تموت الأشجار واقفة.. تصمت ولا تصمت، ترحل ولا ترحل.. تغيب لكن بحضور أبدى.. كتبت، فأتقنت، فأبدعت، فظلت نقشًا خالدًا على جدار القلب.
منحتنا محبتها وحُزنها ونقاءها وشكها ويقينها، ففتحت لنا نوافذ على السماء، سحبتنا خلفها نحو التاريخ والجغرافيا وغاصت بنا فى قاع النفس الإنسانية وأهدتنا مُشمش الكلمات وسحر البوح، وأسعدتنا بروائعها وفنها.. ما مثل رضوى عاشور تموت، ما مثل ذلك الجمال يخمد، بينما غابات القُبح تتمدد يمينًا ويسارًا، ما مثلها تُدفن بينما أنصاف المواهب وأدعياء الإبداع يتصدرون المشهد.
كانت رضوى أجمل من روائية، وأفضل من مناضلة، وأعظم من مُثقفة، تعتبر حياتها رحلة بناء وزرع ورى ونشر للخير والتقدم والحرية.. وبعيدًا عن الأضواء كانت تكتب ولا تعدو خلف قرائها ولا تفتعل المعارك لكسب المزيد منهم وإنما تهب عبقها لكل متذوق دون غطرسة أو نرجسية أو غرور.
رضوى كائن بشوش صاف مُلهم نادر نقى.. رضوى قصيدة ساحرة ولحن عذب ولوحة مُبهرة، حياة أخرى وأدب آخر وفن آخر.
لم يكن غريبًا أن أجد شبابًا يافعين يتبادلون الثلاثية فى وله، ويتهادون الطنطورية فى سعادة وكأنهم يحملون عطرًا نادرًا .. فارق الأجيال لم يكن موجودًا، رغم أنها لم تهبط بالكلمة والأسلوب الفنى لمستوى قراء روايات الرعب والمغامرات الخيالية، لقد أحبوها بعمق وكأنها ابنة العشرين، ارتشفوا إبداعها واكتشفوا معه أن لغتها عابرة للأجيال والأزمنة والأمكنة.
أعود لـ"غرناطة" متذكرًا "لوركا" وعبارته المُذهلة بأن سقوط الأندلس كان كارثة بشرية.. أستعيد سيرتها لأرتشف الثبات على الموقف واعتزال السلطة.. أُفتش فى عباراتها عن مبتغى للأدب والفن والإبداع فلا أجد سوى المُقاومة.. أن تكتب لتبنى لا لتهدم.. لترسى قيمًا وتُعلى حقًا وتفضح باطلًا.. أن تقول لتُغيّر وتُقاوم وتُعيد الاحترام للكلمة.
لم أكتب عن رحيل محمد ناجى، رغم رخات من الحُزن هطلت على سماء الكتابة وأصابنى بعضها، لم أكتب عن الساخر الرائع أحمد رجب رغم أنه صاحب أول كتاب اقتنيه وأقرأه، لم أكتب عن مبدعين آخرين غيّبهم الموت هذا العام، رغم شعورى أن كل صاحب قلم أو إبداع يمت بصلة نسب أو قرابة لى.. لكن رحيل رضوى أوجعنى، ربما لأننى كُنت أنتظر منها المزيد، المزيد من الإبداع والأدب والنقد، المزيد من الرؤى، المزيد من المواقف، المزيد من الكلمات.
والله أعلم.
منحتنا محبتها وحُزنها ونقاءها وشكها ويقينها، ففتحت لنا نوافذ على السماء، سحبتنا خلفها نحو التاريخ والجغرافيا وغاصت بنا فى قاع النفس الإنسانية وأهدتنا مُشمش الكلمات وسحر البوح، وأسعدتنا بروائعها وفنها.. ما مثل رضوى عاشور تموت، ما مثل ذلك الجمال يخمد، بينما غابات القُبح تتمدد يمينًا ويسارًا، ما مثلها تُدفن بينما أنصاف المواهب وأدعياء الإبداع يتصدرون المشهد.
كانت رضوى أجمل من روائية، وأفضل من مناضلة، وأعظم من مُثقفة، تعتبر حياتها رحلة بناء وزرع ورى ونشر للخير والتقدم والحرية.. وبعيدًا عن الأضواء كانت تكتب ولا تعدو خلف قرائها ولا تفتعل المعارك لكسب المزيد منهم وإنما تهب عبقها لكل متذوق دون غطرسة أو نرجسية أو غرور.
رضوى كائن بشوش صاف مُلهم نادر نقى.. رضوى قصيدة ساحرة ولحن عذب ولوحة مُبهرة، حياة أخرى وأدب آخر وفن آخر.
لم يكن غريبًا أن أجد شبابًا يافعين يتبادلون الثلاثية فى وله، ويتهادون الطنطورية فى سعادة وكأنهم يحملون عطرًا نادرًا .. فارق الأجيال لم يكن موجودًا، رغم أنها لم تهبط بالكلمة والأسلوب الفنى لمستوى قراء روايات الرعب والمغامرات الخيالية، لقد أحبوها بعمق وكأنها ابنة العشرين، ارتشفوا إبداعها واكتشفوا معه أن لغتها عابرة للأجيال والأزمنة والأمكنة.
أعود لـ"غرناطة" متذكرًا "لوركا" وعبارته المُذهلة بأن سقوط الأندلس كان كارثة بشرية.. أستعيد سيرتها لأرتشف الثبات على الموقف واعتزال السلطة.. أُفتش فى عباراتها عن مبتغى للأدب والفن والإبداع فلا أجد سوى المُقاومة.. أن تكتب لتبنى لا لتهدم.. لترسى قيمًا وتُعلى حقًا وتفضح باطلًا.. أن تقول لتُغيّر وتُقاوم وتُعيد الاحترام للكلمة.
لم أكتب عن رحيل محمد ناجى، رغم رخات من الحُزن هطلت على سماء الكتابة وأصابنى بعضها، لم أكتب عن الساخر الرائع أحمد رجب رغم أنه صاحب أول كتاب اقتنيه وأقرأه، لم أكتب عن مبدعين آخرين غيّبهم الموت هذا العام، رغم شعورى أن كل صاحب قلم أو إبداع يمت بصلة نسب أو قرابة لى.. لكن رحيل رضوى أوجعنى، ربما لأننى كُنت أنتظر منها المزيد، المزيد من الإبداع والأدب والنقد، المزيد من الرؤى، المزيد من المواقف، المزيد من الكلمات.
والله أعلم.