تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
مصر تعيش حداداً يتجدد كل يوم.. قلوب الأمهات يسكنها حزن عميق، جميعنا يعتصر ألماً من حرب نجسة نخوضها ضد حفنة من المجرمين الذين تكالبوا علينا من بين ظهرانينا وممن يساندها ويخطط ويمولهم ويمدهم بالسلاح من الخارج.
هذا هو المشهد بلد يحارب الإرهاب ويدفع الفاتورة خِيرة أبنائه وخيرة جنود الأرض، يحارب الإرهاب نيابة عن العالم الذي يكتفي بالفرحة وربما هناك دول وأجهزة تستمتع بها وتؤكد كل المؤشرات أنها متواطئة في الجريمة.
ما جرى في دمياط كان رد فعل على خطوة استباقية قامت بها مصر مع قبرص واليونان، هذا الاجتماع الذي فاجأ وأزعج أردوغان والتنظيم الدولي للإخوان، ذلك الرئيس الراديكالي المتطرف الذي يبعد بلده عن حلم الانضمام للاتحاد الأوروبي ويجب ألا ننسى أن هذه العملية الحقيرة التي استهدفت ضباط وجنود البحرية، هي عنوان لنجاح الجيش في حصاره وحربه على الإرهابيين في سيناء.
ونعود لقصة الفيديوهات البائسة التي تظهر بعد كل حادث جبان، وأخيراً "فيديو مذبحة كرم القواديس" التي دفعتني للكتابة.
أولاً: نحن في حالة حرب وكلنا يدرك ذلك، كنت أتوقع أن نكون- نحن الإعلاميين- ليس مجرد سند أو ظهير لجنودنا ورجال الجيش الذين يدفعون حياتهم من أجلنا ومن أجل بلدنا، يدفعون دماءهم دون مزايدة أو مقايضة.. كنت أتوقع منا جميعاً أن نكون في مقدمة الصفوف، ولكن للأسف لم نفعل .. لم نؤازر ولم نوجه منصات أقلامنا وبرامجنا لتستهدف القتلة، ليتنا صمتنا أو اكتفينا بتقديم واجب العزاء لمصر في أبنائها، بل سال لعاب الإعلام على فيديوهات المذبحة التي نشرها موقع القتلة، وكان واجباً علينا ألا يعطي هؤلاء الفرصة للتشفي عندما تذاع فيديوهات لا نعلم كيف تم تصويرها، هكذا نشارك في الجريمة بعمد أو عن جهل.
ثانياً: الإعلام الذي بلع الطعم لم يقم حتى بدوره المهني في تحليل سياسي وإعلامي وأمني ونفسي للفيديوهات– مع عدم بثها– لنفضح أهداف مرتكبي الجريمة من نشرها.
ثالثاً: الفيديو الأخير ينتهك القيم الأخلاقية وضوابط التغطية الإعلامية عندما تكون الدولة في حالة حرب، لأن واجبك كمواطن أولاً، وإعلامي ثانياً، أن تحافظ على الروح المعنوية لجنود على خط النار وألا تكبد أسرهم وذويهم– فضلاً عن كل المصريين – ألماً فوق الألم وحزنا يفوق الاحتمال.
رابعاً: السادة رؤساء التحرير الذين اجتمع بهم نقيب الصحفيين ولم يلتزموا بما خرجوا به من توصيات بعدم نشر أخبار الإرهابيين وبياناتهم التحريضية لنفاجأ بنشر "فيديوهات الإرهابيين" كارثة بكل المقاييس، من المستفيد؟! ولمصلحة من؟! أليس من حق الوطن علينا أن تتراجع المصالح الضيقة والمكاسب الصغيرة؟! ما هو السبق الإعلامي هنا وما قيمة الانفراد الصحفي بنشر أخبار الإرهاب وفيديوهات المتاجرة بالدم؟!
خامساً: النشر والإذاعة يؤلب الرأي العام لتنفجر مشاعر الغضب في الاتجاه غير الصحيح فنسمع كلاماً لا نرضى عنه– مدفوعاً بحالة الانفعال– ضد رجال القوات المسلحة، وهي جريمة يجب ألا تقع ومحاولة للصيد في الماء العكر.
السادة الرابحون من هذه التجارة الحرام أنتم شركاء في الجريمة، لا مجال هنا لحديث متواطئ عن الحريات وليس، مقبولاً الاحتماء بالمهنة ومبررات حق المعرفة لإذاعة أخبار المجرمين والتسويق لأهدافهم، أين الضمائر التي تحظر النشر أم أنها نفسها محظورة مع جماعات محظورة؟!
أصبحنا في حاجة ملحة لتشريعات تحفظ حقوق الوطن من هواة اللعب مع الإرهاب، ولله الأمر من قبل ومن بعد.