فى عام 1998 وكنت أعمل فى لندن مديرا لمكتب جريدة الأهرام، حللت ضيفا على السيد چون شيبمان المدير العام والرئيس التنفيذى للمعهد الدولى للدراسات السياسية والإستراتيجية (IISS) بمكتبه فى حى كوڤنت جاردن بلندن، ودارت بيننا مناقشة طويلة، جزء منها نشرته فى الأهرام كحوار، واستبقيت الجزء الآخر لأستخدمه كاستشهادات وإفادات فى عدد من المقالات التحليلية كنت بصدد كتابتها، وأتذكر أن قسما من تلك المناقشة دار حول الموجة الإرهابية الكبرى التى كانت مصر تتعرض لها فى التسعينيات، ووقتها ذكر السيد شيبمان عددا من التفسيرات التى تتردد حول تلك الأحداث، وعلقت فى مطلع مرافعة طويلة قائلا: "هذه آراء سياحية وليست سياسية عما يجرى فى مصر" أعنى أنها انطباعات طائرة وليست تقديرات مؤسسة على أرض الواقع أو وليدة دراسة متعمقة لعناصر ذلك الواقع.
نهايته.. أصدر المعهد الدولى للدراسات الإستراتيجية (IISS) تقريره السنوى منذ أيام، واهتممت بقراءة الأجزاء الخاصة بالشرق الأوسط ومصر، كون ذلك المعهد – مع شاتهام هاوس – هو بيت تفكير Think- Tank رئيسى تعتمد عليه الخارجية البريطانية فى بناء تقديراتها وتشكيل سياساتها، كما أنه – على المستوى العالمى – أحد المعاهد السياسية الكبرى التى تتمتع باعتبار كبير.
ووجدت تقرير (IISS) مفعما بالذى وصفته قبل ستة عشر عاما بأنه (آراء سياحية).
• فقد جاء فى ذلك التقرير (400 صفحة) "إن المواجهة مع الجهاديين التكفيريين فى سيناء سواء من تنظيم أنصار بيت المقدس أو غيرها من التنظيمات التكفيرية سوف تنتهى لصالح الجيش المصرى وقوات الشرطة، ولكن هناك مخافة من أن تتمدد تلك التنظيمات إلى الداخل المصرى"، وأرى أن ذلك التقدير هو أكذوبة كبيرة لأن التنظيمات التكفيرية تمددت من الداخل إلى سيناء وليس العكس، ومن الأسانيد التى تدعم ذلك أن محمد مرسى (أول جاسوس مصرى منتخب) هو الذى أفرج عن عدد كبير من الإرهابيين وأطلقهم ليأخذوا طريقهم إلى سيناء ويقودوا العمليات هناك ضد الأمن والجيش، ومن جهة أخرى فإن أعضاء تلك التنظيمات الذين تم تجنيدهم فى سيناء بدأوا علاقتهم بالتنظيم على ايادى أولئك القياديين الذين استوطنوا سيناء.
تتصل بذلك الملف أكذوبة أخرى ذكرها تقرير المعهد الدولى للدراسات الإستراتيجية وهى ترديد مقولة: "إن مناخ تهميش سيناء أسهم فى استشراء العنف بسبب شعور سكان سيناء بالعزلة".. والحقيقة أن تلك الجملة – أيضا – فيها قدر كبير جدا من الزيف، لأن اهالى سيناء لم يشعروا – أبدا – بالعزلة إلا بعد حملات التحريض وخلق تيارات من الوعى بثقافة الحزازات ذات الطابع العرقى، وتضمين سيناء فى سيناريو التقسيم الثلاثى الذى يضم دولة فى النوبة جنوبا، ودولة للأمازيج غربا، ودولة فى سيناء شرقا!!
• تحدث تقرير المعهد الدولى للدراسات الإستراتيجية (IISS) عن أن الرئيس السورى بشار الأسد عمد إلى تقوية داعش لضرب المعارضة الأخرى، والصحيح أن الغرب وقطر عمدا إلى تقوية داعش والمعارضة وجبهة النصرة لضرب النظام، بدليل أن قطر – وهى الوكيل السياسى لأمريكا فى نشر الفوضى والإرهاب فى المنطقة – قامت بتمويل الفصائل الثلاثة لهدف واحد هو ضرب الأسد، وإطاحة نفوذ إيران فى تلك المنطقة، والوصول إلى منفذ يتيح الوصول إلى حزب الله وتفكيكه وتدميره أو نزع سلاحه، وهو أحد الأهداف الكبرى منذ أن أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية نيتها للانسحاب من العراق.
