السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ما لا عين رأت .. طلّع الإخوانى اللى جواك

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من حقك أن تأخذ موقفًا معاديًا لكل ما تمثله دولة ما بعد 30 يونيو.
من حقك أن تعترض على سياسات هذه الدولة وقوانينها ومشروعاتها وأحلامها فى بناء دولة حديثة.
من حقك أن تشتبك مع ما يقوله رئيس هذه الدولة.. ولا مانع لدىَّ من أن تسخر من تصريحاته إذا أردت.
فلم يمت المصريون فى الميادين والشوارع على امتداد أربع سنوات أعقبت ثورة يناير إلا من أجل أن يعيش الأحياء أحرارا، يتساوى عندى فى ذلك من ماتوا على كوبرى قصر النيل يوم 28 يناير 2011، ومن ماتوا على أرض رابعة العدوية، فالدماء التى أريقت كانت ثمنًا من أجل الحرية، التى لا يجب أن نضيعها أبدًا.
لكن وأنت تمارس حقوقك لا يجب أن تنزلق قدمك، فيجرها أحدهم ليحقق بها مصالحه الخاصة.
لماذا لا نكون صرحاء؟
الصراحة واجبة فى هذا المقام وفى غيره.
اختار عدد من الكُتَّاب والمثقفين والصحفيين أن يقفوا على الضفة الأخرى من نظام ما بعد 30 يونيو، وهم أحرار فى ذلك بالطبع، لا يمكن أن ألومهم أو أدينهم أو أتهمهم بأنهم إخوان مسلمون، لمجرد أنهم ليسوا راضين عن 30 يونيو وما أعقبها من إجراءات، فلكل منهم وجهة نظره ورأيه واختياره أيضًا.
لا أستثنى من هؤلاء أحدًا.
الذى آثر السلامة واستقال من منصبه فى نفس يوم فض اعتصام رابعة واضعًا الجميع فى مأزق، بحث عن نفسه وصورته ومكاسبه من وضعه الدولى، واضعًا حول ذلك قناعًا من الأخلاق والمبادئ.
ولا أستبعد الذى تم اعتقاله فى زاوية ضيقة على صفحات جريدة يومية كانت منبرًا للإخوان المسلمين ولا يزال ذيول الجماعة يسيطرون عليها، لا أحد يقرأ له، ولا أحد يشعر بوجوده من الأساس.. لا يكل ولا يمل من نسج النظريات التى لا صحة ولا منطق لها إلا فى عقله وحده.
ولا أهتم كثيرا بالذى يوزع معلقاته الآن فى كل مكان صارخًا وزاعقًا وكأنه يجر شَكَل الجميع، دون أن يلتفت أحد لما يقوله أو يكتبه، إنه لا يكتب بل يخلع ملابسه ويقف على صفحات مواقعه الجديدة "ملط"، عل أحدهم يعيره اهتمامًا، لكن وكأن ما يقوله مجرد دخان سرعان ما تتبدد خيوطه فى الهواء.
ولا ألوم على الذى بلغ من العمر أرذله، ولا يزال يدلس ويضلل، وينسج الأكاذيب، معتقدًا أنه بذلك يمكن أن ينتصر لقضية، لا يعمل من أجلها بإخلاص وقناعة، بل يأخذ منها سبيلا ليظل محافظًا على مكاسبه وهى كثيرة.
ولا تهمنى سخافات كاتب بنى شهرته على أوهام، قرر أن يتوقف عن الكتابة بعد أن هجره قراؤه، وحتى يستر نفسه، أعلن أنه يضيق بالمناخ، ولا يطيق كبت الحرية ولذلك سيتوقف.. معتقدًا، ربما أن قراءه سيخرجون بمظاهرة حاشدة ليطالبوه بعدم التوقف، لكنه مضى إلى مساحة الصمت دون أن يسأل عنه أو يفتقده أحد.
ولم أتوقف طويلًا عندما قال كذبًا وزورًا وبهتانًا إنه دفع الثمن عندما كان لقولة الحق ثمن، فما أعرفه عنه جيدا أنه قبض ثمن قوله الحق والباطل معا، لكن ماذا نفعل والفاشلون لا يريدون أن يتركوا المسرح بادعاءات البطولة؟!.
غير هؤلاء كثيرون.. لا أستطيع أن أتهم أحدًا منهم بأنه "إخوان مسلمين"، أو أنه طابور خامس كما يحلو للبعض استسهالا وبحثا عن معارك وهمية لا قيمة لها، فنحن أمام مشروعات فردية، يبحث أصحابها عن مصالحهم الشخصية بصرف النظر عن المصلحة العامة.
وليكن هذا مثالًا واحدًا على ذلك:
أحدهم كان معارضًا شرسًا لنظام مبارك، كتب فى سنوات كان الرئيس السابق يحتاج فيها لمن يهاجم نظامه بل يهاجمه هو شخصيًا، حتى يقدم نفسه للغرب والأمريكان بصورة الرئيس الديمقراطى، الذى لا يغلق صحيفة ولا يقصف قلما، وعندما نزل الجيش الشوارع فى 28 يناير، لم تكن قياداته تعرف أحدا من الثوار الحقيقيين، فاستسهلوا الأمر وبدأوا يتحدثون مع من لهم وجوه معروفة، وكان هو من بينهم.
