يحدث كثيرًا فى قاعات المحاكم أن نجد الحكومة تطارد تاجرًا أو رجل أعمال أو حتى أحد موظفيها لتحصيل بضعة جنيهات أو قروش أو ملاليم.. وغالبًا ما تنفق الحكومة أضعاف المبلغ المطلوب تحصيله.. وفى النهاية تخسر القضية وتلتزم بدفع المصاريف وأتعاب المحاماة.. لكنها المرة الأولى التى نُعاصر فيها مطاردة الحكومة لرئيس جمهوريتها من أجل حفنة فرنكات.. ومن أجل هذه الفرنكات لم تتأخر الحكومة عن دفع الغالى والنفيس.. لتنتهى الحكاية مثل كل مرة بخسارة الحكومة وتحمل الشعب المصرى المصاريف وأتعاب المحاماة؛ ولأن كل برغوت على أد دمه.. فلا يمكن مقارنة ما يتم إنفاقه على مطاردة أحد المواطنين ومطاردة رئيس جمهورية، لذا تجاوزت جملة تكاليف محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك، والتي انتهت بالبراءة، نحو مليار جنيه وفقًا لحسابات الخبراء، منها أكثر من 200 مليون جنيه في الجلسة الأخيرة وتكلفت إجراءات تأمينها التي سبقت المحاكمة بيومين، أكثر من 100 مليون جنيه، للتأمين في جميع محافظات الجمهورية، كما أكد خبراء التحكيم: أن الجلسات في المحاكمة الأولى والثانية، تفوق الـ 650 مليون جنيه كنفقات مباشرة من تجهيزات لقاعة المحاكمة وانعقاد الجلسات واستخدام الأوراق ورواتب الموظفين، خاصة أن المحاكمة استمرت 3 سنوات، تم خلالها استخدام الطائرة التي نقلت مبارك أكثر من مرة، بداية من أولى جلساتها فى أغسطس 2011، واستمرت 100 جلسة حتى الآن.. مبارك فقط كانت تكلفة نقله خلال جلسة المحاكمة الواحدة حوالى 2.5 مليون تقريبًا، لنقل الرئيس الأسبق من محبسه إلى قاعة المحاكمة وإعادته مرة أخرى إلى محبسه، المحاكمة الأشهر فى تاريخ مصر بدأت فى 3 أغسطس 2011، وانتهت فى 2 يونيو 2012، فى المرحلة الأولى استمرت على مدى 45 جلسة، من 3 أغسطس 2011 إلى 22 فبراير 2012. وبعدها استمرت المحاكمة 55 جلسة أخرى بينها جلسات سرية لدواعٍ أمنية، وكانت أولى الجلسات يوم 11 مايو 2013، حتى 27 سبمتبر الماضى، وتم تأجليها للنطق بالحكم فى 29 نوفمبر الماضى، واستمعت المحكمة فى هذه القضية لعدد 22 شاهدًا من بينهم إعلاميون ورجال شرطة ورجال من القوات المسلحة ورجال من المخابرات.. المحاكمة الأولى انعقدت برئاسة المستشار أحمد رفعت، وقضى فيها بمعاقبة مبارك والعادلى بالسجن المؤبد فى اتهامهما بقتل المتظاهرين.. وبراءة مساعدى وزير الداخلية الــ6، وعقب الحكم السابق طعن المتهمون والنيابة عليه بالنقض وأصدرت محكمة النقض حكمها فى 13 يناير 2013 بقبول كافة الطعون المقدمة وإعادة محاكمة المتهمين من جديد، أما المحاكمة الثانية التى انتهت بالبراءة لكل المتهمين فقد بدأت فى 11 مايو 2013 بإعادة محاكمة مبارك أمام جنايات القاهرة، التى يرأسها المستشار محمود الرشيدى وتضم فى عضويتها المستشارين إسماعيل عوض ووجدى عبد المنعم.. محاكمة القرن لم تكن مثل جوائز السينما على مجمل الأعمال وإنما كانت فقط على 18 يومًا من عمل الرئيس المخلوع ونجليه ومعاونيه.. هى الفترة منذ اندلاع ثورة 25 يناير وحتى بيان التنحى يوم 11 فبراير، جاء الحكم ببراءة الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك ونجليه وأعوانه صادمًا لجموع الشعب المصري.. لكنه كان متوقعًا لكل مَن يتابع وقائع وأوراق القضية البالغة أكثر من 162 ألف ورقة قدمتها النيابة خالية من أى دليل حقيقى لإدانة الرئيس المخلوع ومعاونيه، كانت كل تحقيقات النيابة قائمة على البلاغات المقدمة إليها وأغلبها كلام مرسل.. والمثير أن كثيرًا من هذه البلاغات قدمها صحفى شهير لكافة العصور.. وكان يبكى يوم 10 فبراير فى برامج التوك شو مطالبًا بترك الرئيس المخلوع فى حاله، وكالعادة استغل الإخوان حكم البراءة بدعوة المواطنين إلى النزول اعتراضًا على مهرجان البراءة، بعدما فشلت خطتهم يوم الجمعة 28 نوفمبر التى أطلقوا عليها اسم "انتفاضة الشباب المسلم" أو "جمعة المصاحف"، وتناسى الإخوان خلال إظهار غضبهم على الحكم أن هيئة المحكمة التى قضت بالبراءة تشكلت فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى خلال فترة حكم تنظيم الإخوان الإرهابى.
