الأربعاء 19 مارس 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

مستقبل الجماعة المسلمين (1- 5)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لقد حافظت جماعة الإخوان المسلمين على وجودها التنظيمي منذ تأسيسها في عام 1928 على يد الشيخ الراحل حسن البنا، حيث تمكنت خلال ما يقرب من ثمانية عقود من البقاء كحركة دعوية ذات طابع ديني، وكتنظيم سياسي واجتماعي، أعطاها عناصر للقوة والتمايز مقارنة بالقوى السياسية الأخرى، وأحيانًا عوامل ضعف وترهل، إن رحلة تنظيم الإخوان المسلمين هي أيضًا رحلة مع النظم السياسية المصرية، فالإخوان نشأوا كتنظيم في ظل الملكية والحقبة شبه الليبرالية، واصطدموا بالسلطة الناصرية وتعايشوا مع نظام السادات، وتأرجحوا في علاقاتهم بالرئيس مبارك، وإن ظلت قائمة على الاستبعاد الجزئي لا الشامل كما حدث في عهد الرئيس عبدالناصر.
وبقيت الجماعة محظورة معظم تاريخها، وتحديدًا منذ عام 1954 وحتى 25 يناير 2011، أي منذ ما يزيد عن نصف قرن، وبعد تولي الجماعة سدة الحكم عقب ثورة 25 يناير، استطاعت جماعة الإخوان المسلمين أن تكتسب عداء الشعب المصري في أقل من عام، ما جعله ينتفض ضدها ليعدل مسار ثورته التي قام بها في 25 يناير 2011. وبذلك تكون الثورة المصرية هي الأولى من نوعها التي يستطيع من قاموا بها في استردادها مرة أخرى من من سرقوها.
وثمة جملة من العوامل على الصعيد الداخلي والخارجي أدت إلى الانتفاضة الشعبية ضد جماعة الإخوان والدكتور محمد مرسي، والتي أجبرته على تخليه عن الحكم.
أولاً- على الصعيد الداخلي : في الواقع برزت على السطح ـ في مرحلة ما بعد 25 يناير ـ مشكلة مهمة، تتمثل في أن الذين فجروا الثورة لم يتسلموا الحكم، وعمل الإخوان على تقليم أظفارهم من خلال تقليص دورهم تدريجيًا وتشويه سمعتهم، واختراق كل الحركات الشبابية والثورية التي نشأت قبل وبعد ثورة 25 يناير، ومن ثم، فقد وقعت الجماعة والرئيس في الأخطاء التالية:
1- رفع سقف ثورة التوقعات لدى عموم الشعب المصري من خلال البرنامج الانتخابي لحزب الحرية والعدالة في الانتخابات البرلمانية والرئاسة، وبدلاً من الاعتراف بالفشل في تحقيق هذا البرنامج بدأ يتحدث هو وجماعته بالأرقام عن نجاحه في تحقيق هذا البرنامج المعلن، وكأن عموم المصريين يعيشون في بلد آخر، وهو ما ذكرهم بأرقام أحمد عز ونظيف عن الوضع الاقتصادي المصري.
2- الاستمرار في إتباع السياسات “,”النيو ليبرالية“,” التي كان يتبعها الحزب الوطني والتصالح مع رجال أعماله. وفي الوقت ذاته إتباع سياسة العزل والإقصاء مع قواعده وتقنين ذلك، والعمل على “,”دستارتها“,” في الدستور الجديد، ونست الجماعة والرئيس العدالة الانتقالية التي تحدث عنها الجميع، أو إتباع سياسات اقتصادية اجتماعية لتقليل الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
3- حالة الاستعلاء والاستعداء من قبل كل قيادات الجماعة وحزب الحرية والعدالة ليس فقط مع المختلفين معهم في التوجه السياسي والديني، ولكن مع من ساندوهم، بل عملت الجماعة وحزب الحرية والعدالة على تشتيت وتشرذم حزب النور والدعوة السلفية إلى عدة أحزاب - وهو ما نجحت فيه بالفعل- بعدما اكتسب شعبية كبيرة، وأثبت بأنه من الممكن أن يكون بديلاً للحرية والعدالة في الحكم.
4- استدعاء الديني إلى ما هو سياسي ومدني ، وبرزت بوضوح إشكالية الفصل بين الدين والسياسة كإحدى الإشكاليات الكبرى في هذه المرحلة، وكان واضحًا تمامًا بأن الجماعة تريد أن تحكم سيطرتها على كل الفصائل الإسلامية بتصوير المشهد بأن صراعًا ضد التجربة الإسلامية، وليس صراعًا على أهداف ومبادئ ثورة عظيمة لم تستطع الجماعة أن تفي بها، أو أن يكون لديها القدرة على الاستجابة إلى متطلبات وأهداف هذه الثورة.
5- الصراع مع مؤسسات الدولة ، وفي الحقيقة لقي الأزهر وشيخه الجليل الكثير من سهام الإخوان والجماعات السلفية المتشددة التي حاولت السيطرة على الأزهر ومشايخه وترويضهم إلى مشروعهم الخاص، أما الكنيسة فلم تكن أقل من الأزهر في الصراع مع الإخوان وشيوخ الجماعة الإسلامية التي حاولت تصوير المظاهرات والمليونيات التي خرجت ضد جماعة الإخوان من الأقباط والصليبيين التي لا تريد خيرًا للمشروع الإسلامي.
6- غياب الحوار الوطني ، حيث أطلق الدكتور مرسي دعوات في الهواء الطلق للحوار، دعا فيه كل أحزاب الموالاة وأبناء جلدته فقط من الأحزاب ذات المرجعية الدينية، وبعض الطامعين في مناصب أو مشاركة شكلية من الأحزاب التي لا يوجد لها قواعد حقيقية في الشارع السياسي، وهو ما رفضته قوى المعارضة الحقيقية، لأن الرئيس والجماعة لم يتحدثا مطلقًا عن قواعد هذا الحوار وشروطه، أو الأهداف التي يجب أن يصل إليها الحوار، وتمثل الهدف من الدعوات المتكررة في “,”شيطنة المعارضة“,” التي تقف حائلاً امام المشروع الإسلامي، وإحراجها أمام العالم، وأبرز أن المعارضة هي التي لا تريد استقرار البلاد، وليس النظام .