الأحد 06 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

فضائيات

بالفيديو.. أول خطاب للسادات في مجلس الشعب عقب نصر أكتوبر

الرئيس الراحل أنور
الرئيس الراحل أنور السادات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ألقى الرئيس الراحل أنور السادات، أول خطاب له عقب نصر أكتوبر عام 1973 أمام مجلسي الشعب والشورى في يوم الرابع عشر من أكتوبر، وكان خطابًا تاريخيًا أكد فيه أن حديثه ليس للتفاخر بالنصر وإنما للتذكر والتعلم من درس الحرب وفرحة الفوز بها بعد تذوق مرارة هزيمة سابقة لها في عام 1967.
كما أكد السادات أن هذا هو التوقيت المناسب للعمل على بناء مصر بعد استعادة أراضيها من أيدي العدو الصهيوني الذي كان يحتلها ويظن أنه لا يقهر، وهو الأمر الذي وقع عكسه دون تأثر بالهزيمة السابقة أو الحرب النفسيةالتي لعبها العدو مع الشعب المصري لإحباطه.
وفيما يلي نص الخطاب: بسم الله.. أيها الأخوة والأخوات..
كان بودي أن أجئ إليكم قبل الآن، التقي بكم وبجماهير شعبنا وامتنا، لكن مشاغلي كانت كما تعلمون وكما تريدون، واثق أنكم تقدرون وتعذرون، ومهما يكن فلقد كنت أحس بكم وبشعبنا وأمتنا معي في كل رأي وكنت أحس بكم وبشعبنا وأمتنا معي في كل قرار، كنتم جميعًا معي، فيما أخذته على مسؤوليتي تعبيرًا عن إرادة أمة، وتعبيرًا عن مصير شعب، ثم وجدت مناسبًا أن أجئ إليكم اليوم أتحدث معكم ومع جماهير شعبنا ومع شعوب أمتنا العربية وأمام عالم يهمه ما يجرى على أرضنا لأنه وثيق الصلة بأخطر قضايا الإنسانية، وهي قضية الحرب والسلام ذلك لأننا لا نعتبر نضالنا الوطني والقومي ظاهرة محلية أو إقليمية لأن المنطقة التي نعيش فيها بدورها الإستراتيجي والحضاري في القلب من العالم وفي الصميم من حركته، ولأن الحوادث كبيرة ولأن التطورات متلاحقة ولأن القرارات مصيرية فإنني أريد أن أدخل مباشرة فيما أريد أن أتحدث فيه معكم وسوف أركز على نقطتين: الحرب والسلام.

أولًا: الحرب
لست أظنكم تتوقعون مني أن أقف أمامكم لكي نتفاخر معًا ونتباهى بما حققناه في أحد عشر يومًا من أهم وأخطر، بل أعظم وأمجد أيام تاريخنا، وربما جاء يوم نجلس فيه معًا لا لكي نتفاخر ونتباهى، ولكن لكي نتذكر وندرس ونعلم أولادنا وأحفادنا جيلًا بعد جيل، قصة الكفاح ومشاقه، ومرارة الهزيمة وآلامها، وحلاوة النصر وآماله.

نعم سوف يجىء يوم نجلس فيه لنقص ونروى ماذا فعل كل منا في موقعه... وكيف حمل كل منا أمانته وأدى دوره، كيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة في فترة حالكة ساد فيها الظلام، ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق حتى تستطيع أمتهم أن تعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء.

ذلك كله سوف يجىء وقته وأظنكم توافقونني على أن لدينا اليوم من المشاغل والمهام ما يستحق أن نكرس له كل وقتنا وجهدنا، وإذا جاز لي أن أتوقف قليلًا وأنا أعلم أن بكم شوقًا إلى سماع الكثير فإني أقول ما يلي:

