الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

هل يقف الإخوان خلف العمليات الإرهابية الأخيرة؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بقلم : عبد الرحيم علي 
لم أكن يومًا من المؤمنين بأن تنظيم الإخوان تنظيم سياسى أو سلمى، كما كان يطلق عليه عدد كبير من الباحثين، كانت منطلقاتى واضحة جدًا، فالفرق بينهم وبين غيرهم من التنظيمات الإرهابية يكمن فى توقيت استخدام العنف، وليس المبدأ فى حد ذاته، وعلى الرغم من أن الجماعة الإرهابية ظلت تصدر دفاعاتها حول هذه القضية منطلقة من اتهام مناوئيها بالعداء التاريخى لها من جهة، وعدم جدية معلوماتهم من جهة أخرى، إلا إن الحقائق القديمة التى أثارها بعض ممن تعاطوا مع تلك الجماعة فى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضى، وبعيدًا عما رآه المصريون بأم أعينهم طوال عام مضى منذ إعلان الثالث من يوليو 2013، كانت تكشف بوضوح عن وجه آخر مختلف عما حاول الإخوان تدشينه فى أذهان الرأى العام طوال ما يربو عن ثمانين عامًا.
أولى هذه الحقائق ما كشف عنه طلال الأنصارى المتهم الثانى فى قضية "الفنية العسكرية"، وهى محاولة الانقلاب الفاشل الذى قام به صالح سرية ومجموعة من الشباب أطلق عليهم "تنظيم الفنية العسكرية" لأن معظمهم كانوا طلابًا فى تلك الكلية.
الأنصارى أكد أنه بايع المرشد العام الثانى، حسن الهضيبى، بمنزله فى منيل الروضة عام 1973 بحضور الشيخ على إسماعيل، شقيق الشيخ عبدالفتاح إسماعيل ـ الذى تم إعدامه بصحبة سيد قطب فى قضية تنظيم 1965 الشهيرة.
يقول الأنصارى: "إنه فوجئ بالمرشد العام يأمره أن يمد يده ـ فى نهاية اللقاء، فتصور أنه سيصافحه منهيًا اللقاء، ولكنه فوجئ به ـ المرشد ـ يأمره أن يتلو هذه الكلمات وراءه: "أبايعك على السمع والطاعة فى اليسر والعسر، وفى المنشط والمكره والله على ما أقول شهيد".
كانت دموع المرشد ـ كما يروى الأنصارى ـ تنهمر فى صمت نبيل وقد احتضنه بقوة.. فى حين كان الشيخ "على" يقف متأثرًا ودموعه ما تزال تسيل.
ولم تقف مفاجآت الأنصارى عند هذا الحد ولكنه راح يؤكد علم المرشد الثانى، المستشار حسن الهضيبى، بخطة صالح سرية المتضمنة إحداث انقلاب عسكرى للوصول الى السلطة، ولكن الأنصارى أوضح أن شروط المرشد والسيدة زينب الغزالى، كانت واضحة، إبعاد الإخوان نهائيًا عن الموضوع برمته فى حال فشل الانقلاب.
يقول الأنصارى فى مذكراته: إن صالح سرية قام بعرض أفكاره بكل صدق ووضوح على قيادات الإخوان وعلى رأسهم المرشد.. وإنه أخبرهم بأنه كتب مذكرة من خمسين صفحة للمرشد عرض فيها خطته لإدخال تجديد على فكر الإخوان ليكون الوصول للسلطة بالقوة العسكرية خيارًا أساسيًا، وأن المرشد وافق على مضمون المذكرة.
المضى فى مذكرات الأنصارى ـ أحد شهود تلك الفترة المهمة من تاريخ مصرـ يكشف العديد من المفاجآت الأخرى، فالأنصارى يوضح أدوار وجهود الحاجة زينب الغزالى.. يقول الأنصارى: "كانت زينب الغزالى حريصة كل الحرص على إخفاء هويتى أمام ضيوفها الكثيرين ـ عند زياراتى المتتالية لها ـ لذا اختارت لى اسمًا كوديًا وهو (عصام)، ولكن عند دخولى هذه المرة الى بيتها، فاجأتنى بكشف هويتى لأول مرة أمام ضيف كنت أراه للمرة الأولى أيضًا، ولم يقف الأمر عند مجرد التعريف وإنما تعداه الى طلب الإفصاح عن أسرار التنظيم الجديد لهذا الشخص، الذى قدمته لى باسم الدكتور صالح سرية".
