الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

باسم يوسف.. الشيطان الذي يهدينا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

- انشغلنا -نحن الإسلاميين- كثيرًا بالحكم على الإعلامي الساخر د. باسم يوسف.. البعض يقول: إنه رضع من الشيطان الرجيم.. والبعض جزم بأنه يكره الإسلاميين ويسخر منهم؛ ولذا فإنه يكره الإسلام نفسه.. ناسين أن هناك فرقًا بين الإسلام المعصوم والإسلامي الغير المعصوم.. والبعض أكد أنه جزء من مؤامرة لإقصاء الإسلاميين عن الحكم وإعادتهم إلى غياهب السجون.. ناسين أن ذلك يعد تضخيمًا مخلاًّ لقدرات الرجل والبرنامج.. ورغم أنني لا أتفق مع الكثير مما يطرحه الرجل ولا مع طريقته المفرطة في السخرية.. فإننا جميعًا نسينا في غمرة الرد عليه أننا الذين أمددناه بمواد السخرية منا.. وأعطيناه السوط الذي يجلدنا به.
- فالمواقف المتناقضة هي مواقفنا.. والكلمات المتضاربة هي كلماتنا.. ومقاطع الفيديو هي من إنتاج قنواتنا.. والهفوات هفواتنا.. والعبارات النابية الجارحة هي عباراتنا.. والشتائم هي من تأليف وإخراج بعضنا.. وعلينا ونحن نلوم عليه ما نقله عنا ينبغي علينا أيضًا أن نلوم أنفسنا.
- إننا لم نعش بقلوبنا وجوارحنا مع قوله تعالى: ﴿وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾.. الناس كل الناس بلا استثناء.. ولم نعمل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وخالق الناس بخلق حسن».. وكان يمكن للرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول: «وخالق المسلمين بخلق حسن».. ولكنه أطلقها للعموم.. الناس كل الناس.
- سيقول البعض إن خصوم الإسلاميين اليوم لا ينفع معهم خلق ولا أدب.. فأقول له: وهل هم أطغى وأشر من فرعون موسى الذي أمره ربه: ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا﴾“,”.. وذلك رغم التباين الظاهري الهائل بين الطغيان واللين في القول.. إلا أننا ننسى عادة أن اللين في القول لا يغير من طبيعة الصدع بالحق شيئًا.. إنه الإطار الجميل والراقي النقي الذي يسوق الداعية من خلاله دعوته للناس.. إنه السكر الذي نحلي به الدواء ليكون مستساغًا للمريض.. فالحق مرّ؛ فلا تزده مرارة بجفوتك وغلظتك وسوء أدبك.. اللين والرفق يزيد الحق بهاءً.. ويعلي من شأن الصدع بالحق فيجعله ينفذ إلى القلوب مباشرة ودون استئذان.
- إذا أردنا ألا نكون مضغة في فم أمثال د. باسم فعلينا أن تكون مواقفنا دائمًا متسقة تتمتع بالمصداقية.. لا تتلون ولا تتغير.. تنصر الإسلام والدين ولا تنتصر للنفس والهوى.. وتقدم مصالح الأوطان على ما سواها.. وأن يكون ثوار ما بعد الثورة أكثر حكمة ورويّة ورحمة وتسامحًا بمخالفيهم.
- الغريب أن ثوار ما بعد الثورة أكثر اندفاعًا وتهورًا وشططًا وإسفافًا من الجميع.. أما الذين بذلوا أعمارهم كلها في السجون في عهد مبارك فلا يسيئون لأحد، ولا يمنون على الناس بأعمالهم وتضحياتهم، ويرون أنها قليلة في جنب الله.
- لا داعي أن نشغل أنفسنا بما يقوله د. باسم.. فلو صدقنا في السر والعلن.. وأقمنا العدل مع القريب والبعيد.. والصديق والعدو.. وعملنا بقوله تعالى: ﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾.. ما وجد د. باسم ولا غيره إلا أن يرفع لنا القبعة وينحاز إلى صفنا.. ويدرك أننا أهل لحمل رسالة الإسلام الحضارية العظيمة.
- قد نختلف سويًّا في تقييمنا للرجل.. ولكن ما نحتاجه -نحن الإسلاميين- أن تدعونا سخرية الرجل إلى إعمال فقه المراجعة في كل ما نعمله وننطق به.. ونطبق آلية النقد الذاتي.. فلنعتبره شيطانًا يهدي إلينا عيوبنا.. ولنترك مهمة توصيفه؛ لأنها لا جدوى منها.. وعلينا أن نصوب حركتنا ونرشد مسيرتنا ونتوسط فيما غالينا فيه أو قصرنا.. أو أفرطنا أو فرطنا..
- علينا أن نُعمل آلية «النفس اللوامة» التي مدحها القرآن وربطها بالإيمان بالآخرة ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ* وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾.. وبدلاً من لوم باسم على سخريته علينا أن نلوم أنفسنا.. لأن الأولى لن تحرك فيه شعرة.. أما الثانية فستجعله وغيره ينظرون إلينا باحترام وتقدير.. وستعطي نموذجًا حضاريًّا فريدًا للجميع..
أرجو أن أكون قد وفقت في طرح رسالتي إلى الجميع دون أن يشتمني الجميع بغير حق.