الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

استدعاء خبرة ناصر ومبارك

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بعد انتهاء العدوان الثلاثي على مصر والمقاومة الشعبية التي أبداها شعب بورسعيد في التصدي للعدوان وهزيمة دول الغزو، عين الرئيس جمال عبد الناصر وزيرا لإعمار محافظات القناة، وفي أواسط الخمسينيات ومع تآمر عصابة الإخوان على ثورة يوليو، قدم ناصر جميع أعضاء العصابة لمحاكم عسكرية وصادر أموالهم، وأغلق مكاتبهم واعتقل العشرات منهم، وعقب اغتيال الرئيس أنور السادات، عاد الإرهاب التكفيري المسلح، وتصدى الرئيس حسني مبارك له حتى قضى عليه في التسعينيات، باعتقال الآلاف من عصابات الجماعات، ومنهم بالطبع جماعة الإخوان الذين تم تقديمهم لمحاكمات عسكرية بتهمة تشكيل تنظيمات عسكرية، وغسيل الأموال، وكانت التعليمات لقوى الأمن المصري، تقضي بالضرب في المليان لكل من يحمل سلاحا أو يعتدي على أي مؤسسة من مؤسسات الدولة، يبدو أن أحداث التاريخ تتشابه، رغم أن التاريخ لا يعيد نفسه.

في عهد ناصر لم نسمع عن إرهاب في سيناء، فقط ظلت تحت الاحتلال في نصف عهده، ولكن وللحق وحتى لا نقع في الانحياز الأعمى الذي أصاب دراويش الناصرية، لعبت جبهة تحرير سيناء دورا مهما في الأعمال الفدائية ضد المحتل الإسرائيلي، أثناء حرب الاستنزاف، مع البدء في إعادة بناء القوات المسلحة بعد هزيمة 5 يونيو، وواصل الرئيس السادات مهمة إعادة البناء حتى قرار الحرب في أكتوبر 73، ولم ينتبه أحد، أو لم تسعفه الظروف لتعمير سيناء إلا الرئيس حسني مبارك، ولم نسمع يوما عن وجود إرهاب بهذا الحجم في سيناء، مع وجود - بالطبع - بعض المشكلات القبلية والاحتياجات المطلبية الاجتماعية، سيناء كانت تحت سيطرة الدولة بأجهزتها السياسية والإدارية والأمنية في مقدمتها جهاز المخابرات العامة والأمن القومي، بالتعاون مع الاستخبارات العسكرية في الجيش، وكلنا يعرف النتائج الكارثية لمرحلة ما بعد يناير، وكيف وصل الأمر بعد اغتصاب عصابة الإخوان للسلطة في البلاد إلى تحويل سيناء لقاعدة للتنظيمات الإرهابية التكفيرية، ويبدو أن علاج قضية سيناء بشكل متكامل يتطلب الجمع بين الخبرتين في مرحلتي ناصر ومبارك، فإلى جانب المواجهة العسكرية والأمنية، بات من الضروري استدعاء الحل الناصري في تنظيم مقاومة شعبية لمواجهة الإرهاب من قبل ابناء سيناء، تحت إشراف القوات المسلحة، ولها تجارب سابقة في تشكيل الحرس الوطني الشعبي في حربي 67، 73، وتدريب المقاومة الشعبية في حرب 56، بل ضم أبناء سيناء والاستعانة بهم في حرب الاستنزاف والاشتراك مع أبطال الصاعقة المصرية في جبهة تحرير سيناء أيام الاحتلال ثم عدم نسيان الحل الناصري في التعامل مع عناصر الإخوان والإرهاب في الداخل المصري، أما عصر مبارك، فقد جمع ما بين مشروع تعمير سيناء ومحاصرة الإرهاب الإخواني في الداخل، مع ضبط الحدود الدولية لمصر مع غزة المحتلة، وتولي جهاز المخابرات المصرية هذه المسئولية بالتعاون مع القوات المسلحة والاستخبارات العسكرية والشرطة، لدينا إذن رصيد هائل من الحلول إذا ما جمعنا ما بين خبرة عهدي ناصر ومبارك، في طريقة التعامل مع عصابات العنف والإرهاب، وأتصور أن تعيين نائب لرئيس الوزراء ووزير شئون سيناء، (تجربة تعيين وزير للسد العالي، أو إعمار مدن القناة) إحد الخطوات المهمة في هذا الاتجاه ولدينا أسماء لقيادات مثل اللواء مراد موافي لتولي هذا الموقع المهم، فهو صاحب خبرة وأثبت نجاحه في كل المواقع الذي تولاها، فقد كان مديرا للاستخبارات العسكرية ثم عمل لسنوات محافظا لشمال سيناء، ثم تولى موقع مدير المخابرات العامة، فضلا عن مشاركته كمقاتل في حرب أكتوبر، أي أن الرجل لديه الخبرة الأمنية والاقتصادية والإدارية والسياسية، لتولي مثل هذه المهمة التي تتطلب نوعا معينا من الفهم والقدرة السياسية والإدارية والعسكرية، إن الوضع في سيناء يقتضي العودة دون تردد لخبرة التاريخ القريب، فقبل يناير 2011، كنا نقرأ خبرا مكررا يعلن القبض على عدد من الأفارقة حاولوا التسلل عبر الحدود المصرية، أما الآن فيأتينا الخبر ليعلن محاكمة أفارقة تسللوا إلى إسرائيل عبر الحدود المصرية، وبالطبع كلنا يعرف الفرق بين الخبرين، ويضاف إليه سقوط شهداء من أبناء الشرطة والجيش جراء عملية إرهابية، وأصبح ذلك أمرا شبه متكرر، إن تطور الأوضاع في سيناء لا يحتمل التردد، وخبرة العهود وتجاربها، ينبغي ألا تخضع لمواقف سياسية، بل هي ملك للشعوب التي تتجاوز أي عهد وأي زمن.