كانت الجماعة الإرهابية ـ بحسب توصيف القضاء ـ والتى قفزت على الحكم لحظة هياج ثورى أسكرته مفاجأة إزاحة نظام مبارك الذى شاخ على مقاعده، كانت هى أكثر من انتبه للثقل القبطى فى الحراك الثورى المتجدد فى 30 يونيو 2013، وقبيل سقوط نظامها بأيام معدودات، الذى لم يقل فاشية عن سابقه، وقفت قياداته على منصة رابعة المغتصبة يلوحون للأقباط بسوء العاقبة إن هم استمروا فى تأييد ودعم الثورة، وعندما نجحت قوات الأمن فى فض اعتصامى رابعة والنهضة، كانت النيران فى تزامن مرتب تشتعل فى نحو 80 كنيسة ومنشأة خدمية كنسية بطول البلاد وعرضها، مدعومة بهياج من ذهب عقله من هول المفاجأة، فأعملوا السلب والنهب والتدمير، فى ممتلكات الأقباط وكنائسهم، وكان لمحافظة المنيا نصيب الأسد، حتى كادت ان تعلن منطقة منكوبة، وقد رصدها ووثقها كتاب "رحيق الاستشهاد" الذى أعده أسقف المنيا الأنبا مكاريوس، 2013.
وعلاقة أقباط المنيا بالإرهاب الأسود الذى يستهدفهم متشعبة وممتدة، يمكن أن نتتبعها فى إصدارات الكاتب والباحث سليمان شفيق، المولع بالإحصاءات والرصد المدقق، واخرها، حتى اللحظة، كتابه "الأقباط من لاهوت التحرير إلى ميدان التحرير"، 2014، ربما لأنها المحافظة التى تضم أكثر العناصر الإرهابية عنفاً، والعديد من التنظيمات السرية والمعلنة، ومنها خرجت كوادر الجماعة الإسلامية والأحزاب الاسلامية، وقيادات العنف المعروفة، من التنظير الى الفعل، وفيها تمارس شبكة من الضغوط على الأقباط تصل الى التهجير القسرى، وفرض الأتاوات، وبعضها يتم تمريره برضا الإدارة، بل بالاتفاق مع بعض مسئوليها، وانتهى الأمر إلى تعطيل القانون وتنحيته وإحلال العرف محله، بزعم تفكيك الاحتقان، ومراعاة معطيات البيئة المحلية، فيما عرف بجلسات الصلح العرفية التى هى فى حقيقتها جلسات إذعان، يجبر فيها الاقباط على قبول الصلح بشروط الخصوم، وهى ظاهرة تحتاج لتحليل وتفكيك وعلاج حاسم ومحاسبة تعيد للدولة هيبتها وعنوانها "سيادة القانون".
على أن ظاهرة جديدة اقتحمت ملف استهداف الأقباط بلغت ذروتها سنوات (2010 ـ 2013) وهى استهداف نساء الأقباط، بشكل ممنهج ومرتب، باستغلال اختلالات تعترى بعض الأسر، فتدفع العناصر المتربصة بواحد من أعضائها ليلقى بشباكه على الضحية حتى ترتبط به عاطفياً فتهجر اسرتها ودينها، ويفضل أن تكون ذات صلة بأحد العاملين فى الكنيسة، وعندما يتحرك أهلها بحثا عنها تتوالى ردود الأفعال فى تصاعد مريب، ينتهى إلى محاصرة أهلها وتهديدهم، لتنفجر الأجواء التى يطلق عليها زوراً "فتنة طائفية"، وفى الحالات التى تنجح جهود اعادتها، تثور ثائرة المتربصين، حتى إن بعضهم، أعلن عن تشكيل ائتلاف دعم المسلمين الجدد، يقوده أحد كوادر الجماعة الإرهابية، ويجد مكاناً دواراً فى الفضائيات للتبشير بمهمته، حتى سقط اخيراً مع نظامه بعد اشتراكه العنفى التحريضى ضد الوطن فى اعتصام رابعة الانفصالى.
