أكتب عن مهدى وأبوطالب عويضة وعن مهند
الإسماعيلية وتوظيف الأموال، أكتب وأنا أعرف أن الكتابة عنهم محفوفة بالمخاطر،
وذلك لعدم اتضاح كامل الصورة القانونية حتى الآن، وكذلك لنقص المعلومات المتاحة
فضلاً على أن البعض سيقول إنني أضر بأموال المودعين حينما أدعو لضرورة تطبيق
القانون وانتصار الدولة، وسيقول البعض الآخر إنني أدافع عن المتهمين حينما أدعو
للتفاوض السريع والمبكر والحاسم لرد أموال المودعين الصغار وهم الذين تقل
إيداعاتهم عن 100 ألف جنية.
كنت
بالإسماعيلية قبل شهور وعلى المقهى استمعت إلى تلك الأسطورة التي تحكي عن عمليات
توظيف الأموال بمنطقة الكيلو 14 على طريق الإسماعيلية القنطرة من خلال ستار تجارة
السيارات ، يدفع المواطن مبلغاً أقل من قيمة السيارة بعشرين ألف جنيه، ثم يستلم
سيارته بعد سبعين يوماً، بحيث يستثمر الأخوان مهدي وشقيقه أبوطالب ما دفعه المواطن
خلال تلك المدة، وهناك طريقة أخرى وهي أن يتم إيداع اموال واضحة ثم استلام فوائد
باهظة بعد مرور مدة من الزمن، تناثرت الشائعات وحذرنا من الانسياق لهذا الأمر ولكن
طوفان الرأي العام كان أقوى فهناك من باع بيته واستثمر عائد البيع عندهم وهناك من
باع أرضه الزراعية ومواشيه ، وهناك الكثير من التصرفات المؤسفة التي اعتمدت على
الربح والاستثمار المالي وركنوا في راحة دون جهد ودون إنتاج.
وقبل
أيام أعلنت مديرية امن الإسماعيلية إلقاء القبض على مهدي عويضة وأمرت النيابة
باستمرار حبسه 15 يوماً على ذمة القضية التي بدأت ببلاغ من مواطنين بمحافظة السويس
قالوا في بلاغهم أنهم اودعوا لديه أكثر من 6 مليون جنية مقابل أرباح انتظم المتهم
في سدادها لفترة ثم توقف.
هنا يقول أبوطالب عويضة، الذي مازال
طليقاً على صفحته بالفيس بوك إن مهند هو طبيب من السويس وهو غير شقيقه مهدي
المقبوض عليه الآن، مقولة أبوطالب ستدخل بالرأي العام إلى دوامة جديدة، فهل مهدي
هو نفسه مهند وأن اسم مهند هو اسم شهرة لمهدي أم هناك شخص آخر بالفعل اسمه مهند؟
أبوطالب الذي أعلن مؤخراً ترشحه لخوض
انتخابات مجلس النواب عن دائرة القنطرة هو المؤسس لنشاط تجارة السيارات بأسعار اقل
من السوق المصري، نظير الحصول علي السيارة بعد فترة زمنية محددة، وهو ما يعرف
بنظام البيع الآجل، ويشاركه في ذات النشاط شقيقه مهدي ، ويرجع أبوطالب تلك
الاتهامات إلى صراع سياسي نحو البرلمان.
نعم
هي ذات قصة الريان وإخوته تتكرر تحت سمع وبصر الحكومة تتكرر ولكن بدلاً من التقاط
صورة للشيخ الشعراوي وهو يفتتح محلات الريان ، تم التقاط صورة لمحافظ الإسماعيلية
وهو يجالس أحدهما الذي تبرع لمشروع قناة السويس الجديدة بسيارتي نقل قلاب ، وقيل
أن هناك شخصية نسائية هي التي مهدت للقاء المحافظ ورجل توظيف الأموال.
