الأربعاء 19 مارس 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

المرأة.. الكائن المستبعد!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

جاء قانون انتخابات مجلس النواب الجديد مجحفًا للمرأة، ويؤكد على أن هناك اتفاقًا سريًّا؛ للعصف بها، بين الأحزاب ذات المرجعية الدينية. فقد نصت الفقرة الخامسة من المادة 3 على: “,”... في جميع الأحوال يجب أن تتضمن كل قائمة مرشحة واحدة على الأقل من النساء، على أن يكون ترتيبها في النصف الأول من القائمة“,”.
وبقراءة نتائج الانتخابات البرلمانية السابقة، يتأكد للجميع بأن تمثيل المرأة في البرلمان المقبل، والذي سيقوم بسن حوالي 80 قانونًا مكملاً للدستور، بما فيها قوانين متعلقة بالمرأة والطفولة، سيكون ضعيفًا للغاية. وإن شئنا الدقة، نقول إن تمثيل المرأة في البرلمان القادم سيكون منعدمًا.
فلا شك في أن مجريات العملية الانتخابية السابقة، ونتائجها، لم تسر في صالح المرأة، على مستوى الترشح والانتخاب؛ حيث جاء متوسط نسبة تمثيل المرأة المصرية خلال نصف القرن الماضي في مجلس الشعب -حتى عام 2005- بما لم يتعد 2.9%، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه النسبة تشتمل على المعينات والمنتخبات في الوقت نفسه، بعد أن ارتبط أعلى معدل لتمثيلها بمجلسي 1979 و1984، حيث بلغت نسبة تمثيل المرأة فيهما 8.9%، 7.8% على التوالي، وارتبط ذلك بصدور قانون يخصص 30 مقعدًا للمرأة، بحد أدنى مقعد لكل محافظة، خلاف منافستها للرجل على بقية المقاعد.
وباستثناء هذين المجلسين، فإن نسب تمثيل المرأة في البرلمان كانت محدودة للغاية، حيث تراوحت بين 0.57% في حدها الأدنى و3.9% في حدها الأقصى. وفي عام 2010، وبفضل قانون الكوتة، ارتفع متوسط نسبة تمثيل المرأة إلى 12.6% من إجمالي عدد مقاعد المرأة؛ لتسجل المرأة بذلك رقمًا جديدًا في تاريخ تمثيلها في البرلمان. وقد أثرت ثورة 25 يناير سلبًا في مكتسبات المرأة؛ حيث حصلت على 11 مقعدًا فقط بالبرلمان “,”تسع منتخبات واثنتان بالتعيين“,”.
ومن خلال الإحصائيات السابقة، يمكن القول إن حجم تمثيل المرأة في البرلمان لا يتناسب مع حجم تمثيلها في المجتمع، من ناحية، كما لا يتناسب مع حجم مشاركتها في عملية التنمية الشاملة في أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والنقابية، من ناحية أخرى. كما يؤدي هذا الوضع إلى توسيع الفجوة النوعية بين الذكور والإناث في المجال السياسي على مستوى صنع السياسة العامة، وإصدار التشريعات والقوانين التي تنظم حركة المجتمع، ومراقبة الأداء الحكومي في مختلف المجالات.
ويمكن حصر معوقات تمثيل المرأة برلمانيًّا في.. أولاً: النظام الانتخابي المتبع؛ حيث أثبتت تجربة الانتخابات المصرية - خلال الستين عامًا الماضية - أن نظام الانتخابات المتبع في مصر يؤثر بشكل واضح على مستوى المشاركة السياسية للمرأة؛ فحينما تم تعديل قانون الانتخابات رقم 38 لسنة 1972 بالقانون رقم 21 لسنة 1979، والذي سمح بتخصيص ثلاثين مقعدًا للنساء بحد أدنى، وبواقع مقعد على الأقل لكل محافظة، لم يسمح ذلك القانون للرجال بالتنافس على هذه المقاعد، في الوقت الذي سمح فيه للنساء بالتنافس مع الرجال على بقية المقاعد الأخرى. ثانيًا: الثقافة السائدة والنظرة السلبية للعمل بالسياسة للمرأة، والتي تكرس التفرقة بين الشأن العام والشأن الخاص، وترسخ قولبة دور المرأة؛ ليقتصر على العمل الخاص المتعلق بأمور إدارة شئون المنزل وتربية الأولاد، بينما تنظر إلى إدارة الشئون العامة كاختصاص أصيل للرجل، وحرم لا يجب أن يتم التعدي عليه أو المساس به.
ومن ثم فإن على الجميع العمل من أجل قيام الأحزاب؛ بإعادة قراءة خطابها السياسي، وصياغة برامجها السياسية بمنظور يواكب حاجات المجتمع، ويجد حلولاً لمشاكله المتفاقمة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. وإعادة صياغة نظرتها لمسألة مشاركة المرأة، وفتح حوار حقيقي جاد بين الجميع للوصول إلى ميثاق شرف تلتزم به جميع الأطراف، بما يضمن، ليس فقط نزاهة العملية الانتخابية واحترام نتائجها ويضمن مبدأ تكريس التداول السلمي للسلطة، ولكن أيضًا وضع المرأة والأقباط في سلم القوائم الانتخابية لضمان التمثيل، وتشكيل جماعات ضغط - من الأقباط والمرأة - تعمل من خلال النضال السياسي، ومن خلال مؤسسات الدولة، على إعادة صياغة الأنظمة الانتخابية بما يضمن تمثيلهما.
وأخيرًا، هناك ضرورة قيام الأحزاب بإعادة صياغة أنظمتها الداخلية، بحيث تحدد آليات عملية وملزمة لانتخاب المرأة في المواقع القيادية فيها، فضلاً عن ضرورة قيام مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب بقيادة عملية تغيير ثقافي في المجتمع، مع التركيز على قطاع المرأة والشباب؛ من خلال نشر وتعزيز مفاهيم المواطنة، وما يترتب عليها من أولويات انتماء ووعي بالحقوق والواجبات.