لكن الحاجة زينب الغزالى أنكرت ـ فى شهادتها أمام المحكمةـ أى علاقة لها بالأنصارى، وأكدت أنها تعرفت عليه عن طريق الشيخ على عبده إسماعيل وعندما علمت ميله للعنف نصحته بالتعمق فى دراسته، والابتعاد عن السياسة.
وكانت شهادة زينب الغزالى تلك هى ما اعتمد عليها القضاة فى نهاية الجلسات لاستبعاد جماعة الإخوان المسلمين آنذاك من قرار الاتهام.
ويمضى الأنصارى فى مذكراته ليكشف حقائق مذهلة تتعلق بكيفية إدارة الإخوان لمعاركهم القضائية مؤكدًا أن الجماعة كلفت ـ إبانهاـ الدكتور عبدالله رشوان ـ من أشهر محامى الإخوان ـ بوضع خطة الدفاع التى اعتمدت على محورين، الأول: فى الوقائع والموضوع، والثانى: سياسى.
ويضيف: فيما يتعلق بالشق الأول كانت الخطة تعتمد على إنكار التهمة ونفى محاولات الانقلاب وتصوير المسألة باعتبارها مؤامرة داخل عملية الصراع على السلطة فى مصر.. ويعلق الأنصارى قائلا: "لكن وبعد كل هذه السنوات واشتغالى بالمحاماة، فإننى أرى أن خطة الدفاع هذه لم تكن موفقة وأنها حملت استخفافًا بالمحكمة لأن أى متابع للأحداث أو مطلع على أوراق القضية واعترافات المتهمين، كان لا بد له أن يخرج بتأكيد واضح على وجود تنظيم، وأنه تحرك بالفعل للقيام بانقلاب".
ونترك مفاجآت طلال الأنصارى جانبًا، لندخل الى عالم آخر من المفاجآت، يأتى هذه المرة على لسان اثنين من أبرز رموز التيارات الإسلامية العسكرية فى العالم (عبدالله عزام، وأبومصعب السورى أحد أهم قادة ومنظرى الإرهاب).
ففى مذكراته التى نشرها تحت عنوان "دعوة المقاومة الإسلامية العالمية" قال مصطفى الست مريم "الشهير بأبومصعب السورى": إنه "قبيل مقتل الرئيس السادات بشهرين تقريبًا كان الإخوان المسلمون السوريون يتدربون فى العراق على أيدى الجيش العراقى، وكانت الحرب التى نمارسها فى سوريا حرب عصابات لذا ذهبنا إلى مصر للتدريب على حرب العصابات وكانت دورة قصيرة ساعدنا فيها الأخوة هناك كثيرًا، بعدها رجعنا إلى عمان وحملنا أنا والفريق الذى معى مسئولية تطوير الجهاد بالنسبة للجماعة فى سوريا".
انتهى كلام أبومصعب السورى الذى كان يروى تجربته فى الجهاد، وهو جالس فى كابل، قبل أن تذكر بعض الأخبار أنه تم القبض عليه فى منتصف العام الماضى ـ فى باكستان ـ من قبل الأمريكان.
لم يكن يعلم السورى أن أستاذه عبدالله عزام، الأب الروحى لشباب "الجهاد" أو الأصولية العسكرية، سيروى نفس الأقوال تقريبًا فى مذكراته التى بثها أخيرًا موقعه على شبكة الإنترنت، حيث أكد الشيخ أنه بعد أن غادر المملكة الهاشمية متوجهًا إلى السعودية، حيث عمل فى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة عام 1981، التقاه كمال السنانيرى، أحد أهم رجال النظام الخاص فى جماعة الإخوان المسلمين، ومسئول ملف التنظيم الدولى آنذاك، فى الحرم المكى، حيث كلفه بالذهاب إلى أفغانستان لتمثيل الإخوان هناك، وتنفيذ أجندتهم الرامية إلى استقبال الشباب الوافد من فلسطين ومصر والسعودية والأردن وباقى البلدان العربية والإسلامية، ممن يرغبون فى الجهاد، وإعدادهم وشحنهم معنويًا وتشجيعهم على المضى فى التجربة.. ويضيف عزام أنه وافق على الفور طالبًا تطوير دوره ليشمل تشكيل "وحدة انتشار سريعة ومدربة" من هؤلاء الشباب لتصبح اليد الضاربة للجماعة دوليًا.