وفى عهد الرئيس المعزول أمر المستشار طلعت عبدالله النائب العام السابق، بتشكيل فريق من النيابة العامة لتولى التحقيق فى قضية إعادة محاكمة مبارك، فى ضوء الحكم الصادر من محكمة النقض، تناسى الإخوان أنهم سبب تبرئة "مبارك".. فحينما كانت أغلبية برلمان 2011 من الإخوان رفضوا تمرير قانون محاكمة الرئيس، سعيًا لإرضاء الغرب بمحاكمات عادية بحجة استرداد الأموال المهربة، وانتهت جميع المحاكمات دون إدانة شخص واحد ولم ترجع أى أموال مهربة، هكذا ضاعت الأموال المهربة.. مثلما ضاعت حقوق الشعب المصرى فى القصاص.. ليس فقط حقوق الشهداء.. ولكن ضحايا حكم فاسد استمر أكثر من ثلاثين عامًا أفسد فيها الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، عرفنا فيهم شهداء من نوع آخر.. فى عَبارات الموت وقطارات جهنم وقتلى فيروس سى والفشل الكلوى والسرطان.. وقتلى التعذيب فى السجون وأقسام الشرطة.. وسكان العشوائيات والصفيح والقبور.. وضحايا انهيار التعليم.. وبطالة شباب مصر.. وتجريف الثروة المصرية.. وبيع مصانع وأراضى مصر بتراب الفلوس للمحاسيب وأقارب المحاسيب، ناهيك عن تزوير إرادة الشعب فى كافة الانتخابات البرلمانية.. حتى أن جريدة رسمية مثل الأهرام خرجت عن وقارها واضطرت أن تتجاهل البراءة فى مانشيتاتها.. وقالت إن محكمة الجنايات تفضح نظام مبارك.. زمرة من المنتفعين وأصحاب المصالح والمتسلقين تقاتلت على ثروات مصر.. تزييف الإرادة الشعبية واندثار التعليم وإهدار الصحة وتجريف العقول.. المحاكمة الجنائية للرئيس الأسبق لا تتناسب مع المسئولية السياسية عن أفعاله، لم يُحاكم مبارك على أى من تلك الجرائم، بحجة رغبة الحكومة فى استعادة 700 مليون فرنك من بنوك سويسرا.. وبعد البراءة تبين أن الجنازة كانت حارة والميت كلب.. ولم يكن غريبًا أن يطالب الخبير القانونى المستشار نور الدين علي، بحق مبارك بعد ذلك الحكم أن يتقدم بدعوى قضائية للمطالبة بتعويض لعدم تمكنه من استكمال مدته الرئاسية، نظرًا لأنه لم يتقدم باستقالته من المنصب الرئاسى ولكن تم إعلان تخليه عن المنصب، وأن ذلك اللفظ "التخلى" ليس له أي سند قانونى أو دستورى، وهو ما يمنحه الحق في المطالبة بالتعويض عن تلك الفترة التي لم يستطع استكمالها في المنصب.. وما زالت المسخرة لم تكتمل فصولها.
وفى عهد الرئيس المعزول أمر المستشار طلعت عبدالله النائب العام السابق، بتشكيل فريق من النيابة العامة لتولى التحقيق فى قضية إعادة محاكمة مبارك، فى ضوء الحكم الصادر من محكمة النقض، تناسى الإخوان أنهم سبب تبرئة "مبارك".. فحينما كانت أغلبية برلمان 2011 من الإخوان رفضوا تمرير قانون محاكمة الرئيس، سعيًا لإرضاء الغرب بمحاكمات عادية بحجة استرداد الأموال المهربة، وانتهت جميع المحاكمات دون إدانة شخص واحد ولم ترجع أى أموال مهربة، هكذا ضاعت الأموال المهربة.. مثلما ضاعت حقوق الشعب المصرى فى القصاص.. ليس فقط حقوق الشهداء.. ولكن ضحايا حكم فاسد استمر أكثر من ثلاثين عامًا أفسد فيها الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، عرفنا فيهم شهداء من نوع آخر.. فى عَبارات الموت وقطارات جهنم وقتلى فيروس سى والفشل الكلوى والسرطان.. وقتلى التعذيب فى السجون وأقسام الشرطة.. وسكان العشوائيات والصفيح والقبور.. وضحايا انهيار التعليم.. وبطالة شباب مصر.. وتجريف الثروة المصرية.. وبيع مصانع وأراضى مصر بتراب الفلوس للمحاسيب وأقارب المحاسيب، ناهيك عن تزوير إرادة الشعب فى كافة الانتخابات البرلمانية.. حتى أن جريدة رسمية مثل الأهرام خرجت عن وقارها واضطرت أن تتجاهل البراءة فى مانشيتاتها.. وقالت إن محكمة الجنايات تفضح نظام مبارك.. زمرة من المنتفعين وأصحاب المصالح والمتسلقين تقاتلت على ثروات مصر.. تزييف الإرادة الشعبية واندثار التعليم وإهدار الصحة وتجريف العقول.. المحاكمة الجنائية للرئيس الأسبق لا تتناسب مع المسئولية السياسية عن أفعاله، لم يُحاكم مبارك على أى من تلك الجرائم، بحجة رغبة الحكومة فى استعادة 700 مليون فرنك من بنوك سويسرا.. وبعد البراءة تبين أن الجنازة كانت حارة والميت كلب.. ولم يكن غريبًا أن يطالب الخبير القانونى المستشار نور الدين علي، بحق مبارك بعد ذلك الحكم أن يتقدم بدعوى قضائية للمطالبة بتعويض لعدم تمكنه من استكمال مدته الرئاسية، نظرًا لأنه لم يتقدم باستقالته من المنصب الرئاسى ولكن تم إعلان تخليه عن المنصب، وأن ذلك اللفظ "التخلى" ليس له أي سند قانونى أو دستورى، وهو ما يمنحه الحق في المطالبة بالتعويض عن تلك الفترة التي لم يستطع استكمالها في المنصب.. وما زالت المسخرة لم تكتمل فصولها.