الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بقيادة ملازم أول

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أتخيل لحظة الصدام بين اللنش الحربي والقطع البحرية المعادية في معركة دمياط البحرية، وأرى الضابط الشاب برتبة ملازم أول وهو يصدر أوامره الحاسمة لمن معه بالاشتباك المباشر، ترددت أنباء أن عدد المهاجمين زاد عن ستين مجرماً بينما اللنش الحربي لم يزد عدد أفراد طاقمه عن ثلاثة عشر بطلا، كما تأكد أن عدد القطع الحربية المهاجمة بلغ أربعة هدفهم حصار ذلك اللنش الوحيد.
إذن بدأت المعركة غير متكافئة على الإطلاق، ولكن رجل العسكرية المصرية بألف، وهكذا اندلعت النيران من كل جانب، تآكل اللحم الحي لأبنائنا الأبطال وهم مستبسلون في الدفاع عن حدودنا، وبينما كانت المياه مشتعلة بالنيران على بعد 40 ميلاً بحرياً من محافظة دمياط، كان على الجانب الآخر في دفء غرف النوم بعض النشطاء محتضنين اللاب توب ليغردوا عن جيش المكرونة، مدافعين عن حقوق الإنسان الإرهابي وضرورة تمكينه من حرية الضرب والتفجير.
شتان ما بين الصورتين، وهو الأمر المؤلم، الذي يضع أي عاقل في حيرة من أمره، كيف لهذه البلد العبقرية أن تنجب الملازم أول قائد اللنش الحربي وتنجب أيضاً تلك التوافه التي تطل علينا شامتة مع كل لدغة نتلقاها ويتلقاها الوطن في حربه مع الإرهاب، المؤكد هو أن هذا التناقض تمت صناعته مؤخراً في زمن الفوضى والتمويلات، فصار الوطن في نظر البعض مجرد سوبر ماركت يبيع من خلاله الوهم والدجل والشعوذة، تارة باسم حقوق الإنسان وتارة أخرى باسم الدين، فقد وصل الفارق ما بين الطرفين إلى درجة التماهي، وصار الفصل بينهما مستحيلاً.
أما المجندون أبناء الفقراء فهم الخالدون دائماً، يدفعون الدم في سيناء ويحاصرون التطرف للقضاء عليه، حتى تهنأ الظواهر الصوتية في القاهرة وعواصم المدن بوصلة الإنترنت والنضال المشبوه على تويتر والفيس بوك، لذلك ستبقى صورة أبطال معركة دمياط الحربية وهم يواجهون الموت دون خوف أو رهبة هي الصورة الحقيقية، وهي النموذج لما يجب أن يكون عليه الشباب.
والمتابع لأخبار تلك المعركة سيلحظ، كيف انطلقت الطائرات المقاتلة في زمن قياسي متزامنة مع اللنشات الحربية من قاعدتي بورسعيد ودمياط للتعامل مع المعتدين ، هنا يمكن للتفاؤل أن يدق أبوابنا، وأن نفرح رغم استشهاد أجمل أبنائنا، وأن نلعن كل من يتخاذل في تلك اللحظات عن معركة مصير الوطن.
دققوا النظر ثانية وتخيلوا صورة الملازم أول ذلك القائد البطل الذي لم يبلغ الثلاثين من عمره وهو يصارع مع رجاله الموت في عرض البحر، دفاعاً عن شرف وكرامة وأمن هذا البلد، ذلك الشاب البطل الذي لا أظنه جلس يوماً على منصة في فندق فاخر كما يجلس النشطاء ليعطينا نصائح ملونة عن أهمية احتواء الدولة للإرهابين، ولا أظن الملازم أول قائد اللنش الحربي ذهب إلى قهوة البورصة بوسط البلد ليحكي عن فتوحاته في دنيا النضال الوهمي، ولكنه ذهب بجسارة إلى سجل الخالدين بمواجهته الباسلة، ليعطينا درساً جديداً عن عبقرية مصر.