اللافت هو عودة نشاط هذه العناصر مجدداً، وايضاً فى محافظة المنيا المنكوبة، وفى اجواء مختلفة تحت تأثير الإنفلات الأمنى، وعشوائية ردود الفعل، يخرج شباب القرية، جبل الطير، ليعلنوا احتجاجهم، أمام المحافظة ومديرية الأمن، ويعتدوا فى تصعيد يحتاج الى فهم ملابساته، على سيارات الأمن ويتلفوها، وكان من الطبيعى أن يتم القبض عليهم وملاحقتهم وفق ضوابط الإجراءات القانونية، لكن ما حدث على ارض الواقع يجب أن يوضع على مكاتب وزيرى الداخلية والعدل والنائب العام، وإن لم يلتفتوا إليه فليجد طريقه الى مكتب رئيس الدولة.
فبحسب ما حملته لنا شاشات الفضائيات المصرية، وبرامج التوك شو، من خلال استغاثات اهل القرية، جردت مديرية أمن المنيا تجريدة حربية لمهاجمة واقتحام بيوت قرية "جبل الطير" واشبعوها اعتداء وتحطيماً وسب ساكنيها، وإفادات المجنى عليهم أوردتها تلك البرامج صوتا وصورة، وبحسب توصيف ورد فى تقرير أحد المراقبين فإن ما حدث "عقاب جماعي من الشرطة لأقباط جبل الطير بسمالوط شمال محافظة المنيا"، وتحتاج انفعالات عناصر التجريدة الى تحليل سيكولوجى، فمازالوا ينعتون الأقباط بالكفرة، ويهددونهم بالترحيل، وسوء العاقبة، لنجد أنفسنا مجدداً أمام نفس صلف وغباء وعنصرية ما قبل 25 يناير و30 يونيو، وأمام اختراقات طائفية لمؤسسة تقوم على الحيادية والالتزام بالقانون، والخضوع له، وننتظر تحقيقا شفافا وحاسما مع كل من ثبت تورطه، وإعمال قانون العقوبات معهم، إذا كنا جادين فى تأكيد دولة القانون ودولة المواطنة.
ولا أظننا بحاجة الى اعتذارات او تبريرات او القاء الكرة فى ملعب المتطرفين، أو الإحالة الى ردود فعل بعض من شباب القرية كمبرر لغضب الإدارة ورجالها.
علينا أن نتوقف كثيراً أمام توقيت الأحداث، فهى تندلع قبل أيام من زيارة الرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، والتى تؤكد اعتراف العالم بشرعية النظام الحاكم بمصر، وبثورة 30 يونيو، وتحظى بتأييد المصريين المقيمين هناك، وبدعم واضح من الأقباط على مختلف توجهاتهم، فهل يراد بها تفكيك حالة الإلتفاف والدعم التى يحظى بها الرئيس؟، هل يراد بها خلق حالة من التوتر بين صفوف الأقباط المحتشدين أمام مقر الأمم المتحدة، فيندس بينهم من عناصر الجماعة الإرهابية من يرفع لافتات تندد باستهداف أقباط المنيا؟، لتدور ماكينة الإعلام الغربى والقطرى والتركى المتربص لحسابهم فيقيموا المآتم عليها؟، هل قصد منها اضعاف الموقف التفاوضى المصرى مع الولايات المتحدة لحساب الجماعة الارهابية؟، هل قصد بها خلخلة الاندماج الوطنى للقفز مجدداً على الثورة كما حدث قبلاً؟.
ما حدث وهو مرتب بحنكة ترقى إلى مستوى احترافى، يتجاوز قدرات الأفراد، تبدو معه الأمور وكأنها تلقائية وأنها صدام بين الأمن والأقباط، هو أمر موجه للدولة ولنظام 30 يونيو عبر الأقباط، كما كان يتبع قبلاً مع السادات ومبارك فى اغلب الاحداث الارهابية الاجرامية التى شهدتها مصر منذ 1972 وحتى أحداث القديسين مع بواكير عام 2011.
