اللحم "متنطور" فى رملة سينا.. والكدب بيحجز على أهالينا..
لن تكفَّ جهات خارجية معروفة ومحددة عن التربص بمصر والمصريين، هؤلاء الذين نجحوا فى الثلاثين من يونيو 2013 فى دحر المشروع الأمريكى الصهيونى، المدعوم من تركيا وقطر وإيران والتنظيمات الإرهابية، التى تعمل تحت عباءة جماعة الإخوان الملعونة ضد مصر.. لن يُسمَح لمَن خططوا للمؤامرة الكبرى ضد المنطقة العربية، وفى القلب منها مصر، بهدف إعادة تقسيمها وفق أهدافهم القومية عن السير فى تنفيذ ما خططوا له إلى النهاية، ولكن ماذا نحن فاعلون يا سيادة الرئيس؟! هل نكتفى بالإجراءات التقليدية من حظر للتجوال فى مناطق الأحداث وإعلان لحالة الطوارئ وإعلان الحداد والغضب الشعبى تجاه ما يحدث.. فيما يحصد الإرهاب كل يوم، العشرات من أرواح أبنائنا؟
"اللحم متنطور فى رملة سيناء يا سيادة الرئيس، والكدب بيحجز على أهالينا".. قدم العدو غارزة فى لحم ولادنا، والغربان نصبوا الشباك على بابنا، فماذا نحن فاعلون يا سيادة الرئيس؟ المدينة مختطفة، والعدو يعشش فى كل ثناياها، تقدَّم المعلومات والدعم اللوجيستى كل يوم إلى مَن يفجِّر أبناءنا فى كل بقعة على أرض المحروسة، الصمت عار يا سيادة الرئيس، والحقيقة العارية هى واجب اللحظة.
فهل يُعقل أن نترك أكثر من ألف قيادة إخوانية فى وزارة الكهرباء، وخمسة وخمسين فى "الخارجية"، وخمسين فى "البترول"، والمئات فى وزارات العدل والتعليم، والآلاف فى المحليات، ينخرون كالسوس فى لحم الوطن؟ هل يُعقل أن يقوم البعض من رجال الأعمال بتقديم الدعم إلى هذه المجموعات الإرهابية، إضافة إلى ملايين الدولارات التى تأتيهم من الخارج ونحن "واقفين مشدوهين"؟ هل يُعقل أن تقوم لجنة التحفظ على أموال الإخوان بالتحفظ على أموال عشرات القيادات الإرهابية والشركات والجمعيات الداعمة للإرهاب، ويقف البعض فى الحكومة ضد هذه القرارات، بل ويحاول عرقلة تنفيذها بحجة أنها غير قانونية؟
هل يُعقل أن نواجه المعركة بقوات عسكرية لا خبرة لها بهذا النوع من المعارك، ونترك الجهاز صاحب الخبرة الطويلة والعريقة فى مواجهة هذا النوع من الإرهاب الأعمى عرضة لأهواء البعض وتحكم الآخرين؟
هل يُعقل أن يواجه أبناؤنا هذا النوع من الإرهاب الوحشى دون معدات كافية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، السيارات المدرعة المزودة بأجهزة كشف المتفجرات عن بعد؟ هل يُعقل ألا نرسل الخبراء العارفين بكل دقائق الوضع فى سيناء إلى هناك بحجة وجود عراقيل إدارية تحول دون ذلك؟
هل يُعقل أن نسكت على اقتحام حماس حدودنا وفتح السجون وقتل ضباطنا، ثم ننتظر منهم ألا يقدموا الدعم اللوجيستى إلى هؤلاء الإرهابيين؟ فمَن لم يُعاقب على فعلته الأولى هل ينتظر أن يُعاقب على الثانية؟
لقد ولغوا فى دمائنا دون حساب.. فلماذا لا يستمرون يا سيادة الرئيس؟
