تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
الكاتب- جهاد الخازن.. نقلًا عن الحياة اللندنية
1-مع شريط الذكريات المصرية
سجّلت حلقة للتليفزيون الشهر الماضي لتُذاع خلال شهر الصوم الكريم، وموضوعها عشرة من أهم الأحداث التي مرت عليّ في حياتي الصحفية، وطلبت مني منتجة البرنامج صورًا عن مقابلاتي الصحفية، للبث في أثناء شرحي الأحداث العظام، ووجدت أن أكبر مجموعة من الصور مع القادة العرب، هي لي مع الرئيس حسني مبارك.
عندي صور مع الرؤساء العرب كافة، من الملك الحسن الثاني في المغرب، إلى الشيخ زايد في الخليج، غير أن كل شيء يذكّرني بمصر، فهي في خاطري وفي دمي.
كان يفترض أن تكون الصور سياسية وأعطيت المنتجة مجموعة تضم صورًا لي مع الملك عبد الله بن عبد العزيز والشيخ صباح الأحمد والسلطان قابوس والملك حسين والملك عبد الله الثاني والشيخ عيسى بن سلمان رحمه الله والملك حمد بن عيسى وولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز. “,”عندي ديسك صور مع الدكتور بشار الأسد“,”.
المنتجة فوجئت بأنني وضعت بين الصور صورة لي مع الفنانة نجوى فؤاد عندما كانت ترقص في ملهى على سطح فندق الشيراتون، أحيانًا مع وضع شمعدان على رأسها.
سألتني المنتجة عن أهمية الصورة، وقلت إنها ليست مهمة أبدًا وإنما استرجعت وأنا أراها ذكريات أيام الصفاء والسعادة في مصر مع الأصدقاء، فقد ضمّت الصورة أخًا عزيزًا هو فوميل لبيب، رحمه الله، وكان مسئولًا عن مجلة “,”الكواكب“,”، والزميل العزيز عزت شكري المدير المسئول في حينه عن وكالة رويترز في لبنان.
الفن كان يخفي الجانب الجاد جدًّا في شخصية فوميل، وحدث يومًا أن سافرنا معًا إلى إثيوبيا بدعوة من الإمبراطور هيلاسيلاسي، واختفى فوميل، فلم يحضر استقبال الإمبراطور في قصره للضيوف، ولم يزر معنا حديقة حيوان تضم أسودًا فقط، ولم يرَ الأسود تتجوّل في حديقة القصر الإمبراطوري. فوميل قضى الزيارة بين القسس والمطارنة محاولًا تسوية خلاف بين الكنيسة القبطية في إثيوبيا والكرازة المرقسية في الإسكندرية.
عندما أستعيد ذكريات مصر التي عرفتها مراهقًا وشابًّا وشيبة (ينكر أنه تجاوز الثلاثين) تختلط الذكريات الشخصية بالرسمية.
محمد التابعي وعبد القادر المازني سبقا أيامي، ولكن عرفت من الزملاء الكبار مصطفى أمين، رحمه الله، ومحمد حسنين هيكل، وإبراهيم نافع وإبراهيم سعدة. صلاح الدين حافظ الذي كان صديقًا شخصيًّا حتى رحيله عنا. وصلاح كان مدير مكتب “,”الشرق الأوسط“,” في القاهرة، واستقال محافظًا على أواصر الزمالة والصداقة بعد اندلاع الخلافات بين الرئيس أنور السادات والقادة العرب إثر معاهدة كامب ديفيد. أيضًا تعاونت مع نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس.
إبراهيم سعدة خلف صلاح حافظ في رئاسة المكتب، ولم تمضِ أيام حتى فوجئت بأخبار مؤتمر صحفي للرئيس السادات، وإبراهيم سعدة يقف إلى جانبه، والرئيس يقول إن الأمير فهد بن عبد العزيز ولي العهد في حينه، أسس “,”الشرق الأوسط“,” للهجوم على مصر، وإن إبراهيم المواطن المصري الصالح يُدفع له مرتب هائل للتجسس على الحكم في مصر. كان المرتب ألفي دولار، وهو مرتب رؤساء المكاتب في عواصم كثيرة.
“,”الشرق الأوسط“,” استفادت كثيرًا من حملة الرئيس السادات عليها، فقد كانت نوعًا من الدعاية الذي لا يمكن شراؤه بالفلوس، وأصبح العالم العربي كله يعرفها.
وكان يوم وصلت فيه إلى القاهرة ووجدت أن غرفتي المحجوزة في فندق “,”هيلتون النيل“,” أعطيت لضيف آخر، وهدّدت بالاتصال بوزير الإعلام أخينا كمال أبو المجد، ولم يصدّقني موظف الاستقبال، لأن الساعة كانت تجاوزت منتصف الليل، إلا أنه عندما رآني أُخرِج رقم الوزير وأطلب الاتصال به اعتذر، وأعطيتُ غرفة في سفينة على النيل مقابل الفندق، لعلها أوزيس أو أوزيريس، وعدت إلى غرفة في الفندق في اليوم التالي.