جلس إليهم وأصبح صديقهم، يتحدث عن مكالماته الهاتفية معهم، ونصائحه لهم، وفجأة انقلب عليهم وبدأ يهيل التراب على وجوههم، عرفوا حجمه الحقيقى فأبعدوه، فقرر أن ينتقم منهم، وعندما اقترب الإخوان من الحكم بايعهم وأيد رئيسهم، ولما شعر بأن الإخوان إلى زوال شارك فى زفة تجريسهم، أعلن تأييده لـ30 يونيو، ولما وجد أنه لن يكون صاحب دور ولا حظوة ولا قرب ارتدى مسوح المناضلين.
هذا مناضل يولى وجهه شطر المصلحة، لا يخطئها أبدا.
ستقول لو كان يبحث عن المصلحة لما خاصم النظام، لما وقف فى وجهه.. فما أسهل أن يرمى نفسه تحت قدميه ليحصل على غنائمه.. وجهة نظرك منطقية جدًا، لكن ومن قال لك إن المعارضة فى مصر لا يربح أصحابها من ورائها الكثير، لقد خرج معارضون من عصر مبارك وهم أصحاب ملايين، بل تجاوزت ثرواتهم ثروات من كانوا يعملون فى حضن النظام، ثم أن السلطة لا تدفع كثيرًا الآن، الإخوان وحلفاؤهم يدفعون أكثر.. فلماذا لا يحصل أحدهم على المجد من كونه معارضًا شرسًا، وفى نفس الوقت يحصل على المال الذى يريده.
حسبة مضمونة وسهلة وتم تجريبها أكثر من مرة، ولذلك لا تنشغلوا بها ولا بأصحابها كثيرًا.
ما يشغلنى حقًا هو ملايين المصريين الذين يمكن تضليلهم وخداعهم.
نظام السيسى له أخطاء؟ ما فى ذلك شك، إنه نظام ليس محترفًا بما يكفى.. ولأن هناك هواة كثيرين يلعبون فى المساحة المحيطة بالرئيس فهناك أخطاء كثيرة.
لكن هل هذه الأخطاء يمكن أن تكون مبررًا لأن نتعامل مع النظام بعنف، أن نجرسه مع وعلى كل خطأ؟
ستقول إننا فعلنا ذلك مع محمد مرسى، من اليوم الأول والإعلام نصب له سيركًا، لم يصبر عليه يومًا واحدًا، سأقول لك، هذا صحيح تماما، ولا يمكن أن ينكره أو يتنكر له أحد، لقد فعلنا ذلك لأننا لم نكن فى أى وقت نريد محمد مرسى ولا جماعته، أما هذا النظام فهو اختيار الشعب، قراره الذى خرج من أجل تحقيقه فى 30 يونيو وفى 26 يوليو عندما منح السيسى تفويضًا بمواجهة الإرهاب.
ولأن القرار قرار الشعب، فهو يتحمل مشكلات كثيرة، يغض الطرف عن أزمات بلا عدد، لأنه فقط يريد أن ينجح هذا النظام، لأنه لا بديل عن ذلك.. هذا الشعب الطيب المسالم، يتعامل مع كل من يقف ضده وضد مصالحه على أنه إخوان.
وإذا أردتم الحقيقة فهذا الشعب ناضج جدًا، يفوق فى فهمه وإدراكه واستيعابه النخبة التى تصدعنا بكلام فارغ ليل نهار، الإخوان لديها تجاوزت كونها جماعة خرج منها رئيس فشل فى الحكم فقرر الشعب طرده، لم تعد تنظيما له ما له وعليه ما عليه، توارت حكاية مكتب الإرشاد وقياداته وانتخاباته، وأصبح راسخًا لدى الشعب أن الإخوان أصبحوا فكرة.. فكرة معناها مناقض تمامًا، ومناهض لمصر ولمصالحها، وهذه هى الخسارة الكبيرة التى منيت بها الجماعة، فأن نتهمك بأنك إخوانى فليس معنى ذلك أننا نقصد انتماءك للجماعة، أو نشير إلى حلمك ورغبتك ودعائك بأن يعود مرسى إلى الحكم مرة أخرى، ولكن نقصد أنك تريد الخراب لهذا الوطن، تريد فناءه.
هل رأيتم ذكاء فطريًا يضاهى الذكاء المصرى فى التعامل مع خصومه.
لقد وصم المصريون أعداءهم بالأخونة.. جاعلين من مجرد الانتماء لها جريمة وخيانة للوطن، ولذلك فحتى من يعتقدون أنهم يملكون رأيًا مستقلًا، لا يؤيدون الإخوان، لكنهم غير راضين عما يفعله نظام ما بعد 30 يونيو، لن ينصت لهم المصريون كثيرًا، فإما أن تكون معى تبنى مصر، وإما أن تكون مع الإخوان (الفكرة وليس التنظيم.. التهمة وليس الجماعة).. ولا مكان ثالث بينهما.. ولذلك ليس أسلم من أن تخرج الإخوانى الذى بداخلك وتنتظم فى صفوف الوطن.
الوطن الذى يطالبك بأن تكتب وتتحدث وتنتقد الرئيس وتقف أمام معاونيه إذا أخطأوا، هو نفسه الوطن الذى لن يسامحك إذا كنت تفعل ذلك بعد أن تكون حصلت على الثمن مقدمًا.