الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بأي حال عدت يا عيد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المصادفة جاءت بموعد مقالي اليوم في أول أيام عيد الأضحى ، وكان من الصعب جدًا تناول موضوعاتي المفضلة حول الأحداث الجارية سواء من أبناء داعش أو إخوتهم أبناء التنظيم الدولي للإخوان ، وكذلك يكون من الصعب الكتابة عن البرلمان القادم الذي هو موضوع الساعة في المجالس والمقاهي والغرف المغلقة.
وبعد التهنئة الواجبة وكل عام وأنتم بخير تعالوا نفكر معًا كيف يكون للعيد معنى ؟ تلك المناسبة السنوية التي يجتمع عليها المسلم والمسيحي أيضًا ، وليس غريبًا أن أكثر التهاني بالعيد تصلني من إخوتي المسيحيين شركاء الوطن ، وهنا لا أرتدي ثوب الحكيم الناصح ولكن أكتب عن مفردات اجتماعية ذبلت وفي طريقها للموت ، فحدود معرفتي هي أن المناسبات الدينية فرصة نادرة في ذلك الزمن المتسارع ليلتقي الغائبون ببعضهم ، ذلك الغياب الذي فرض الجفاء في الكثير من العلاقات العائلية ، وبالرغم من تقدم وسائل الاتصال إلا أن البعض مازال يكابر معللاً تكبره بأنه قادر على العيش وحده.
فهل جربت أن تكتب رسالة تهنئة من قلبك وترسلها لقائمة من أسماء أقاربك الذين لم ترهم منذ سنوات ، هل جربت أن ترتب للقاء عائلي موسع في البيت الأكبر لتبادل السلام والمحبة وتداول الأخبار، هل جربت أن تتخلى عن العالم الافتراضي الذي تتبادل فيه مشاعرك مع الآخرين من خلال انبوكس الفيس بوك ورسائل الايميل.
نحن في أمس الحاجة لنقول لعجلة الزمن توقفي ، عندنا أحبة نريدهم وعندنا حياة نريد أن نعيشها ، فمن العجائب التي ابتلينا بها أن يخرج الابن وهو لا يعرف عن أبناء عمومته شيئاً ، يسمع فقط عن أسماء وهمية قريبة له وهو لا يعرف ملامحها ، لم يشتبك معهم في حوار مباشر ، لم تنتقل له خبرة من سبقوه ، صارت حياتنا جافة وبلا معنى وبلا قيمة ، وجاء العيد ليفك لك شفرة عذاب الأرصفة الجافة سعيًا وراء لقمة العيش.
تعالوا ننتهزها فرصة لنبدأ من جديد ، أبرياء كما ولدنا ، متسامحين كما نزعم ، وفي ظني أن هذا البناء لا يقل أهمية عن نظريات الكتب التي صدعت أدمغتنا عن التقدم والإنسانية ، فأنت كاذب إذا أقنعت نفسك بأنك مناضل من أجل الإنسانية جمعاء ونسيت أهلك.
أعرف تجارب مريرة لأطراف متعددة ، من سرقتهم العاصمة وماتوا فرادى ، ومن كان في أمس الحاجة لقريبة الذي يتصدر الشاشات والمظاهرات والجرائد ولم يجده بجانبه ، لذلك لابد من الاعتراف بأن كل الانجازات التي يرى الفرد أنه انجزها وحده ، هي انجازات وهمية ، وبدون التصالح مع النفس ومع الأهل والأقارب والأصدقاء ، لا يمكن الالتفات لأي إنجاز مهما بدا في نظر صاحبه أنه عبقري.
كتب كثيرون قبلي في هذا الموضوع ، أكدوا عليه دينيًا واجتماعيًا ، وقال عنه خبراء علم النفس أنه علاج حاسم في ذلك الزمن المعتل ، نقرأ ونقتنع وننسى ، يأخذنا الغرور نحو المجهول ، المجهول الذي يأتي بسرعة مباغتة ، ولا تستطع وقتها تعويض ما فات ، لأن الفرصة قد ضاعت.
أعرف أن كلامي على غير هوى البعض ولكن هذا ما أريد قوله في هذا اليوم الذي يمنحنا فرصة الوقوف مع النفس ، ومراجعة الأولويات واقتناص السعادة ، إذا فعلنا فنحن من الرابحين ، وإذا تمادينا في غفوتنا فلا نلوم إلا أنفسنا ، وكل عام وأنتم بألف خير في حضن محبيكم وهم في أحضانكم.