أولًا: فيما يتعلق بنفسي فقد حاولت أن أفي بما عاهدت الله وعاهدتكم عليه قبل ثلاث سنوات بالضبط من هذا اليوم، عاهدت الله وعاهدتكم على أن قضية تحرير التراب الوطني والقومي، هي التكليف الأول الذي حملته ولاءا لشعبنا وللأمة، عاهدت الله وعاهدتكم على أني لن أدخر جهدًا، ولن أتردد دون تضحية مهما كلفتني في سبيل أن تصل الأمة إلى وضع تكون فية قادرة على رفع إرادتها إلى مستوى أمانيها، ذلك أن اعتقادى دائمًا كان ولا يزال أن التمني بلا إرادة نوع من أحلام اليقظة، يرفض حبي وولائي لهذا الوطن أن نقع في سرابه أو في ضبابه، عاهدت الله وعاهدتكم على أن نثبت للعالم أن نكسة سنة 1967 كانت استثناء في تاريخنا وليست قاعدة وقد كنت في هذا أصدر عن إيمان بالتاريخ يستوعب (سبعة آلاف سنة من الحضارة) ويستشرف آفاقًا أعلم علم اليقين نضال شعبنا وأمتنا لبلوغها والوصول إليها وتأكيد قيمها وأحلامها العظمى، (عاهدت الله وعاهدتكم على أن جيلنا لن يسلم أعلامه إلى جيل سوف يجىء من بعده منكسة أو ذليلة، وإنما سوف نسلم أعلامنا مرتفعة هاماتها عزيزة صواريها، وقد تكون مخضبة بالدماء، ولكننا ظللنا نحتفظ برءوسنا عالية في السماء وقت أن كانت جباهنا تنزف الدم والألم والمرارة).

عاهدت الله وعاهدتكم على أن لا أتأخر عن لحظة أجدها ملائمة، ولا أتقدم عنها، لا أغامر، ولا أتلكأ، وكانت الحسابات مضنية والمسئولية فادحة، لكنني أدركت كما قلت لكم وللأمة مرارًا وتكرارًا أن ذلك قدري وأنني حملته على كتفي عاهدت الله وعاهدتكم وحاولت مخلصًا أن أفي بالوعد ملتمسًا عون الله وطالبًا ثقتكم وثقة الأمة وأني لأحمد الله.

ثانيًا: لقد كان كل شىء منوطًا بإرادة هذه الأمة، حجم هذه الإرادة وعمق هذه الإرادة وما كنا لنستطيع شيئًا وما كان أحد ليستطيع شيئًا لو لم يكن هذا الشعب، ولو لم تكن هذه الأمة لقد كان الليل طويلًا وثقيلًا ولكن الأمة لم تفقد إيمانها أبدًا بطلوع الفجر، وإني لأ قول بغير إدعاء (إن التاريخ سوف يسجل لهذه الأمة أن نكستها لم تكن سقوطًا وإنما كانت كبوة عارضة وأن حركتها لم تكن فورانًا وإنما كانت ارتفاعًا شاهقا) . لقد أعطى شعبنا جهدًا غير محدود وقدم شعبنا تضحيات غير محدودة، وأظهر شعبنا وعيًا غير محدود، وأهم من ذلك كله، أهم من الجهد والتضحيات والوعي، فإن الشعب احتفظ بإيمانه غير محدود، وكان ذلك هو الخط الفاصل بين النكسة وبين الهزيمة، ولقد كنت أحس بذلك من أول يوم تحملت فيه مسؤوليتي وقبلت راضيًا بما شاء الله أن يضعه على كاهلي، كنت أعرف أن إيمان الشعب هو القاعدة، وإذا كانت القاعدة سليمة فإن كل ما ضاع يمكن تعويضه، وكل ما تراجعنا عنه نستطيع الانطلاق إليه مرة أخرى.
وبرغم ظواهر عديدة، بعضها طبيعي وبعضها مصطنع من تأثير حرب نفسية وجهت إلينا فقد كان سؤالي لنفسي ولغيري في كل يوم يمر هل القاعدة سليمة؟.
وكنت واثقًا أنه ليس في قدرة أي حرب نفسية مهما كانت ضراوتها أن تمس صلابة هذه القاعدة. وما دامت القاعدة بخير فإن كل شىء بخير، وغير ذلك لن يكون إلاّ زوبعة في فنجان كما يقولون.