انتبهوا ايها السادة لن تزيد هذه الأعمال الإجرامية الأقباط إلا إصراراً على تمسكهم بوطنهم ووطنيتهم، ويبقى انها أحداث كشفت عورات كل الأطراف، وعليها ان تملك شجاعة مراجعة واقعها وضبطه على بوصلة مهامها وهدفها، الدولة الأمن الإدارة المحلية والكنيسة.
وعلاقة أقباط المنيا بالإرهاب الأسود الذى يستهدفهم متشعبة وممتدة، يمكن أن نتتبعها فى إصدارات الكاتب والباحث سليمان شفيق، المولع بالإحصاءات والرصد المدقق، واخرها، حتى اللحظة، كتابه "الأقباط من لاهوت التحرير إلى ميدان التحرير"، 2014، ربما لأنها المحافظة التى تضم أكثر العناصر الإرهابية عنفاً، والعديد من التنظيمات السرية والمعلنة، ومنها خرجت كوادر الجماعة الإسلامية والأحزاب الاسلامية، وقيادات العنف المعروفة، من التنظير الى الفعل، وفيها تمارس شبكة من الضغوط على الأقباط تصل الى التهجير القسرى، وفرض الأتاوات، وبعضها يتم تمريره برضا الإدارة، بل بالاتفاق مع بعض مسئوليها، وانتهى الأمر إلى تعطيل القانون وتنحيته وإحلال العرف محله، بزعم تفكيك الاحتقان، ومراعاة معطيات البيئة المحلية، فيما عرف بجلسات الصلح العرفية التى هى فى حقيقتها جلسات إذعان، يجبر فيها الاقباط على قبول الصلح بشروط الخصوم، وهى ظاهرة تحتاج لتحليل وتفكيك وعلاج حاسم ومحاسبة تعيد للدولة هيبتها وعنوانها "سيادة القانون".
على أن ظاهرة جديدة اقتحمت ملف استهداف الأقباط بلغت ذروتها سنوات (2010 ـ 2013) وهى استهداف نساء الأقباط، بشكل ممنهج ومرتب، باستغلال اختلالات تعترى بعض الأسر، فتدفع العناصر المتربصة بواحد من أعضائها ليلقى بشباكه على الضحية حتى ترتبط به عاطفياً فتهجر اسرتها ودينها، ويفضل أن تكون ذات صلة بأحد العاملين فى الكنيسة، وعندما يتحرك أهلها بحثا عنها تتوالى ردود الأفعال فى تصاعد مريب، ينتهى إلى محاصرة أهلها وتهديدهم، لتنفجر الأجواء التى يطلق عليها زوراً "فتنة طائفية"، وفى الحالات التى تنجح جهود اعادتها، تثور ثائرة المتربصين، حتى إن بعضهم، أعلن عن تشكيل ائتلاف دعم المسلمين الجدد، يقوده أحد كوادر الجماعة الإرهابية، ويجد مكاناً دواراً فى الفضائيات للتبشير بمهمته، حتى سقط اخيراً مع نظامه بعد اشتراكه العنفى التحريضى ضد الوطن فى اعتصام رابعة الانفصالى.
اللافت هو عودة نشاط هذه العناصر مجدداً، وايضاً فى محافظة المنيا المنكوبة، وفى اجواء مختلفة تحت تأثير الإنفلات الأمنى، وعشوائية ردود الفعل، يخرج شباب القرية، جبل الطير، ليعلنوا احتجاجهم، أمام المحافظة ومديرية الأمن، ويعتدوا فى تصعيد يحتاج الى فهم ملابساته، على سيارات الأمن ويتلفوها، وكان من الطبيعى أن يتم القبض عليهم وملاحقتهم وفق ضوابط الإجراءات القانونية، لكن ما حدث على ارض الواقع يجب أن يوضع على مكاتب وزيرى الداخلية والعدل والنائب العام، وإن لم يلتفتوا إليه فليجد طريقه الى مكتب رئيس الدولة.