• ذكر التقرير – كذلك – أن (جماعة أنصار بيت المقدس) ظهرت فى مصر بسبب الأوضاع التى أعقبت عملية يناير 2011، والحقيقة أن جماعة أنصار بيت المقدس وغيرها من الجماعات التكفيرية استبقت عملية يناير 2011، وأنها كانت مرصودة على المستوى الأمنى، ودارت عدة معارك ومواجهات أمنية معها، وهى – كذلك – جزء من حزام الإرهاب الكبير الذى يمتد من باكستان وأفغانستان حتى المغرب، ويضم تنظيمات القاعدة فى بلاد المغرب العربى فى الجزائر والمغرب، وأنصار الشريعة فى تونس وليبيا وبوكو حرام فى نيجيريا وشباب الإسلام فى الصومال، ثم يلتحم الحزام بداعش وجبهة النصرة فى الشام، والقاعدة وطالبان فى باكستان وأفغانستان.
• التقرير يقول أن "الأزمات المتزامنة فى أوروبا والشرق الأوسط ستكون لها عواقب طويلة الأجل ولكن الانتقال من إدارة الأزمات إلى إرساء نهج استراتيجى سيكون صعبا على القوى المحلية ذات الصلة والقوى الخارجية أيضا".
هذا الكلام يتصل بالمواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية حول أوكرانيا وعلاقتها بما يجرى فى سوريا، وهى التى قد تدفع بها أمريكا نحو الاستيلاء على أجزاء من سوريا تسهل مد خط الغاز من قطر إلى ساحل البحر المتوسط ومنه إلى أوروبا بما يقلل من أهمية الغاز الروسى كبطاقة ضغط على أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، فضلا عن ذلك فإن الاستيلاء على سوريا أو تدمير نظام الأسد سيحرم روسيا من استخدام قواعدها فى اللاذقية وطرسوس والرسو فى المياه الدافئة، حلمها منذ القيصر بطرس الأعظم وحتى الآن.
ولكن محاولة التقرير (تصعيب) الانتقال من إدارة الأزمات إلى إرساء نهج استراتيجى يرتبط – على نحو مفتعل جدا – بمصالح واشنطن فى الاحتفاظ للمنطقة بحال السيولة السياسية والأمنية حتى تطيل من أمد المواجهة وبما يحقق تنفيذ خطة أمريكا المعدلة للشرق الأوسط الأوسع وتقسيم المنطقة.
نهايته.. أصدر المعهد الدولى للدراسات الإستراتيجية (IISS) تقريره السنوى منذ أيام، واهتممت بقراءة الأجزاء الخاصة بالشرق الأوسط ومصر، كون ذلك المعهد – مع شاتهام هاوس – هو بيت تفكير Think- Tank رئيسى تعتمد عليه الخارجية البريطانية فى بناء تقديراتها وتشكيل سياساتها، كما أنه – على المستوى العالمى – أحد المعاهد السياسية الكبرى التى تتمتع باعتبار كبير.
ووجدت تقرير (IISS) مفعما بالذى وصفته قبل ستة عشر عاما بأنه (آراء سياحية).
• فقد جاء فى ذلك التقرير (400 صفحة) "إن المواجهة مع الجهاديين التكفيريين فى سيناء سواء من تنظيم أنصار بيت المقدس أو غيرها من التنظيمات التكفيرية سوف تنتهى لصالح الجيش المصرى وقوات الشرطة، ولكن هناك مخافة من أن تتمدد تلك التنظيمات إلى الداخل المصرى"، وأرى أن ذلك التقدير هو أكذوبة كبيرة لأن التنظيمات التكفيرية تمددت من الداخل إلى سيناء وليس العكس، ومن الأسانيد التى تدعم ذلك أن محمد مرسى (أول جاسوس مصرى منتخب) هو الذى أفرج عن عدد كبير من الإرهابيين وأطلقهم ليأخذوا طريقهم إلى سيناء ويقودوا العمليات هناك ضد الأمن والجيش، ومن جهة أخرى فإن أعضاء تلك التنظيمات الذين تم تجنيدهم فى سيناء بدأوا علاقتهم بالتنظيم على ايادى أولئك القياديين الذين استوطنوا سيناء.
