الثلاثاء 18 مارس 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

مستقبل جماعة الإخوان المسلمين (2-5)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تناولنا في المقال السابق كيف حافظت جماعة الإخوان المسلمين على وجودها التنظيمي منذ تأسيسها في عام 1928 على يد الشيخ الراحل حسن البنا، والأخطاء التي وقعت فيها الجماعة خلال فترة توليها حكم مصر على الصعيد الداخلي. وفي هذا المقال نستكمل أخطاء الداخل والخارج التي أوقعت الجماعة نفسها فيها.
فعلى الصعيد الداخلي، كان الخطأ السابع للجماعة التسرع والعجلة في مشروع “,”الأخونة“,”، الذي انطلق بسرعة فائقة دون عقل أو تمهل، حيث حاولت الجماعة السيطرة على جميع المناصب السياسية والتنفيذية في الدولة على الرغم من التحذيرات المتكررة بأن محاولة الحكم المنفردة سوف تؤدي إلى نهاية الجماعة وحزب الحرية والعدالة، ولكن صُمَّت الأذان من قِبل الرئيس وجماعته، واعتقدوا خطأ أن الشعب المصري لن تقوم له قائمة أخرى.
ثامنا، الاعتماد على شرعية مفقودة، فقد حاولت الجماعة أن تتحدث طوال الوقت عن أنه لا بديل عن شرعية “,”صندوق الانتخابات“,”، ونست أيضًا أنه إحدى أدوات الديمقراطية وليس الديمقراطية ذاتها التي تتكون من قيم ومبادئ وممارسة. والدليل على ذلك أن البيان الأخير للرئيس السابق محمد مرسي ذكر كلمة “,”الشرعية“,” 58 مرة، وأن البيانات التي ترجمت من قبل الجماعة والسيد عصام الحداد إلى اللغة الإنجليزية أكدت أن ما حدث هو انقلاب عسكري أبيض على الشرعية.
تاسعا، مؤسسة رئاسية ضعيفة معدومة الكفاءات، حيث اعتمدت الجماعة والرئيس على مجموعة معدومة الخبرة من أهل الطاعة والثقة؛ مما أوقع الرئيس في كثير من الأخطاء التي أضرت بالأمن القومي المصري على الصعيدين الداخلي والخارجي.
عاشرًا، لم يستطع الرئيس أن يقنع المصريين بأنه رئيس لكل المصريين لا لجماعة الإخوان المسلمين ومؤيديها فقط، حيث وقع في خطأ فادح عندما خرج وخطب في أهله فقط عند قصر الاتحادية ولم يفعلها مع المعارضة. كما أن استخدامه المفرط في كل خطاباته وبياناته ولقاءاته تعبير أنه رئيس كل المصريين كان بمثابة النفي، وكأن على رأسه بطحة وأنه ليس رئيس كل المصريين، كما يدَّعي.
أما على الصعيد الخارجي، فقد ارتكبت جماعة الإخوان مجموعة من الأخطاء على المستوى الخارجي، تتمثل في:
أولا، اعتبرت الجماعة أن مسألة قرض صندوق النقد الدولي مسألة حياة أو موت لها، أو شهادة دولية، وذلك لتوطيد حكمها في مصر على الرغم من حصولها على الكثير من القروض الخارجية (نحو 13 مليار دولار) وبدلا من الاعتماد على مصادر تمويل وطنية أو على سياسات تقشفية تقنع بها عموم المصريين أخذت تصول وتجول في كل دول العالم من أجل الاقتراض دون وعي بماذا ستفعل بهذه الأموال، ودون ضخها في مشروعات استثمارية لكى تستوعب القدرات الهائلة من طاقات الشباب الذي قام بالثورة ولم يجنِ منها شيئا.
ثانيا، الاعتماد الكلي على دعم ومساندة الإدارة الأمريكية، فإذا كان الرئيس السادات قد قال إن 99% من قواعد اللعبة في يد أمريكا فإن الإخوان قالوا إن 100% من قواعد اللعبة بيد أوباما والإدارة الأمريكية، التي لم تستطع أن تحمي مبارك بعد 30 سنة خدمة لمصالحها في منطقة الشرق الأوسط، واتضح من ذلك أن الجماعة هى أكثر تابعية للإدارة الأمريكية من نظام مبارك الذي كان يستطيع أن يتحرك قليلا بعيدًا عن الأمريكان.
ثالثا، حالة العداء المباشر من قبل الجماعة ورئيسها لبعض الدول العربية الشقيقة التي يكنّ لها الشعب المصري كل تقدير واحترام، والتى أسهمت في بناء قرى ومدن كاملة في مصر مثل الإمارات العربية والسعودية. وبدلا من أن تقوم الجماعة بإرسال خطاب تهدئة بأنها لن تعمل على تصدير الثورة، نشّطت الخلايا النائمة لها في منطقة الخليج عامة، وفي الإمارات خاصة. وفي الوقت الذي أكد فيه الدكتور مرسي أنه لن يتم تصدير الثورة المصرية إلى الخارج عامة والدول العربية خاصة، فإن قيادات الجماعة أخذت تشتبك مع بعض الحكام والأمراء العرب، مما أدى في النهاية إلى انجرار الرئيس نفسه إلى هذا المسار، والذى اتضح مع موقفه من الإمارات بتحميلها كل الأخطاء والمشاكل التي تقع في مصر. ونسي الرئيس وجماعته أنهم لم يستطيعوا فعل شيء أمام أخطائهم المتراكمة التي أدت إلى مزيد من المشاكل في الداخل بدلا من إلقاء التهم على الآخرين.