ما لا عين رأت
الفلوس موجودة.. المهم القانون
اتصالات صلاح دياب مع رجال الأعمال للتحريض على عدم التبرع لصندوق تحيا مصر
أبوهشيمة يتبرع بـ100 مليون جنيه ويحصل على حق توريد حديد لمشروع قناة السويس بمليار ونصف المليار جنيه
السيسى ـ فى افتتاح المرحلة الثالثة من تطوير المجمع الطبى للقوات المسلحة وفى لحظة ربما تكون أقرب إلى اليأس: لازم أناقش كل مسئول فى كل جنيه بيروح فين وبيتصرف فى إيه.. لأن الفلوس مش موجودة وإحنا غلابة وظروفنا صعبة.. والمسئول اللى مش هيقدر ينفذ هذا الأمر لن يقدم لوطنه المطلوب وأنا أتدخل فى أدق التفاصيل المالية بكل مؤسسات الدولة ..
موجة الصراحة والمكاشفة والإحباط أيضًا كان لا بد أن تصل إلى ذروتها..
السيسى من جديد: كل مسئول لازم يكون له بدل العين مئة حتى يتابع ويركز فى أدق التفاصيل.. إحنا متأخرين جدًا وما ينفعش نمشى "تاتا تاتا" أو نجهز الناس بالراحة.. ويجب أن يكون ذلك الفكر مستقرًا لدينا.. بلدنا لم يعد لديه مال يسرق ومش هنسمح لحد يمد إيده.. البلد عاوزة كل واحد فينا يعطيها من دمه ولازم كل مشروع تكون تكلفته معروفة ومحددة..
كالعادة استقبل الكثيرون كلام السيسى بارتياح شديد لكنى لا أخفيكم سرًا.. حل محل الارتياح لدىّ استياء شديد ليس من الطريقة التى تحدث بها رئيس الدولة ـ رغم أنه سار على طبيعته ونهجه كلام بسيط فطرى لا فرصة لتأويله أو البناء عليه ـ بل لن أكون مبالغًا إذا قلت لكم إننى لم أصدقه هذه المرة! رغم أننى صدقته مرات كثيرة قبل ذلك.. وللأمانة كان يفى بما يعد.. كنت أعرف أنه لن ينحاز إلا للشعب المصرى فى ثورته، وكنت أعرف أنه سيتصدى للإرهاب مهما كانت قسوته وبشاعته، وكنت أعرف تمامًا أنه سيستجيب لنداءات الملايين، الذين طالبوه بأن يرشح نفسه للرئاسة.. لكننى هذه المرة أجدنى رافضًا للمنطق الذى يتحدث به.
****
فى نفس اليوم الذى احتفت الصحف بما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى فى افتتاح المرحلة الثالثة من تطوير المجمع الطبى للقوات المسلحة، وجعلت من كل همسة له عنوانًا عريضًا على الصفحة الأولى، كانت جريدة الأخبار – تقريبًا الناطقة الرسمية باسم الرئاسة – تنشر تقريرًا مهمًا للغاية.
على صفحتها 22 نشرت الأخبار ما نصه: فى تصريحات خاصة للأخبار أكد المستشار هشام بركات النائب العام أن نيابة الأموال العامة العليا المتخصصة تحت إشراف المستشار أحمد البحراوى المحامى العام الأول للنيابة، تمكنت من استرداد مبلغ 4.5 مليار جنيه و73 مليونًا و949 ألفًا و299 دولارًا، واسترداد 900 فدان من أملاك الدولة بمركز الحسينية محافظة الشرقية وعدد 13 عمارة سكنية و16 وحدة سكنية بمدينة القاهرة الجديدة، نتيجة حصيلة تصالحات مستثمرين وكبار الشركات لرجال الأعمال فى 57 قضية جرائم العدوان على المال العام، وما زالت النيابة العامة تواصل استرداد ما تحصل عليه المستثمرون ورجال العمال من أراضى الدولة بالمخالفة للقانون واسترداد العقارات غير المقومة بالمال.
التقرير طويل، لكن هذه هى الفقرة الأهم فيه، وأعتقد أن الزميل ياسر رزق رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم ورئيس تحرير جريدة الأخبار، يمكنه أن يحمل نسخة إلى الرئيس السيسى ليضعها بين يديه، ويطلعه على بقية التفاصيل.
