تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
قال الكاتب الأمريكي توماس فريدمان في مقاله في صحيفة نيويورك تايمز إنه إذا أردت أن تعرف ماذا يحدث في مصر الآن عليك الرجوع للخلف قليلاً لمعرفة الحقيقة، على مدى العامين ونصف العامين الماضيين قمت بزيارة مصر ثلاث مرات؛ وكانت ثلاث زيارات بثلاث ثورات.
كانت الثورة الأولى للشعب المصري الذي أسقط مبارك، وقام المجلس العسكري بقيادة المشير طنطاوي بالحكم، وأثبت طنطاوي وزملاؤه أنهم غير أكفاء تمامًا في إدارة الدولة، ثم تلى ذلك فوز الإخوان في انتخابات ثورية، وعزل المجلس العسكري، وتم شغل المناصب المصرية بالمولين لهم من الإخوان، تلى ذلك فشل الإخوان في القيادة الاقتصادية لمصر، وقام الإخوان بالتعاون مع جيل جديد مع العسكريين الذين قاموا في الثورة الثالثة بعزل مرسي.
الثورة الأولى كانت للتخلص من حكم فرد ديكتاتوري، والثورة الثانية للتخلص من جماعة ديكتاتورية، أما الثورة الثالثة فهي للهروب من طريق مسدود.
حدثت الثورة الأولى بسبب ضيق عدد كبير من الشباب ومعظمهم غير إسلاميين بنظام مبارك، وشعورهم بأنهم كانوا يعيشون في نظام مزور؛ حيث لم تكن لديهم فرصة لتحقيق إمكاناتهم الكاملة، في ظل زعيم مع عدم وجود الرؤية، بعد نحو 30 عامًا من حكم مبارك، ونحو 30 مليار دولار من المساعدات الأمريكية، أصبح ما يقرب من ثلث المصريين غير قادرين على القراءة أو الكتابة .
ثم قام الليبراليون بالتصويت لصالح مرسي مرشح الإخوان الذين قاموا بتفضيله على آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، ولكن مرسي أثبت أنه أكثر اهتمامًا بالإخوان، وقام بتعزيز قبضتهم على الحكومة بدلاً من أن يحكم بنفسه، ومن ثم قاد مصر إلى طريق مسدود؛ حتى إن المصريين خرجوا إلى الشوارع في 30 يونيو وتوسلوا تقريبًا للجيش للإطاحة مرسي .
وكانت رسالة المصريين أنهم لا يردون مزيدًا من القتلى، بل يريدون حكومة تجعل مصر في طليعة العالم العربي مرة أخرى، وحكومة من المتخصصين القادرين على التغيير.
يطمح المصريون في حكومة من شأنها أن تكون شاملة تحترم حقيقة أن ثلثي المصريين ليسوا من تيار الإسلام السياسي، على الرغم من العدد الكبير من المسلمين الملتزمين في مصر؛ إلا أنهم لا يريدون أن يعيشوا في دولة دينية، وأصدق دليل على ذلك استطلاع الرأي الذي قام به المركز المصري لبحوث الرأي العام أن 71% من المصريين كانوا “,”غير متعاطفين مع الاحتجاجات المؤيدة لمرسي .“,”
ويقول فريدمان إن تلويح أوباما بقطع المساعدات عن مصر ليس حلاًّ جيدًا، ويجب أن تحصل مصر على دعم جميع دول العالم لتنجح هذه الحكومة المصرية الجديدة.
ويضيف فريدمان أنه غير قلق أن يستولي الجيش على السلطة، فالشعب المصري الذي قام بالثورة ثلاث مرات منذ عام 2011 قادر على تصحيح الطريق مرات عديدة إذا أخطأت الحكومات.
ويضيف فريدمان: أنا قلق من التحدي الذي يواجه المصريين وهو إيجاد الطريق الصحيح، وحشد الأغلبية لمتابعة هذا المسار، وأن الحكومة الحالية تقدم أفضل أمل لمصر لمتابعة المسار الذي يريده المصريون؛ حيث تحتوي الحكومة على أهل الخبرة في مناصب مهمة مثل وزارة المالية والخارجية، وأنهم يركزون على دستور عادل يقوم على الإصلاح الاقتصادي، وستصبح مهمة الحكومة أسهل لو شاركت جماعة الإخوان في العملية السياسية الجديدة في مصر، ووقف حربها مع الجيش كما يحتاج الإخوان إلى استعادة ثقة الشعب مرة أخرى.
هذا الوقت ليس وقتًا مناسبًا لتقوم أمريكا بمعاقبة المصريين أو تطالب بانتخابات سريعة.
مهمتنا هي مساعدة الحكومة الجديدة على زيادة عدد القرارات الاقتصادية الجيدة، والضغط بشكل مطرد لتشكيل أحزاب سياسية متعددة لتصبح أكثر شمولاً، وإذا حدث ذلك ستكون مصر مهيأة لإجراء انتخابات ديمقراطية مرة أخرى، وإذا لم يحدث ذلك فلن يتغير الوضع في مصر.
ترجمة حسام أبو سعدة