بعد
انفجار الوضع بالقبض على مهدي أبو عويضة متهماً بتوظيف الأموال تواترت الأنباء عن
وجود أبوطالب عويضة بتايلاند ووضعه على قوائم ترقب الوصول ، ثبت عدم صدق تلك
الأنباء، أبوطالب موجود بالقاهرة وبسرعة كانت أكثر من صفحة على الفيس بوك باسمه
تدافع عن موقفه القانوني وموقف شقيقه ، أرسلت له من باب الفضول طلب إضافة لصفحته
وقبله في ذات اللحظة، وهناك قرأت على لسانه كلمات من نوعية أنه برىء ولا علاقة له
ببلاغات السويس في ذات الوقت يؤكد أنه تاجر سيارات وفقط ولا نشاط له غير ذلك وأنه
يسدد الضرائب وهكذا .. كلمات كلمات دون التطرق لما يتم هناك في الكيلو 14 من استلام
أموال وتسليم أرباح.
وهنا
نقول ونؤكد للمودعين وللأخ أبوطالب الذي مازال طليقاً ونشير أيضاً للمسئولين في
الدولة، أن الأبرياء الذين إتخذوا مسار خاطىء لاستثمار مدخراتهم بهذه الطريقة
الملتوية، هؤلاء في حاجة لإنقاذ موقفهم المهدد وهو ما يحتاج وبسرعة رد تلك المدخرات
لهم من خلال أبوطالب نفسه برضاه وبالقانون أيضاً ، ذلك القانون الذي وصفه واحد من
القانونيين أنه يشبه الأستك وإذا شددته إلى أي اتجاه فسوف ينصاع صاغراً.
الأبرياء
الذين أخطأوا وخاطروا بكل ما يمتلكون في الحياة يحتاجون الحكمة في إدارة أزمتهم ،
ورد تلك الأموال التي هي محدودة بالاصل رغم ان مجموعها شكل ملايين الجنيهات وضعت
تحت تصرف الأخوين مهدي وأبوطالب بدافع حسن النية في أحيان وبدافع الطمع والربح
السريع في أحايين اخرى.
لكن
لابد لنا أن نأخذ العبرة من درس الريان ومودعيه، فالريان قضى فترة عقوبته في السجن
والمودعين قضوا ماتبقى من حياتهم في المستشفيات او انتقل للقبور من مات كمدا، لا
أبحث عن مخرج لمن استغل ضعف البشر فمن أراد مقاضاته فباب مجمع المحاكم
بالإسماعيلية مفتوح، وأدعو بوضوح لوقف هذا الإقتصاد السري الأسود والذي أسماه
الراحل الكبير فرج فودة ب " الملعوب "، لكن كما يقول الناس فحبل المحاكم
طويل وقد تخترب بيوت وتضيع أسر كاملة في وقت الانتظار، وهؤلاء هم الأولى بالرعاية
والاهتمام والعمل على رد أموالهم إن لم تكن كلها فجلها على الأقل.
أما
عن كبار المودعين والذين تتجاوز إيداعاتهم المليون جنية، فإذا كان أبوطالب صادقاً ومودعيه
موافقون على المغامرة ، فأنا أعرف أنه بمصر قانون ينظم عمل الشركات والشركاء
المساهمين بوضوح وشفافية ، فأي التفاف حول القانون هو جريمة ، ولابد هنا من
التأكيد على أن عامل الوقت والزمن حاسم في مثل تلك القضايا ، وقبل أن نرى المتهمين
في لندن كأشرف السعد علي الدولة اتخاذ زمام المبادرة والانحياز الواضح لمصالح
البسطاء الذين أخطأوا والتعامل بروح القانون.
واثناء
ذلك وبعده لابد من أفكار اقتصادية خارج الصندوق تبتكر أساليباً مطمئنة ومربحة
وقانونية لاستثمار مدخرات البسطاء ولنتعامل جيدا مع الأموال المصرية قبل ان نبحث
عن اموال الخارج، الفقر ليس جينات وراثية لكنه دائما سوء تخطيط.