****
لماذا أقول هذا؟
لقد توقفت كثيرًا أمام كلمة الرئيس "بلدنا لم يعد لديه مال يسرق".. أسرف بعدها السيسى فى ضرورة أن يساهم المسئولون فى بناء بلدهم، فهو لا يناقشهم فى أمور النزاهة لأن حال البلد تجاوز هذا بكثير ولم يعد هناك ما يتم الاستيلاء عليه أو تبديده، وكان الأولى به وهو الذى يقف على رأس الجهاز التنفيذى فى الدولة، وفى يديه سلطات التشريع لعدم انعقاد مجلس النواب، أن يقول إن البلد لم يعد فيه مال يسرق، وأنه سيعمل جاهدًا على أن يعيد هذه الأموال المسروقة.
ليس صحيحًا أنه لم يعد فى البلد مال، لكن الحقيقة التى يجب أن يدركها البلد ويضعها أمام عينيه لا يغادرها أبدًا أن القانون معطل، وأن السياسة فاعلة يلعب شياطينها ضده لتعطيله وإفشاله.
لقد استعادت النيابة بـ"القانون" 4.5 مليار جنيه من رجال الأعمال والمستثمرين، بعد أن حاصرت جرائمهم فى التعدى على هذا المال، وهو مبلغ غير العوائد العينية نتيجة الفصل فى 75 قضية فقط، فكم لدينا من قضايا، وكم رجل أعمال ومستثمر متورط فى جرائم العدوان على المال العام، وكم مليار لا يزال فى كروش رجال الأعمال لم يقترب منه أحد، وكم قطعة أرض تم منحها لرجال أعمال بتسهيلات لم يكن ليحلموا بها لولا الفساد المستشرى.. وكم وكم وكم، فالعدوان كان عامًا وشاملاً.
كنت أقول إن السيسى يحتاج إلى الحسم فى معاملته لرجال الأعمال.
لقد أخطأ من اللحظة الأولى التى تعامل معهم بهدوء ورفق ولين وبترغيب كان فى معظم الأحيان مبالغًا فيه، لقد اختبروا قوته فوجدوا أنه لن يقترب منهم بحسم، فجهزوا أنفسهم ليقفوا أمامه حتى لا تسول نفسه الاقتراب منهم.. جلس إليهم أكثر من مرة، تعامل معهم باحترام شديد، قدم من نفسه المثل والقدوة، ذهب إلى البنك بنفسه، ليدفع تبرعه لصندوق تحيا مصر، معتقدًا أنه بذلك يحرج هؤلاء الذين كونوا ثرواتهم من خير البلد، لكن لم يتحرك أحد، ولم يبادر أحد.
يعلم الرئيس أن رجال الأعمال تصرفوا على العكس تمامًا مما حلم وخطط وأراد.
ولن أكون من خلف حجاب هذه المرة، فالأسماء معروفة.. فرجل الأعمال صلاح دياب كان يتصل بنفسه برجال الأعمال وكبار المستثمرين ليطلب منهم وبشكل واضح وصريح ألا يتبرعوا لصندوق تحيا مصر، ألا يدفعوا من ثرواتهم شيئًا، لأنهم لو فعلوا ذلك فسيفتحون على أنفسهم بوابة جهنم، بل إنه كان عنيفًا فى بعض مكالماته التى أجراها مع من قرروا أن يتبرعوا من رجال الأعمال.. وليس خافيًا على أحد أن صلاح دياب يدير شبكة من العلاقات والمصالح التى يهمها ألا ينكسر رجال الأعمال أمام السلطة، لأنهم لو انكسروا فلن يستطيعوا أن يحموا مصالحهم.
يعرف السيسى جيدًا أكثر مما يعرف غيره أن رجال الأعمال المصريين لا يدينون بالولاء إلا لمصالحهم وثرواتهم، فأحمد أبوهشيمة الذى قدم كل فروض الولاء والطاعة بعد أن كان مغضوبًا عليه ومطرودًا بعيدًا عد دائرة الرئيس ورجاله، لم يكن ليتبرع بما يقارب مئة مليون لصندوق تحيا مصر - ويدفع ما يعادلها فى رحلة نيويورك التى قال بعد أن عاد منها إنه ذهب ليساند الرئيس – إلا إذا كان يعرف أنه سيحصل على أضعافها، وبالفعل حصل أبوهشيمة على حق توريد حديد لمشروع قناة السويس الجديدة بمليار ونصف المليار جنيه، أى إنه لم يدفع إلا بعد أن تأكد تمامًا أنه سيحصل على الثمن أضعافًا مضاعفة.
