، فالاختراق وصل إلى العصب.
ثانيا: لا بد من التحقيق الدقيق والسريع فيما جرى وإعلان نتيجته على الرأى العام، فليس معقولا أن نعيش فى وطن من الأشباح لا نعرف شيئا عما يدور فيه إلا بالصدفة.
ثالثا: يزعجنى ترديد اسم اللواء ممدوح شاهين فى أمور كثيرة تخص الإخوان المسلمين منذ أن كان فاعلاً فى المجلس العسكرى فى أعقاب ثورة يناير.. أقول يزعجنى ولا أزيد على ذلك شيئًا.