تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
قام نفر من الحثالة السياسية وعملاء آخر الزمان (الذين ظهروا فى بلدنا ليختطفوا يناير 2011) بعمل اجرامى تاريخى وضعوا به أساس لسابقة فى الغوغائية والخيانة ليس لها مثيل.. واعني اقتحام مقرات امن الدولة ونهب ما تصوروه ملفاتها ووثائقها.
كان ذلك عملا دالاً على الامتلاء بالرغبة فى تدمير ركائز الدولة المصرية، وتحطيم أجهزتها السيادية، ونشر ثقافة كراهية كل ما يمت للأمن بصلة.
اليوم رأيت ذلك العمل يتكرر فى غزو الحوثيين وجماعة أنصار الله التابعة لعبد الملك الحوثى للعاصمة اليمنية صنعاء، والهجوم على المقرات الحصينة للقوات المسلحة اليمنية فى الفرقة الأولى، أو مراكز تجمعات قبائل حاشد والأحمر المقربة للرئيس السابق على عبد الله صالح.
ووسط ذلك الهياج الذى تطور من المظاهرات إلى الحصار، إلى الاجتياح المسلح، كانت وقائع قيام عناصر الحوثيين بالاشتراك مع رجال من الحرس الثورى الايرانى ومجموعات من حزب الله اللبنانى باقتحام منزلى رئيس جهاز الأمن القومى الدكتور على حسن الاحمدى، ومنزل اللواء على محسن الأحمر مستشار الرئيس للشئون العسكرية، ونهب ما فيهما من وثائقه!
لا يفعل هذا إلا العملاء والجواسيس، فإذا حاولنا إقناع أنفسنا (بصعوبة) بشرعية مطالب الحوثيين السياسية التى شملت اقتسام جزء من كعكة السلطة والحكم، فإننا لا نستطيع إقناع أنفسنا (بسهولة) بمشروعية سرقة وثائق الدولة وبالذات تلك التى لها طبيعة أمنية، وبخاصة أننا توقفنا أمام الأنباء المتواصلة والمتتالية لحصار مقر المخابرات اليمنية، ثم إطلاق سراح بعض عناصر الحرس الثورى الايرانى وحزب الله اللبنانى، وتسفير بعضهم إلى الخارج على الرغم من كونهم متهمين فى قضايا خطيرة مثل سفينة السلاح الإيرانية التى تم توقيفها وإفراغ حمولتها بواسطة الأمن اليمنى، وقد تم ترحيل العملاء المفرج عنهم إلى سلطنة عمان، فيما اندس مئات من جواسيس الحرس الثورى وحزب الله، وسط مئات الآلاف من الحوثيين المحتشدين فى صنعاء وحولها.
الخيانة- بامتياز – هى الاستيلاء على وثائق الدولة السرية، وسرعان ما جاءت عملية الاستيلاء فى إطار استحواذ على الحكم، وقيادة تغيير فى هوية المجتمع نفسه فإذا تكلمنا عن السطو على الحكم فإن الاجتياحات المسلحة للعاصمة والهجوم على مقار التجمع اليمنى من اجل الإصلاح أو جامعة الإيمان، والاقتحامات لمنازل القادة العسكريين والسياسيين، جعلت من اقتسام السلطة حلا وحيدا أمام الرئيس عبد ربه الهادى منصور الذى لا يملك سوى الانصياع له والقبول بصيغة اتفاق السلم والشراكة الذى هندسه جمال بن عمر المبعوث الاممى، والذى بموجبه أصبح للحوثيين (إلى جوار الحراك الجنوبى) نصيبين فى الجهاز التنفيذى (الحكومة) إلى جوار السلطة الحالية، وخطورة عملية الاستيلاء على الحكم تأتى من أنها – تقريبا- استنساخ لفكرة حزب الله اللبنانى بالاستيلاء على الثلث المعطل فى الحكومة والبرلمان.. يعنى القصة تبدأ بالاستيلاء – عبر القوة المسلحة – على جزء من الأرض (فى حالة الحوثيين تشمل جزءا كبيرا من شمال اليمن حتى صعدة) ثم بعد ذلك ترجمة ذلك إلى بسط السيطرة على قسم من السلطة (الحكومة)، وهكذا فعل حزب الله اللبنانى حين سيطر على الضاحية الجنوبية من بيروت وعلى جنوب لبنان ثم بعد ذلك توصل – بقوة السلاح والأمر الواقع – إلى الحصول على الثلث المعطل.
أما فيما يخص عمليات تغيير الهوية فإن مؤامرة الحوثيين امتدت لتحاول تحقيقها بسرعة، كون الحوثيون يتحركون – فى نهاية المطاف لخدمة أهداف وأغراض أجنبية ترتبط بإيران فى المقام الأول.
وضمن تغيير الهوية سعت مقدمة المجموعات المسلحة الحوثية إلى الاستيلاء على مجموعة من المساجد الشهيرة فى صنعاء مثل (الخير) و(الزهراء) و(الحمزة) و(ذو النورين) وقاموا بنشر مجموعات من المسلحين فى تلك المساجد وعزل العاملين فيها والذين تعينهم وزارة الأوقاف اليمنية.
يعنى العملية الحوثية حتى هذه المرحلة ركزت فى سرقتها للدولة على خطف الحكومة (أى العمل التنفيذى) والمساجد (أى العمل الدعوى).
كان من الممكن النظر إلى أزمة الحوثيين مع النظام الحاكم فى اليمن باعتبارها جزءا من عملية (صراع سياسى) إلا أن القرائن تشير إلى أن ما يجرى هو جزء من (غزو اجنبى).
وأحقر فصول ذلك الغزو الاجنبى هى – بالقطع – حكاية الاستيلاء على وثائق الدولة الأمنية وتسليمها – بالقطع – للإيرانيين سادة ذلك التحرك منذ البداية.
هى نفس المأساة التى جرت على الشاطئ الآخر للبحر الأحمر حين شهدت مصر عملية من ذات النوع إبان أحداث يناير 2011.