تتصل بذلك الملف أكذوبة أخرى ذكرها تقرير المعهد الدولى للدراسات الإستراتيجية وهى ترديد مقولة: "إن مناخ تهميش سيناء أسهم فى استشراء العنف بسبب شعور سكان سيناء بالعزلة".. والحقيقة أن تلك الجملة – أيضا – فيها قدر كبير جدا من الزيف، لأن اهالى سيناء لم يشعروا – أبدا – بالعزلة إلا بعد حملات التحريض وخلق تيارات من الوعى بثقافة الحزازات ذات الطابع العرقى، وتضمين سيناء فى سيناريو التقسيم الثلاثى الذى يضم دولة فى النوبة جنوبا، ودولة للأمازيج غربا، ودولة فى سيناء شرقا!!
• تحدث تقرير المعهد الدولى للدراسات الإستراتيجية (IISS) عن أن الرئيس السورى بشار الأسد عمد إلى تقوية داعش لضرب المعارضة الأخرى، والصحيح أن الغرب وقطر عمدا إلى تقوية داعش والمعارضة وجبهة النصرة لضرب النظام، بدليل أن قطر – وهى الوكيل السياسى لأمريكا فى نشر الفوضى والإرهاب فى المنطقة – قامت بتمويل الفصائل الثلاثة لهدف واحد هو ضرب الأسد، وإطاحة نفوذ إيران فى تلك المنطقة، والوصول إلى منفذ يتيح الوصول إلى حزب الله وتفكيكه وتدميره أو نزع سلاحه، وهو أحد الأهداف الكبرى منذ أن أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية نيتها للانسحاب من العراق.
• ذكر التقرير – كذلك – أن (جماعة أنصار بيت المقدس) ظهرت فى مصر بسبب الأوضاع التى أعقبت عملية يناير 2011، والحقيقة أن جماعة أنصار بيت المقدس وغيرها من الجماعات التكفيرية استبقت عملية يناير 2011، وأنها كانت مرصودة على المستوى الأمنى، ودارت عدة معارك ومواجهات أمنية معها، وهى – كذلك – جزء من حزام الإرهاب الكبير الذى يمتد من باكستان وأفغانستان حتى المغرب، ويضم تنظيمات القاعدة فى بلاد المغرب العربى فى الجزائر والمغرب، وأنصار الشريعة فى تونس وليبيا وبوكو حرام فى نيجيريا وشباب الإسلام فى الصومال، ثم يلتحم الحزام بداعش وجبهة النصرة فى الشام، والقاعدة وطالبان فى باكستان وأفغانستان.
• التقرير يقول أن "الأزمات المتزامنة فى أوروبا والشرق الأوسط ستكون لها عواقب طويلة الأجل ولكن الانتقال من إدارة الأزمات إلى إرساء نهج استراتيجى سيكون صعبا على القوى المحلية ذات الصلة والقوى الخارجية أيضا".
هذا الكلام يتصل بالمواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية حول أوكرانيا وعلاقتها بما يجرى فى سوريا، وهى التى قد تدفع بها أمريكا نحو الاستيلاء على أجزاء من سوريا تسهل مد خط الغاز من قطر إلى ساحل البحر المتوسط ومنه إلى أوروبا بما يقلل من أهمية الغاز الروسى كبطاقة ضغط على أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، فضلا عن ذلك فإن الاستيلاء على سوريا أو تدمير نظام الأسد سيحرم روسيا من استخدام قواعدها فى اللاذقية وطرسوس والرسو فى المياه الدافئة، حلمها منذ القيصر بطرس الأعظم وحتى الآن.
ولكن محاولة التقرير (تصعيب) الانتقال من إدارة الأزمات إلى إرساء نهج استراتيجى يرتبط – على نحو مفتعل جدا – بمصالح واشنطن فى الاحتفاظ للمنطقة بحال السيولة السياسية والأمنية حتى تطيل من أمد المواجهة وبما يحقق تنفيذ خطة أمريكا المعدلة للشرق الأوسط الأوسع وتقسيم المنطقة.