****
فى الأيام الأولى للسيسى فى قصر الاتحادية تخيلت أنه يمكن أن يعيد تجربة محمد على، يقوم بما يشبه "مذبحة القلعة" لكل الفاسدين والمخربين والمتاجرين بالوطن والوطنية، الذين كونوا ثرواتهم من حرام وبرعاية مباشرة من نظام مبارك، كنت أتوقع أن تفتح النيابات أبوابها، ولا تكف المحاكم عن العمل، حتى يعود كل مليم سرقه أحدهم أو استولى عليه بالباطل إلى خزانة الدولة.. لكن مرت الأيام دون أن يحدث شىء على الإطلاق.. وكأن ما كنت أحلم به ليس إلا وهمًا تبددت خيوطه فى الهواء.
الآن لست فى حاجة إلى الحلم..
فقط أضع بين يدى الرئيس الذى يشكو من أن البلد لم يعد فيه ما يسرق ما يريده الناس فى كل مكان، ما خرجوا من أجله فى 25 يناير – بعيدًا عن المضللين والمزورين والعملاء والخونة – وما عملوا من أجله فى 30 يونيو الثورة التى كان السيسى فى قلبها وليس بعيدًا عنها على الإطلاق.
أحدثك يا ساكن الاتحادية عن القانون.. دولة القانون التى جئت من أجلها، لو أعملتها وأتحت لها الفرصة الحقيقية لما احتجت لأن تقول ما قلت.. وأن تقف أمام شعبك تشكو أن البلد تمت سرقته ولم يعد فيها شىء.. أنت تعرف من سرقوها، من نهبوا خيرها، ليس عليك إلا أن تذهب بهؤلاء إلى جهات التحقيق، وهى جهات حاسمة ووطنية ولا تخشى فى الله لومة لائم.
لا حل إلا هذا.. اطلب من الناس أن يتقشفوا، سيفعلون ذلك شهرًا أو شهرين ثم يعودون إلى سيرتهم الأولى.
اطلب منهم أن يبدأوا عملهم من السابعة صباحًا، لقد اجتهدوا فى تنفيذ ما أردت أسبوعًا أو شهرًا على الأكثر، ثم لم نعد نسمع شيئًا عن حكومة 7 الصبح، ولا عن وضع المسئولين تحت رقابة مشددة حتى ينجزوا أعمالهم.. لا تطلب من المصريين شيئًا، اجعل من القانون سيفًا على رقاب الجميع ينصلح كل شىء.
ويا سيادة الرئيس لا نريد منك النصيحة.. فقط نريد العدل.
الفلوس موجودة.. المهم القانون
اتصالات صلاح دياب مع رجال الأعمال للتحريض على عدم التبرع لصندوق تحيا مصر
أبوهشيمة يتبرع بـ100 مليون جنيه ويحصل على حق توريد حديد لمشروع قناة السويس بمليار ونصف المليار جنيه
السيسى ـ فى افتتاح المرحلة الثالثة من تطوير المجمع الطبى للقوات المسلحة وفى لحظة ربما تكون أقرب إلى اليأس: لازم أناقش كل مسئول فى كل جنيه بيروح فين وبيتصرف فى إيه.. لأن الفلوس مش موجودة وإحنا غلابة وظروفنا صعبة.. والمسئول اللى مش هيقدر ينفذ هذا الأمر لن يقدم لوطنه المطلوب وأنا أتدخل فى أدق التفاصيل المالية بكل مؤسسات الدولة ..
موجة الصراحة والمكاشفة والإحباط أيضًا كان لا بد أن تصل إلى ذروتها..
السيسى من جديد: كل مسئول لازم يكون له بدل العين مئة حتى يتابع ويركز فى أدق التفاصيل.. إحنا متأخرين جدًا وما ينفعش نمشى "تاتا تاتا" أو نجهز الناس بالراحة.. ويجب أن يكون ذلك الفكر مستقرًا لدينا.. بلدنا لم يعد لديه مال يسرق ومش هنسمح لحد يمد إيده.. البلد عاوزة كل واحد فينا يعطيها من دمه ولازم كل مشروع تكون تكلفته معروفة ومحددة..
كالعادة استقبل الكثيرون كلام السيسى بارتياح شديد لكنى لا أخفيكم سرًا.. حل محل الارتياح لدىّ استياء شديد ليس من الطريقة التى تحدث بها رئيس الدولة ـ رغم أنه سار على طبيعته ونهجه كلام بسيط فطرى لا فرصة لتأويله أو البناء عليه ـ بل لن أكون مبالغًا إذا قلت لكم إننى لم أصدقه هذه المرة! رغم أننى صدقته مرات كثيرة قبل ذلك.. وللأمانة كان يفى بما يعد.. كنت أعرف أنه لن ينحاز إلا للشعب المصرى فى ثورته، وكنت أعرف أنه سيتصدى للإرهاب مهما كانت قسوته وبشاعته، وكنت أعرف تمامًا أنه سيستجيب لنداءات الملايين، الذين طالبوه بأن يرشح نفسه للرئاسة.. لكننى هذه المرة أجدنى رافضًا للمنطق الذى يتحدث به.