وعندما بدأ عزام تنفيذ خطته فى أبريل من عام 1984 لم يكن يعلم أن التنظيم الذى سيضع لبنته الأولى بتكليف من جماعة الإخوان المسلمين، سيتحول الى التنظيم الإرهابى رقم واحد فى العالم، وأنه سيقوم طوال نيف وثلاثين عامًا بشق صفوف المسلمين وعرقلة نمو بلدانهم نحو الديمقراطية، وسيستعدى عليهم فى النهاية العالم أجمع. لتصب كافة مجهوداته فى إطار الخطة "المؤامرة الأمريكية" الهادفة الى تمزيق الأمة العربية والمنطقة وتفتيتها الى دويلات، صانعة بذلك "سايكس بيكو" جديدة تخدم الأهداف الصهيونية التى تسعى الى إنشاء دولة إسرائيل الكبرى، من النيل حتى الفرات.
ولو تركنا سبعينيات طلال الأنصارى وثمانينيات عبدالله عزام، وعدنا قليلاً الى الوراء حيث الأربعينيات عندما أسس حسن البنا "النظام الخاص" أو ما سيعرف خارج الجماعة بـ"الجهاز السرى"، محددًا وظائفه بـ"شن الحرب على الاستعمار البريطانى وقتال الذين يخاصمون الجماعة وردعهم وإحياء فريضة الجهاد" وهو ما يعنى فيما يعنيه أن البنا قد فكر مبكرًا فى إيجاد تشكيل مؤسساتى، يتصدى لمن يخاصم الدعوة عبر القيام بعمليات تستهدف الردع.
وقد تألف النظام الخاص إبانها من ثلاث شعب أساسية هى: التشكيل المدنى وتشكيل الجيش وتشكيل البوليس، وألحقت بالنظام تشكيلات تخصصية مثل "جهاز التسليح" وجهاز الأخبار، وقد عمل الجهاز الأخير كجهاز استخبارى للجماعة.. ويعتبر الكثير من المؤرخين أن إنشاء "النظام الخاص" جاء كتطور منطقى وطبيعى لفكر حسن البنا، ففى رسالة المؤتمر الخامس 1938 يجيب البنا فى وضوح وجلاء عن سؤال: "هل فى عزم الإخوان المسلمين أن يستخدموا القوة فى تحقيق أغراضهم والوصول إلى غايتهم؟ قائلاً: الإخوان المسلمون لا بد أن يكونوا أقوياء ولا بد أن يعملوا فى قوة".
وحينما يؤرخ محمود عبدالحليم للجماعة، لا يتردد فى الاعتراف "التبرير" لاستخدام الجماعة للعنف والإرهاب فى الأحداث المروعة التى شهدتها القاهرة عام 1948 فيقول: "الحكومة سدت المنافذ أمام الشباب لإنقاذ الوطن، فاضطر الشباب إلى المخاطرة باقتحام البيت من منافذ أخرى.. كانت أعمالاً بطولية رائعة قوضت صرح الأمن الذى أقامه حكام مصر للمستعمر ينعم فيه ويستمتع".. لكن القائد الإخوانى الكبير لا يشير إلى أن هذه الأعمال "البطولية" قد راح ضحيتها الكثيرون من عابرى السبيل والبسطاء من عامة الشعب.
لا خلاف إذن على أن بدايات هذه البذرة الإرهابية كانت فى تربة جماعة الإخوان، وحتى هم يقرون بذلك وأحيانًا يتباهون به، ويتسابقون فى نسبته إلى أشخاصهم دون غيرهم من رموز أخرى للجماعة، ولا يحتاج الأمر إلى كبير عناء، إذ يكفى مراجعة مجموعة من كتابات الإخوان أنفسهم حول الإرهاب والتنظيم السرى، وهى كثيرة، ومنها على سبيل المثال:
- محمود عبدالحليم: "الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ رؤية من الداخل"، ثلاثة أجزاء.
- أحمد عادل كمال: "النقط فوق الحروف.. الإخوان والنظام الخاص".