فبحسب ما حملته لنا شاشات الفضائيات المصرية، وبرامج التوك شو، من خلال استغاثات اهل القرية، جردت مديرية أمن المنيا تجريدة حربية لمهاجمة واقتحام بيوت قرية "جبل الطير" واشبعوها اعتداء وتحطيماً وسب ساكنيها، وإفادات المجنى عليهم أوردتها تلك البرامج صوتا وصورة، وبحسب توصيف ورد فى تقرير أحد المراقبين فإن ما حدث "عقاب جماعي من الشرطة لأقباط جبل الطير بسمالوط شمال محافظة المنيا"، وتحتاج انفعالات عناصر التجريدة الى تحليل سيكولوجى، فمازالوا ينعتون الأقباط بالكفرة، ويهددونهم بالترحيل، وسوء العاقبة، لنجد أنفسنا مجدداً أمام نفس صلف وغباء وعنصرية ما قبل 25 يناير و30 يونيو، وأمام اختراقات طائفية لمؤسسة تقوم على الحيادية والالتزام بالقانون، والخضوع له، وننتظر تحقيقا شفافا وحاسما مع كل من ثبت تورطه، وإعمال قانون العقوبات معهم، إذا كنا جادين فى تأكيد دولة القانون ودولة المواطنة.
ولا أظننا بحاجة الى اعتذارات او تبريرات او القاء الكرة فى ملعب المتطرفين، أو الإحالة الى ردود فعل بعض من شباب القرية كمبرر لغضب الإدارة ورجالها.
علينا أن نتوقف كثيراً أمام توقيت الأحداث، فهى تندلع قبل أيام من زيارة الرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، والتى تؤكد اعتراف العالم بشرعية النظام الحاكم بمصر، وبثورة 30 يونيو، وتحظى بتأييد المصريين المقيمين هناك، وبدعم واضح من الأقباط على مختلف توجهاتهم، فهل يراد بها تفكيك حالة الإلتفاف والدعم التى يحظى بها الرئيس؟، هل يراد بها خلق حالة من التوتر بين صفوف الأقباط المحتشدين أمام مقر الأمم المتحدة، فيندس بينهم من عناصر الجماعة الإرهابية من يرفع لافتات تندد باستهداف أقباط المنيا؟، لتدور ماكينة الإعلام الغربى والقطرى والتركى المتربص لحسابهم فيقيموا المآتم عليها؟، هل قصد منها اضعاف الموقف التفاوضى المصرى مع الولايات المتحدة لحساب الجماعة الارهابية؟، هل قصد بها خلخلة الاندماج الوطنى للقفز مجدداً على الثورة كما حدث قبلاً؟.
ما حدث وهو مرتب بحنكة ترقى إلى مستوى احترافى، يتجاوز قدرات الأفراد، تبدو معه الأمور وكأنها تلقائية وأنها صدام بين الأمن والأقباط، هو أمر موجه للدولة ولنظام 30 يونيو عبر الأقباط، كما كان يتبع قبلاً مع السادات ومبارك فى اغلب الاحداث الارهابية الاجرامية التى شهدتها مصر منذ 1972 وحتى أحداث القديسين مع بواكير عام 2011.
انتبهوا ايها السادة لن تزيد هذه الأعمال الإجرامية الأقباط إلا إصراراً على تمسكهم بوطنهم ووطنيتهم، ويبقى انها أحداث كشفت عورات كل الأطراف، وعليها ان تملك شجاعة مراجعة واقعها وضبطه على بوصلة مهامها وهدفها، الدولة الأمن الإدارة المحلية والكنيسة.