****
فى نفس اليوم الذى احتفت الصحف بما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى فى افتتاح المرحلة الثالثة من تطوير المجمع الطبى للقوات المسلحة، وجعلت من كل همسة له عنوانًا عريضًا على الصفحة الأولى، كانت جريدة الأخبار – تقريبًا الناطقة الرسمية باسم الرئاسة – تنشر تقريرًا مهمًا للغاية.
على صفحتها 22 نشرت الأخبار ما نصه: فى تصريحات خاصة للأخبار أكد المستشار هشام بركات النائب العام أن نيابة الأموال العامة العليا المتخصصة تحت إشراف المستشار أحمد البحراوى المحامى العام الأول للنيابة، تمكنت من استرداد مبلغ 4.5 مليار جنيه و73 مليونًا و949 ألفًا و299 دولارًا، واسترداد 900 فدان من أملاك الدولة بمركز الحسينية محافظة الشرقية وعدد 13 عمارة سكنية و16 وحدة سكنية بمدينة القاهرة الجديدة، نتيجة حصيلة تصالحات مستثمرين وكبار الشركات لرجال الأعمال فى 57 قضية جرائم العدوان على المال العام، وما زالت النيابة العامة تواصل استرداد ما تحصل عليه المستثمرون ورجال العمال من أراضى الدولة بالمخالفة للقانون واسترداد العقارات غير المقومة بالمال.
التقرير طويل، لكن هذه هى الفقرة الأهم فيه، وأعتقد أن الزميل ياسر رزق رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم ورئيس تحرير جريدة الأخبار، يمكنه أن يحمل نسخة إلى الرئيس السيسى ليضعها بين يديه، ويطلعه على بقية التفاصيل.
****
لماذا أقول هذا؟
لقد توقفت كثيرًا أمام كلمة الرئيس "بلدنا لم يعد لديه مال يسرق".. أسرف بعدها السيسى فى ضرورة أن يساهم المسئولون فى بناء بلدهم، فهو لا يناقشهم فى أمور النزاهة لأن حال البلد تجاوز هذا بكثير ولم يعد هناك ما يتم الاستيلاء عليه أو تبديده، وكان الأولى به وهو الذى يقف على رأس الجهاز التنفيذى فى الدولة، وفى يديه سلطات التشريع لعدم انعقاد مجلس النواب، أن يقول إن البلد لم يعد فيه مال يسرق، وأنه سيعمل جاهدًا على أن يعيد هذه الأموال المسروقة.
ليس صحيحًا أنه لم يعد فى البلد مال، لكن الحقيقة التى يجب أن يدركها البلد ويضعها أمام عينيه لا يغادرها أبدًا أن القانون معطل، وأن السياسة فاعلة يلعب شياطينها ضده لتعطيله وإفشاله.
لقد استعادت النيابة بـ"القانون" 4.5 مليار جنيه من رجال الأعمال والمستثمرين، بعد أن حاصرت جرائمهم فى التعدى على هذا المال، وهو مبلغ غير العوائد العينية نتيجة الفصل فى 75 قضية فقط، فكم لدينا من قضايا، وكم رجل أعمال ومستثمر متورط فى جرائم العدوان على المال العام، وكم مليار لا يزال فى كروش رجال الأعمال لم يقترب منه أحد، وكم قطعة أرض تم منحها لرجال أعمال بتسهيلات لم يكن ليحلموا بها لولا الفساد المستشرى.. وكم وكم وكم، فالعدوان كان عامًا وشاملاً.
كنت أقول إن السيسى يحتاج إلى الحسم فى معاملته لرجال الأعمال.
لقد أخطأ من اللحظة الأولى التى تعامل معهم بهدوء ورفق ولين وبترغيب كان فى معظم الأحيان مبالغًا فيه، لقد اختبروا قوته فوجدوا أنه لن يقترب منهم بحسم، فجهزوا أنفسهم ليقفوا أمامه حتى لا تسول نفسه الاقتراب منهم.. جلس إليهم أكثر من مرة، تعامل معهم باحترام شديد، قدم من نفسه المثل والقدوة، ذهب إلى البنك بنفسه، ليدفع تبرعه لصندوق تحيا مصر، معتقدًا أنه بذلك يحرج هؤلاء الذين كونوا ثرواتهم من خير البلد، لكن لم يتحرك أحد، ولم يبادر أحد.