هل يُعقل أن نلقى القبض على المسئول الثانى فى تنظيم القاعدة ثروت صلاح شحاتة ثم نقدمه إلى النيابة العامة فى اليوم التالى بتهم الدخول غير الشرعى إلى مصر، دون أى محاولة لاستجوابه من متخصصين، بدعوى أن جهاز الأمن الوطنى لا يجوز له، بعد الخامس والعشرين من يناير 2011، أن يستجوب مصريين؟ هل يعقل أن يقتل الإرهابى عادل حبارة 25 جنديًّا مصريًّا فى سيناء، ثم يُقدَّم إلى محكمة مدنية يمارس أمامها سفالته ضد رجال النيابة والقضاء، فى الوقت الذى نحيل فيه أى مشاجرة بين مدنى وعسكرى فى محطة بنزين تابعة للقوات المسلحة إلى القضاء العسكرى؟ هل يُعقل أن تظل الحكومة حتى الآن مترددة ومرتعشة تنتظر قرارًا سياديًّا حتى توافق على إصدار قانون الإرهاب مخافة الضغوط الغربية؟
نعم مصر مستهدفة.. فماذا نحن فاعلون يا سيادة الرئيس؟
نعم مصر مستهدفة يا سيادة الرئيس، نعم هناك دعم خارجى للإرهاب، نعم هناك من يريد كسر إرادة المصريين وكسر إرادة الجيش الذى هزم المشروع الأمريكى المدعوم من تركيا وقطر والتنظيم الإرهابى المسمى بالإخوان وكافة التنظيمات المتحالفة معه والحركات السياسية والجمعيات التى تدعمه، ولكن ماذا نحن فاعلون؟
لقد شهدت مصر يا سيادة الرئيس طوال عقد التسعينيات من القرن الماضى، سيطرة كاملة لجماعات العنف الدينى فى مصر، ارتكبت خلالها تلك الجماعات مئات العمليات المسلحة التى راح ضحيتها المئات من رجال الشرطة والمواطنين.
كانت المشكلات التى تحاصر جهاز الأمن وقتها تنحصر فى مشكلتين رئيسيتين: الأولى عدم توافر قاعدة معلومات متكاملة عن تنظيمات العنف وتشكيلاتها الداخلية وامتداداتها الخارجية وسبل تمويلها، والثانية عدم وجود رجل شرطة مدرَّب على هذا النوع من العمليات الذى بدأ فى مصر فى تلك الفترة.
وخلال ما يقرب من ستة أشهر راح جهاز الأمن يعيد ترتيب أوراقه، مستغلاً بعض العلاقات لجهاز أمن الدولة ـ آنذاك ـ فى الخارج؛ حيث المعلومة لها ثمن محدد وسوق المعلومات متاحة للجميع، والحرب موجهة إلى مصر، عقب تعليمات تأتى من الخارج، فتم شراء وتجميع المعلومات وتصنيفها فى محاولة للوصول إلى خريطة متكاملة لجماعات العنف، شملت المنطقة بالكامل.
تزامن مع تلك الخطة، خُطة جمع المعلومات وتصنيفها، إرسال مجموعة كبيرة من أفضل الضباط فى قطاع مباحث أمن الدولة، آنذاك، إلى عدد من الدول التى اشتهرت بامتلاكها لوحدات متخصصة فى مجال مكافحة الإرهاب، لتشكيل ما سُمى فيما بعد بـ"قوات مكافحة الإرهاب"، ليحل عام 1994 وقد امتلك جهاز الأمن زمام المبادرة بشكل كامل، وبحلول شهر أبريل 1994 تغيَّر المؤشر تمامًا عقب توجيه أجهزة الأمن ضربتين متتاليتين أفقدت جماعات العنف قدرتها علـى السيطرة، فقد سقط خلال خمسة عشر يومًا من الرابع عشر حتى الخامس والعشرين من أبريل 1994 أهم قيادتين عسكريتين لتنظيمى "الجهاد" و"الجماعة الإسلامية"، وهما عادل عوض صيام زعيم الجناح العسكرى للجهاد ومسئول الاتصال بين الداخل والخارج، وطلعت ياسين همام زعيم الجناح العسكرى للجماعة الإسلامية ومسئول الاتصال بين الداخل والخارج، بالإضافة إلى مجموعة من أهم أعوانهما، ما أدى إلى ضعف الاتصال بين قادة الداخل والخارج بشكل كبير، الأمر الذى اضطر قيادات الخارج إلى محاولة الدفع ببعض عناصرها من الخارج لإعادة الاتصال، والتى تم أيضًا محاصرتها والقبض عليها أثناء دخولها للبلاد.
