المعجنة السائرة الدائرة – الآن – مع
تنظيم داعش فى سوريا والعراق ولبنان، تحتوى عددا من المواقف الكاشفة والهامة
أوجزها فيما يلى:
• أولا: أن هناك احتكاكا
سنيا/ سنيا يوشك على الوقوع فى شمال سوريا، وربما سوف يكون الذريعة التى ستتذرع
بها تركيا لدخول الحرب – بريا – ضد (حليفها داعش، بعدما تعرضت تركيا لضغوط غربية
كبرى وصلت إلى حد الغمز فى هوية أنقرة الأطلسية فى إطار الناتو لتمنعها وإحجامها
عن دخول الحرب ضد داعش الذى يعد أحد حلفائها السوريين (مع جبهة النصرة وأحرار
الشام) والذين أنفقت على تدريبهم وتسليحهم ودفعت بهم عبر الحدود المشتركة مع سوريا
ليقوموا باجتياح الأخضر واليابس فى سوريا، ولكن التنظيمات الإرهابية ظلت على
وفائها لرب حمايتها ورعايتها فى أنقرة، وصولا إلى الإفراج عن 46 رهينة تركية تم
أسرها فى الموصل.
ولكن
ما هو الاحتكاك الوارد حدوثه بين داعش وتركيا؟
هو
"كوبانى" أو عين العرب التركية التى يوجد جوارها ضريح سليمان شاه
"قتلمش" ووالد "أرطغل"، أبو عثمان باشا مؤسس الدولة العثمانية
عام 1299، ولقد بلغ من تقديس الأتراك لذلك المرقد أو الضريح أنهم عقدوا عام 1920
اتفاقية مع فرنسا (دولة الانتداب فى سوريا وقتها) وينص ذلك الاتفاق على تعيين
حامية تركية للضريح (داخل الاراضى السورية) مكونة من 300 جندى و12 مركبة وست
دبابات، وبلغ من ثقل وأرجحية رمزية الضريح عند الأتراك، أن أحمد داود أوغلو –
عندما كان وزيرا للخارجية – هدد بضرب داعش حليفته بالطيران، إذا نفذت وعيدها بهدم
الضريح لأنها مثل كل المتشددين ترفض الأضرحة.
• ثانيا: بات واضحا أن
المعركة مع داعش (ليست- فقط – مع قوة سنية) ولكنها ستؤدى إلى تدعيم قوة الجيش
السورى الحر، فضلا عن سنادته بالمجموعات التى تدربها أمريكا فى السعودية (5 آلاف
عنصر وإن كان رئيس الأركان المشتركة مارتن ديمبسى أعرب عن احتياجه لن يكونوا 12 -
15 ألف عنصر.
صعود
الجيش السورى الحر سوف يضعف من جانب آخر قوات نظام الأسد، وبما سيؤثر – كذلك – على
وضع حزب الله، الذى بات رقما فى معادلة الصراع منذ دخل إلى سوريا لمناصرة نظام
الأسد، ومنذ اشتبك مسلحو النصرة عند بلدة عرسال اللبنانية مع المحيط الشيعى للبلدة.
حزب
الله بدأ يتأثر – كذلك – داخل لبنان، وبالذات مع عودة رفيق الحريرى إلى لبنان منذ
أسابيع، ومنح السعودية هبة للجيش اللبنانى حجمها ثلاثة مليارات دولارات.
وهكذا
التقى على شمخانى سكرتير عام مجلس الأمن القومى الإيراني رئيس الوزراء اللبنانى
تمام سلام منذ أيام وطلب منه أن يقوم الجيش اللبنانى بإعداد قائمة بطلباته لتمولها
إيران وتزوده بها أثناء زيارة وزير الدفاع اللبنانى لإيران بعد أسابيع.
يعنى
هناك محاولة سعودية سنية لدعم القوى المدنية السنية التى تشكل الفصيل السياسى
الأكبر فى مجلس النواب وتقليص نفوذ حزب الله فى المعادلة اللبنانية عبر هبة خادم
الحرمين للجيش اللبنانى.
وهناك من الجانب الآخر محاولة إيرانية
شيعية لدعم حزب الله عبر تزويد الجيش اللبنانى بالمعدات وتمويل تسليحه.
وبعبارة أخرى فقد صار لجيش اللبنانى
مربعا تمارس فيه السعودية إيران لعبة الذراع الحديدية Bras – de – fei.
• ثالثا:
هناك قدر من الترقب عند تركيا وإيران لبعضهما البعض، رغم ما تمخضت عنه زيارة
أردوغان لطهران فى 29 يناير الفائت من محاولة راب الصدع وبناء ما تشقق بين البلدين.
وسبب
ذلك الترصد هو أن البلدين يودان السيطرة على تطورات الأمور وبالذات فى كردستان
وكركوك بالذات، فأما كركوك فهى هدف لتركيا التى تعاون الأكراد فى سرقة بترول
العراق وتنقله بواسطة شركة "بوتاس" إلى ميناء چيهان التركى أو ميناء
عسقلان الإسرائيلى.
أما فيما يخص كردستان فإن كلا البلدين
يعرف أن كردستان الكبرى عن قامت فإن ذلك سوف يكون على بعض أراضى (سوريا + العراق+
تركيا+ إيران) ومن ثم فإن ذلك المشروع الچيوسياسى سيؤثر على الأمن القومى للبلدين،
ومن هنا فإن تركيا تريد أن تكون على مقربة، وإيران تقوم – مباشرة – بتزويد الأكراد
بالسلاح، يعنى كل منهما تود تقليل خطر مشروع الأكراد عليها، وبما أدى إلى
اندفاعهما إلى تلك النقطة المرشحة لن تكون نقطة صدام سنى/ شيعى أخرى.