يعلم الرئيس أن رجال الأعمال تصرفوا على العكس تمامًا مما حلم وخطط وأراد.
ولن أكون من خلف حجاب هذه المرة، فالأسماء معروفة.. فرجل الأعمال صلاح دياب كان يتصل بنفسه برجال الأعمال وكبار المستثمرين ليطلب منهم وبشكل واضح وصريح ألا يتبرعوا لصندوق تحيا مصر، ألا يدفعوا من ثرواتهم شيئًا، لأنهم لو فعلوا ذلك فسيفتحون على أنفسهم بوابة جهنم، بل إنه كان عنيفًا فى بعض مكالماته التى أجراها مع من قرروا أن يتبرعوا من رجال الأعمال.. وليس خافيًا على أحد أن صلاح دياب يدير شبكة من العلاقات والمصالح التى يهمها ألا ينكسر رجال الأعمال أمام السلطة، لأنهم لو انكسروا فلن يستطيعوا أن يحموا مصالحهم.
يعرف السيسى جيدًا أكثر مما يعرف غيره أن رجال الأعمال المصريين لا يدينون بالولاء إلا لمصالحهم وثرواتهم، فأحمد أبوهشيمة الذى قدم كل فروض الولاء والطاعة بعد أن كان مغضوبًا عليه ومطرودًا بعيدًا عد دائرة الرئيس ورجاله، لم يكن ليتبرع بما يقارب مئة مليون لصندوق تحيا مصر - ويدفع ما يعادلها فى رحلة نيويورك التى قال بعد أن عاد منها إنه ذهب ليساند الرئيس – إلا إذا كان يعرف أنه سيحصل على أضعافها، وبالفعل حصل أبوهشيمة على حق توريد حديد لمشروع قناة السويس الجديدة بمليار ونصف المليار جنيه، أى إنه لم يدفع إلا بعد أن تأكد تمامًا أنه سيحصل على الثمن أضعافًا مضاعفة.
****
فى الأيام الأولى للسيسى فى قصر الاتحادية تخيلت أنه يمكن أن يعيد تجربة محمد على، يقوم بما يشبه "مذبحة القلعة" لكل الفاسدين والمخربين والمتاجرين بالوطن والوطنية، الذين كونوا ثرواتهم من حرام وبرعاية مباشرة من نظام مبارك، كنت أتوقع أن تفتح النيابات أبوابها، ولا تكف المحاكم عن العمل، حتى يعود كل مليم سرقه أحدهم أو استولى عليه بالباطل إلى خزانة الدولة.. لكن مرت الأيام دون أن يحدث شىء على الإطلاق.. وكأن ما كنت أحلم به ليس إلا وهمًا تبددت خيوطه فى الهواء.
الآن لست فى حاجة إلى الحلم..
فقط أضع بين يدى الرئيس الذى يشكو من أن البلد لم يعد فيه ما يسرق ما يريده الناس فى كل مكان، ما خرجوا من أجله فى 25 يناير – بعيدًا عن المضللين والمزورين والعملاء والخونة – وما عملوا من أجله فى 30 يونيو الثورة التى كان السيسى فى قلبها وليس بعيدًا عنها على الإطلاق.
أحدثك يا ساكن الاتحادية عن القانون.. دولة القانون التى جئت من أجلها، لو أعملتها وأتحت لها الفرصة الحقيقية لما احتجت لأن تقول ما قلت.. وأن تقف أمام شعبك تشكو أن البلد تمت سرقته ولم يعد فيها شىء.. أنت تعرف من سرقوها، من نهبوا خيرها، ليس عليك إلا أن تذهب بهؤلاء إلى جهات التحقيق، وهى جهات حاسمة ووطنية ولا تخشى فى الله لومة لائم.
لا حل إلا هذا.. اطلب من الناس أن يتقشفوا، سيفعلون ذلك شهرًا أو شهرين ثم يعودون إلى سيرتهم الأولى.
اطلب منهم أن يبدأوا عملهم من السابعة صباحًا، لقد اجتهدوا فى تنفيذ ما أردت أسبوعًا أو شهرًا على الأكثر، ثم لم نعد نسمع شيئًا عن حكومة 7 الصبح، ولا عن وضع المسئولين تحت رقابة مشددة حتى ينجزوا أعمالهم.. لا تطلب من المصريين شيئًا، اجعل من القانون سيفًا على رقاب الجميع ينصلح كل شىء.
ويا سيادة الرئيس لا نريد منك النصيحة.. فقط نريد العدل.