تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
بدا باهتاً في حواره، غامضاً في إجاباته، فاتراً في ردوده عاد من حيث بدأ مع السادات وانتهت العلاقة إلى " خريف الغضب" الذي عاشه هيكل.. كراهية سياسية من طرف واحد من رجل يفرض وصايته على الرؤساء شاهراً في وجوههم سيف الخمسينات والستينات تلك السنوات التي تقلد فيها حفنة من المناصب "الإعلام والخارجية ومؤسسة الأهرام".
مثل وحوش أفلام الرعب يطل علينا هيكل وحش من الماضي يقدم نفسه للرئيس قبل الرأي العام يتقرب إلى السلطة ويطرق أبوابها من برنامج فضائي - نفس الأسلوب الذي اتبعه مع الرئيس مبارك عندما أرسل إليه ثلاث رسائل لم يلتفت إليها مبارك فصار لدى الكاتب الواصي احتقانا مزمناً ضد مبارك ونظامه .. لا فرق في الزمن ولا الظروف ولا الملابسات حتى النصيحة نفسها لم تختلف.. هيكل مبارك - هو نفسه هيكل السيسي كما جلس إلى مرسي وقيادات الجماعة .. لابد من إصلاح مؤسسة الرئاسة وهناك صراع على الرئيس بين الأجهزة، هذه هي نصيحة هيكل المتكررة، هو مشغول وشغوف بمؤسسة الرئاسة ويخبرنا أنه جلس مع الرئيس ثلاث ساعات - وهو هنا ينفي عن نفسه "لست ناصحاً للرئيس لا سمح الله".. أما كنت مجتمعاً مع رأس الدولة لماذا لم تقل له آراءك التي خرجت بها علينا وإذا كنت قلتها فلماذا تعلنها في برنامج تليفزيوني هل تريد من الجمهور أن يكونوا شهوداً على نصائحك التي لا تنتهي لإصلاح حال البلاد وشهوداً على الرئيس نفسه ؟!
المفارقة أن هيكل منذ أعلن "استئذان الانصراف" في سبتمبر 2003 وهو أكثر حضوراً واختار الجزيرة منبراً ليعظنا ويحاضرنا منها وصدرت مجلة "وجهة نظر" لصاحبها إبراهيم المعلم ليتصدر مقال هيكل افتتاحيتها .. الآن أصبح مقرراً علينا ظهور الأستاذ في سي بي سي "مصر أين .. مصر إلى أين" ليفاجئنا أنه قام بجولة لمدة شهرين بين العواصم الأوروبية ليعود لنا بالخبطة الصحفية "هناك من يتربص بمصر والرئيس" طبعاً هذا كلام مهم ولكنه لا يحتاج أياما وليالي في أوروبا بل إن أصغر طفل في ناهيا أو كرداسة أو زفتى وميت غمر يدرك هذه الحقيقة.
هيكل نفى عن نفسه أنه رجل لكل العصور ولا يرى في نفسه "المستشار الأول" للرئيس.. ولكن هذا لا يعني أن يصمت الرجل فلديه ملاحظات على الأداء العام للحكومة ولديه سياسات وآراء وخريطة يجب أن يلتزم بها النظام حتى لا تتآكل شعبيته، وأنه لا يرى حتى اللحظة ملامح للنظام أو ملامح يقيم بها أداء الرئيس أو الحكم عليه !!
لم يفت هيكل أن يدق أسفيناً في قرار تقسيم المحافظات وأن قرار "حفر قناة السويس الجديدة" هو فكرة هشام رامز محافظ البنك المركزي.
الأهم والأخطر فيما قاله "الأستاذ المنصرف الممنوع من الصرف" هجومه على قانون التظاهر الذي أصدره الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور وأنه لا مبرر لإصدار مثل هذا القانون .. وانضم الأستاذ إلى طابور من يهاجمون قانون التظاهر - وأنا هنا لا أدافع عن القانون - ولكن يبدو أن هناك الكثير فات الأستاذ أثناء جولته الأوروبية وأن مياه سياسية وقانونية كثيرة جرت خلال الأيام الماضية ليس آخرها أن المجلس القومي لحقوق الإنسان اجتمع مع وزير العدالة الانتقالية لإصلاح بعض بنود القانون محل الجدل والخلاف.
المزعج في كلام الأستاذ أنه يتحدث عن تربص الخارج بمصر والرئيس وأنه جلس مع الرئيس فور عودته .. ما يفعله لا ينطبق عليه إلا مفهوم الأسافين يدقها بين النظام والشعب.