- صلاح شادى: "حصاد العمر"، "الشهيدان.. حسن البنا وسيد قطب".
- محمود الصباغ: "حقيقة النظام الخاص ودوره فى دعوة الإخوان المسلمين".
يقول محمود الصباغ "الإرهابيون نوعان: إرهابيون لأعداء الله، وهؤلاء هم أرق الناس قلوبًا وأرهفهم حسًا، وإرهابيون لأحباب الله، وهؤلاء هم أغلظ الناس قلوبًا وأكثرهم قسوة ووحشية"، ومثل هذا التعبير، كان المنطق الذى استندت إليه الجماعة فى الدفاع عن إرهابها وعن جهازها الإرهابى، يقولون أحيانًا إنه أنشئ ضد الإنجليز والصهاينة، وفى أحيان أخرى يوسعون الدائرة فيقولون إنه استهدف أعداء الله، وتبقى المشكلة فى تعريف من هم أعداء الله، فالإخوان يقررون أن أعداء الله هم تحديدًا أعداء الجماعة، وقد قرر محمود الصباغ ذلك صراحة أكثر من مرة.
وحتى عندما قتل أعضاء فى الجهاز الإخوانى، القاضى أحمد الخازندار، غضب المرشد العام غضبًا شديدًا واستنكر الحادث علنًا، لكن الأمر كان فى واقع الأمر غضبًا لاختراق احتكاره لكل السلطات فى الجماعة، ذلك أن رئيس الجهاز السرى عبدالرحمن السندى قد قرر الاغتيال ودبره دون إذن من حسن البنا؛ ولهذا تقرر تقديم السندى لمحاكمة داخلية فى إطار الجماعة، وكانت المحاكمة صورية وغير ذات معنى، لأنها بررت القتل وبرأت ساحة مدبره بحجج غير مقنعة.
تشكلت المحكمة الإخوانية من المرشد العام الشيخ حسن البنا، صالح عشماوى، الشيخ محمد على، الدكتور خميس حميدة، الدكتور عبدالعزيز كامل، محمود الصباغ، مصطفى مشهور، أحمد زكى حسن، أحمد حسنين، د. محمود عساف، أى أكبر قادة جماعة الإخوان، ومعهم قادة الجهاز الخاص، أما المتهم فهو رقم "1" فى الجهاز أى مسئوله الأول عبدالرحمن السندى، قال المتهم "إنه تصور أن عملية القتل سوف تُرضى فضيلة المرشد، ولأن المرشد يعلم أن السندى يقول الصدق فقد أجهش بالبكاء ألمًا لهذا الحادث الأليم".
والتركيب التنظيمى للجهاز الإرهابى وفق رواية الصباغ منفصل تمامًا عن الجماعة لكنه متداخل تمامًا مع قمة قياداتها؛ فقادة الجهاز هم: عبدالرحمن السندى، مصطفى مشهور، محمود الصباغ، أحمد زكى حسن، أحمد محمد حسنين؛ ومعهم خمسة من أكبر قادة الجماعة هم: د. صالح عشماوى، د. محمد خميس حميدة، الشيخ محمد فرغلى، د. عبدالعزيز كامل، د. محمود عساف.
لا مجال إذن للادعاء بأن الجهاز كان يعمل منفصلًا عن الجماعة، فقادة الجماعة هم جزء أساسى من قيادته، وفوق هؤلاء جميعًا المرشد العام حسن البنا.. وهم يبررون الإرهاب، حتى الآن؛ فالكتاب الذى نتحدث عنه هنا، كتبه محمود الصباغ أحد قادتهم الكبار عام 1989، وقدم له المرشد العام الخامس مصطفى مشهور مادحًا فى الكاتب والكتاب.. إذن فهو وثيقة إخوانية دامغة، يتحدث فيها الصباغ عن أعضاء جماعته أو بالدقة عن أعضاء جهازها الإرهابى: "لقد تعلم كل منهم كل ما شرعته عقيدته الإسلامية من قواعد القتال والشهادة، ولا حاجة لأحد منهم لعالم يفتى له هل يعمل أو لا يعمل، ولا قائد يقول له هل يتطوع أو لا يتطوع، وكلهم قارئ لسنة رسول الله (ص) فى إباحة اغتيال أعداء الله".