لم يقف الأمر عند هذا الحد فقد شملت المواجهة فى تلك الفترة مقتل 119 عنصرًا من أخطر عناصر جماعات العنف المسلح، فإذا عرفنا أن إجمالى قتلى الجماعات خلال خمسة عشر عامًا منذ 1984 حتى 1999 (307 عناصر)، لوضح لنا حجم ما أنجزته أجهزة الأمن فى تلك الفترة، وهو ما يقدر بـ70٪ من حجم الخسائر فى صفوف كوادر جماعات العنف.. وعلى صعيد آخر تم تقديم 120 قضية إلى نيابة أمن الدولة العليا والمحاكم العسكرية ضمت أكثر من 1001 متهم من عناصر جماعات العنف، حكم على 94 منهم بالإعدام، نفذ الحكم فى 70 منهم.
ومع امتلاك الشرطة زمام المبادرة فى تلك الفترة تم إحباط عمليات كثيرة لاغتيال شخصيات مهمة واستهداف أماكن سياحية مكتظة بالسياح والمواطنين، لعل أهمها عملية تفجير "خان الخليلى"، واعتقال أجهزة الأمن أكثر من 45 عنصرًا من عناصر جماعة الجهاد قبل تنفيذهم العملية، وهو ما دفع تنظيم الجهاد وأميره د. أيمن الظواهرى إلى اتخاذ قرار فى نهاية عام 1995 بوقف العمليات المسلحة، وإخطار أعضاء التنظيم بذلك بشكل سرى، دون الإعلان عنه فى وسائل الإعلام.
وأخيرًا كان حجم ضبط العناصر الخطرة من كوادر جماعات العنف بين عامى 1995 و1997، والذى وصل إلى أكثر من 7 آلاف عنصر خلال هذين العامين أحد الأسباب الرئيسية التى دفعت جماعات العنف الدينى إلى إلقاء السلاح والبحث عن مخرج بديل للعنف.
والآن يبدو ونحن نشاهد ذات المشاهد التى تحدثنا عنها آنفًا من قبل جماعات إرهابية احترفت ترويع الدولة جيشًا ومواطنين، فى محاولة لفرض معادلات خاصة بها، أبعد ما تكون عن القبول الشعبى من قبل الأغلبية الكاسحة من شعب مصر، يجب علينا أن نضع حلولاً عاجلة، إذا أردنا أن نفوز بهذه المعركة.
أربع خطوات رئيسية باتت ضرورة اللحظة، يا سيادة الرئيس، فمن دون إصدار قانون للإرهاب تحاكم على أساسه الجماعات الإرهابية وحلفائهم، ودون إنشاء محاكم أمن دولة طوارئ تختص بهذا النوع من القضايا لتحقيق العدالة الناجزة، ودون إنشاء مجلس قومى لمكافحة الإرهاب يرسم الخطط ويحدد الأهداف، ويقوم بالتنسيق بين كافة المؤسسات المعنية بمواجهة ظاهرة الإرهاب، ودون إصلاح شامل للمنظومة الأمنية وفى مقدمتها إلغاء كافة القوانين المقيدة للعمل الأمنى والتى تم فرضها على جهاز الأمن الوطنى، سنظل نودع أبناءنا كل يوم دون أن نجعل من خططوا ونفذوا ومولوا تلك الأحداث يدفعون ثمن ما اقترفوا من جرائم فى حق مصر والمصريين..
اللهم بلغت اللهم فاشهد.