وعن حادثة محاولة نسف محكمة الاستئناف يقول صلاح شادى: "أبلغنى الأخ عبدالحليم محمد أحمد أنه كان من ضمن الأشخاص المكلفين بعملية نسف محكمة الاستئناف، وأن المرحوم سيد فايز هو الذى أمرهم بنفسه بتنفيذها، ويمضى صلاح شادى قائلًا: ومن جهتى فإننى أثق تمامًا فى عمق احترام سيد فايز لأوامر المرشد، كما أثق تمامًا فى صحة أقوال الأخ عبدالحليم محمد أحمد التى أكدها أيضًا شفيق أنس الذى قام بمحاولة النسف وهذه شهادة مسلمين عدلين". باختصار يحاول صلاح شادى بأسلوب رقيق أن يقول إن قرار نسف محكمة الاستئناف قد تم بناءً على أوامر من المرشد حسن البنا، فايز الذى كان مسئول الجهاز السرى بعد القبض على السندى فى قضية سيارة الجيب، ونعرف حجم الخداع عندما نقرأ بيان البنا الذى أدان فيه حادث محكمة الاستئناف، ووصفه لمدبريه بأنهم صغار النفوس وأنهم "ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين".
والمثير للدهشة أنه وبعد خروج الإنجليز وبعد قيام حكومة تحارب الصهيونية (1954) كان الجهاز السرى يعزز وجوده بل ويلقى بظلاله على الجماعة كلها، فقد "كون المرشد قبيل سفره إلى الأقطار العربية فى أوائل يوليو 1954 لجنة قيادية مهمتها مواجهة موقف الحكومة من الإخوان بما يلزم مما تهيئه قدراتهم على ضوء الأحداث"، وهذا طبيعى، لكن المثير للدهشة هو تكوين اللجنة، فاللجنة مكونة من يوسف طلعت (قائد الجهاز السرى)، صلاح شادى (المشرف على الجهاز السرى وقائد قسم الوحدات وهو جهاز سرى أيضًا)، والشيخ فرغلى (صاحب مخزن السلاح الشهير بالإسماعيلية)، ومحمود عبده (وكان من المنغمسين فى شئون الجهاز السرى القديم).
والمثير للدهشة فى هذا الأمر أن الجهاز السرى الذى زعم حسن البنا ـ ومن بعده الإخوان ـ أنه أسس لمحاربة الاستعمار، قد تغيب تمامًا عن معارك الكفاح المسلح فى القنال (1951)، وقد تنصل المرشد العام المستشار الهضيبى من أى مشاركة فيه، وقال: "كثر تساؤل الناس عن موقف الإخوان المسلمين فى الظروف الحاضرة، كأن شباب مصر كله قد نفر إلى محاربة الإنجليز فى القنال، ولم يتخلف إلا الإخوان.. ولم يجد هؤلاء للإخوان عذرًا واحدًا يجيز لهم الاستبطاء بعض الشىء.. إن الإخوان لا يريدون أن يقولوا ما قال واحد منهم ـ ليس له حق التعبير عنهم ـ إنهم قد أدوا واجبهم فى معركة القنال فإن ذلك غلو لا جدوى منه ولا خير فيه، ولا يزال بين ما فرضه الله عليهم من الكفاح وبين الواقع أمد بعيد والأمور إلى أوقاتها".
هكذا قطع المرشد الثانى حسن الهضيبى قول كل خطيب من خطباء الجماعة، فلم يقم الجهاز السرى للإخوان بأى دور يذكر فى المسألة الوطنية فى القناة كما ردد معظم مؤرخيهم، إنما تم استخدامهم على مدار تاريخ الجماعة كله، فى العنف وإرهاب الخصوم، ثم يأتى البعض محاولًا تبرئتهم مما يحدث، ملصقًا تهم العنف ضدهم وضد حرائرهم للشرطة تارة وللجيش تارة أخرى.
لقد صدق حدسنا فى الماضى، رغم حذلقة المتحذلقين، وسوف يثبت التاريخ، وإن طال الزمن، صدق حدسنا للمرة الثانية، بأنهم المسئولون عن كافة العمليات الإرهابية التى حدثت، وما زالت تحدث، فى مصر والعالم العربى طوال العامين السابقين.. وهو ما سوف نتحدث عنه تفصيلاً فى العدد القادم!.